نشر بتاريخ: 20/08/2018 ( آخر تحديث: 20/08/2018 الساعة: 16:40 )
الكاتب: عوني المشني
اسرائيل ومن اعلى المستويات تشن حملة مبرمجة ومتواصلة ضد رئيس حزب العمل البريطاني جيرمي كوربين، تنبش في التاريخ لتبحث عن اي شيء لتستخدمه ضده، تبحث عن اي تصريح له او تغريدة لتتهمه انه شخص معادٍ للسامية، ويتزعم في هذه الحملة التي تضم سياسيين وصحافيين وكتاب رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو نفسه، وفِي ظل حمى الانتخابات البريطانية التي تقترب رويدا رويدا فان المحافظين البريطانيين يتقاطعون والى حد كبير في هجومهم على جيرمي كوربين مع الصهيونية العالمية سواء داخل بريطانيا او خارجها لتصبح الحملة ضد هذا الرجل خطيرة.
السؤال : لماذا تستعر الحملة ضد هذا الرجل الى حد الهوس ؟؟؟ ما اهمية ان ينجح جيرمي في الانتخابات البريطانية ؟؟؟ ما هو الدور الذي يمكن ان يلعبه الفلسطينيين والعرب في إنجاحه ؟؟؟
معروف جيدا ان التحولات في الشارع الاوروبي ضد النظام العنصري الاسرائيلي وسياسات القتل والاضطهاد واستمرار الاحتلال التي تمارسها اسرائيل تتسع لتصل الى مستويات غير مسبوقة، وأصبح في حكم المؤكد ان اسرائيل تفقد الشارع الشعبي في أوروبا، لكن حتى اللحظة لم ينعكس هذا الوضع على المستوى السياسي الرسمي الاوروبي، فالسياسات الرسمية الاوروبية ما زالت اولا تدور في الفلك الامريكي ومؤيدة نسبيا لاسرائيل وصامتة الى حد التواطؤ مع جرائمها وعنصريتها، نجاح جيرمي في قيادة حزب العمل البريطاني، هذا الحزب المهم والذي يتبادل الحكم في بريطانيا مع حزب المحافظين منذ عشرات السنوات يعتبر تحول استراتيجي ينقل التحولات الشعبية المناهضة للسياسات العنصرية الاسرائيلية من المستوى الشعبي الى المستوى الرسمية وبالأخذ بالاعتبار اهمية بريطانيا القصوى في تاريخ ايجاد اسرائيل اولا وفِي قيادة السياسات الاوروبية تاريخيا فان نجاح حزب العمل في الانتخابات البريطانية القريبة وبقيادة جيرمي كوربين فان معطى تحول استراتيجي في السياسات الأوربية الرسمية قد بدأ ، هذا المعطى هو الادانة وعدم الصمت عن سياسات اسرائيل العنصرية والعدوانية. من هنا يمكن رؤية المعركة الشرسة التي تشنها اسرائيل ومعها يتجند كل اقطاب الصهيونية العالمية ضد كوربين.
الأهمية في نجاح كوربين تكمن في اعطائه الفرصة ليقود التحولات التحولات الشعبية المناهضة للسياسات العنصرية الاسرائيلية الى سياسات رسمية تترك اثارها في العلاقات الدولية، مثلما حصل في جنوب افريقيا، هذا على مستوى بريطانيا، وثانيا على مستوى اوروبا فان نجاح كوربين سيجعله يغور وبشكل ملموس من السياسات الاوروبية التقليدية اتجاه النظام العنصري الاسرائيلي وهذا يشجع كثيرا التحولات المهمة التي بدأت في السويد وإيرلندا وكثيرا من دول اوروبا.
ماذا يستطيع الفلسطينيون بشكل خاص والعرب عموما ان يعملوا ؟؟؟ معروف ان اكثر من خمسة بالمائة من سكان بريطانيا مسلمون، لو تجند لوبي عربي إسلامي في بريطانيا للتصويت لصالح حزب العمل بقيادة جيرمي كوربين فان ذلك سيترك اثرا واضحا ومهما على نتاج الانتخابات، ايضا فان نشاطات سياسية تتبنى وجهة نظر جيرمي كوربين من السياسات الاسرائيلة العنصرية تشجعه شخصيا على المضي قدما وعدم الرضوخ امام الضغوطات ، ان بيان ثمانون منظمة بريطانية ترفض التعريف الرسمي لمعاداة السامية والذي يخلط بين معاداة السامية وانتقاد سياسات اسرائيل العنصرية يشكل نشاطا جيد ان تكون مثله عشرات النشاطات، هذا جهد في الاتجاه الصحيح ويساعد على الشب عن طوَّق السياسات التقليدية التي صمتت دهرا عن جرائم اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
نجاح جيرمي معركة حقيقية، معركة الحرية والعدالة في العالم، معركة على تغيير حقيقي في السياسات الاوروبية، ونستطيع المساهمة بها.