نشر بتاريخ: 26/08/2018 ( آخر تحديث: 26/08/2018 الساعة: 18:19 )
الكاتب: ياسر المصري
ليس غريبا او خافيا على احد من ان حماس متأثرة ومرتبطة اكثر من اي فصيل فلسطيني بالقوى الاقليمية وصراعاتها وكذلك بان حماس تخوض منذ ان قامت بالانقلاب في قطاع غزة صراعات ما بين تياراتها الداخلية المرتبطة والمتعددة الارتباط بالاقليم ما يجعل الساحة الفلسطينة يتعمق بها أتون الصراع والانقسام يوما بعد يوم وهذا ما يجعل هذه الساحة تمر بأسوأ التعقيدات عبر ترامي المصالح الاقليمية على حساب القضية الجوهرية والأساس(القضية الفلسطينية) ومن ابعاد هذا الترامي ما يفرض من ضرورات الحاجة والواجب لاعادة الاعتبار للوطنية الفلسطينية كسبيل لتقليص اثر ترامي المصالح على حساب القضية الأساس وهذا في واجبه عدم الالتفات لتكريس مكاسب سياسية واهية على حساب هذا الوطنية التي في أصلها حامية وجامعة.
وقد كان في شكل الإرتباط القطري الحمساوي ، هو ذلك الهدف الذي أوكل لقطر من إنجازه قبل سنوات طويلة بإخراج حماس من الحلف السوري الإيراني وجذبها نحو الحلف القطري التركي الداعم والراعي للأخوان المسلمين في المنطقة ، وتأتي هذه الرعاية بعد القرار الأمريكي بالإعتماد على هذه الجماعة(الأخوان المسلمين) لزعزعة أنظمة الحكم في بعض دول المنطقة (فلسطين ، مصر ، سوريا ، ليبيا) ، وحين قامت حماس بالإنقلاب في قطاع غزة قدمت لها تركيا وقطر كل ممكن من أجل تثبيت هذا الإنقسام ورعايته ، وحتى الأن لم تتخلى قطر وتركيا عن هذا الدور .
وقد يكون من نتائج إرتباط حماس بقطر وتركيا ، هو ما قامت به من الإنقلاب على سوريا (الحليف العميق ) في بدايات الحرب التي شنت على وفي سوريا ، واليوم وحماس تمضي للإتفاق مع دولة الإحتلال ، فإنها بذلك كانت وستكون مرتبطة بعدة مؤثرات داخلية خارجية على مستوى الإقليم وأبعاد ترامي المصالح الإقليمية وإمتداداتها ومن هذه المؤثرات :
1- أن قطر تحاول ومن ضمن محاولاتها العديدة لأن تبقى قريبة من القرار الأمريكي الإسرائيلي ، وذلك للتقليل من تأثيرات السياسة السعودية الإماراتية نحوها ، فدورها في دعم ما يسمى الربيع العربي لكل الجماعات المسلحة وكذلك تمويلها لتدمير وقتل الشعب السوري لم يشفع لها أمام السعودية والإمارات ولم يجنبها كل هذا الدور ما واجهته من قبل السياسة السعودية الجديدة ، ولعل تصريح وزير خارجيتها الأسبق في أكتوبر 2017 كان القصد منه أن ما قامت به وتقوم به قطر ليس إلا دور يوكل لها على صعيد المنطقة ، وقد يكون هذا في بعض حالته ما يعزز من تقاطع المصالح والدور مع تركيا ، فكل السلاح والمال القطري لتمويل الجماعات المسلحة بسوريا تم من خلال تركيا وعبر إشراف وقرار أمريكي (بحسب تصريحات حمد بن جاسم) ، فقطر اليوم تحاول أن تمسك أكثر بالورقة الفلسطينية(حماس) لتدلل على مكانتها في المنطقة وفق الرؤية الأمريكية لمواجهة السياسة السعودية الإماراتية نحوها ، ومن هنا بذلت وتبذل كل مستطاع لوضع المصلحة الإسرائيلية الأمريكية من صيغة إخراج القطاع من معادلة الصراع مع دولة الإحتلال عبر ما يسمى الهدنة ، والتي كانت تطالب بها حماس منذ بداية الإنتفاضة الأولى.
2- كذلك ما تتقاسمه تركيا مع قطر في التأثير على حماس ، فإن تركيا تسعى لأن تستعيد وتعزز من دورها بعد الإنتكاسة والخسارة على الساحة السورية ، وما تأتي به الإجراءات الإمريكية بحق تركيا ليس إلا لجعل تركيا تجلس إلى طاولة الحوار الأمريكي وفق الشروط الأمريكية ، خصوصا أن السياسة الترامبية(نسبة للرئيس الأمريكي ترامب) تقوم على أساس التصعيد والضغط ومن ثم الجلوس للحوار والتفاوض ، ولعل أغلى وأهم الأوراق التي يمكن لتركيا ان تعرضها هو في الملف الفلسطيني ، فالخلافات الأمريكية التركية قديمة وأصيلة وتتعلق بملفات متعددة منها العلاقة مع الأكراد والنفوذ التركي في بحر إيجه وفتح الله غولن وقد يكون الأخطر والأهم في ملفات الخلاف هو شراء تركيا لمنظومة الدفاع الجوي الروسية s-400 ، وأثر ذلك على السلاح الأمريكي خصوصا ان تركيا عضو في حلف الناتو وبذلك فإنها تكون كأحد أعضاء هذا الحلف الذي يسلم صراحة وسلوك على فشل منظومة باتريوت الأمريكية المقابلة لهذه المنظومة الروسية ، وما سيلحق هذا من ضرر في تسويق وقيمة المنظومة الأمريكية ، وعلى كل هذا فإن لتركيا مصلحة بعدم الإستدارة الكاملة والخروج من الدائرة الأمريكية الإسرائيلية وخصوصا أن أمريكا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فإن القرار بذلك يكون إسرائيلي صرف ، وبهذا تركيا تضمن لها الحد الأدنى من تقاطع المصالح في أهم الملفات الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة .
3- إن دولة الإحتلال تسعى وفي هذه الأيام لتحقيق أكبر المصالح والأهداف في ظل حالة الإقليم والخراب الذي خلفه وأنتجه ما يسمى بالربيع العربي(العبري) ،فحصاد ذلك لم تجنيه بعد دولة الإحتلال وهو متعلق بمحاور مهمة :
- اللاجئون الفلسطينيون، فهذا المسمى ربيع قد قام بدفع غالبيتهم للجوء مرة أخرى (العراق ، ليبيا ، سوريا ، لبنان ) وجعلهم في بحر لجوء كبير فيما يتعلق بالأردن في ظل إستيعاب الأردن للاجئين العراقيين والليبيين واليمنيين والسوريين ، فأعداد اللاجئين الفلسطينيين ما قبل هذا المسمى ربيع أقل بكثير مما بعده في هذه الدول وغيرها.
- عدم وجود توافق عربي واحد وموحد إتجاه القضية الفلسطينية ، وجعل الحالة العربية في حالة إنقسام وتقاسم لمصالح القطر العربي الواحد في ظل ما يتهدد المنطقة بشكل عام من أخطار وتحديات ، ومحاولة عدم جعل القضية الفلسطينية أولوية القضايا بالمنطقة .
- تبرير لوجود تحالف عربي أسرائيلي لمواجهة الواقع الناتج ، كما حدث في سوريا (تصريحات حمد بن جاسم حول وجود غرف عمليات تتشارك بها السعودية والإمارات وتركيا وأمريكيا وإسرائيل لإدارة الحرب بسوريا).
- خلق سلم اولويات جديد مختلف عما كان عليه قبل إندلاع ما يسمى بهذا الربيع ، وجعل الأولويات مقترنة بحالة إصطفاف جديدة بأبعاد مختلفة ومتعددة جزء منها يقوم على أساس تعظيم وتعزيز الإصطفاف المذهبي (سني وشيعي) ، ليخلق هذا مساحة أوسع لتقليل تأثيرات القومية على الصراع العربي الإسرائيلي ، وترويج أن الأولويات تقوم على أساس محاربة التطرف الديني (داعش) ومواجهة الشيعي (إيران وحزب الله) وقد تكون إسرائيلي بهكذا أولوية حليف وليست أولوية في الصراع العربي الإسرائيلي.
4- وقد قامت حماس بالإنقلاب في قطاع غزة لإقامة وتجسيد الإمارة ، وهذه الفترة هي الفرصة الوحيدة المتبقية لها للنجاح بذلك ، فبعد كل هذه السنوات من حكم غزة وما مرت به حماس من عزل لها (سوى قطر وتركيا) ستتلقى حماس بالهدنة شرعية دولية وعربية ترعى هذا التشريع كل من امريكيا وأسرائيل وحلفاء اسرائيل العرب ، فالمكاسب السياسية التي سعت حماس طوال السنوات السابقة لجنيه منعها منه بداية الموقف العربي(جامعة الدول العربية والرباعية العربية تحديدا)