الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

إما الان او لا للابد!!!!!!

نشر بتاريخ: 28/08/2018 ( آخر تحديث: 28/08/2018 الساعة: 11:40 )

الكاتب: عوني المشني

حماس تنتقد فتح الى حد التخوين، فتح تنتقد الجبهة الشعبية الى حد التشكيك، الديمقراطية تنتقد فتح وتغمز في قناة حماس، حزب الشعب ينتقد حماس ومتحفظ على سياسة فتح وغير متوافق مع الشعبية، جبهة النضال تنتقد كل من يختلف مع الرئيس حتى لو كان من فتح او من جبهة النضال، الشعبية تصوب سهامها باتجاه فتح واحيانا تلوم على حماس وتنتقد وسطية الديمقراطية، وهكذا حملة تشكيك وانتقاد وتخوين وتكفير تطال كل ساحة الفصائل والقوى السياسية، لا احد خارج هذه الدائرة، الكل متهم والكل ينتقد والكل يشكك، والكل ....... في عين العاصفة.
القواسم المشتركة بين تلك القوى هو عجزها عن تقديم رؤيا تخرج شعبنا من الازمة، نظريا الكل يدعي انه يمتلك رؤيا تمثل العصا السحرية للخروج من عنق الزجاجة، برنامج اي فصيل يحرر كل فلسطين من نهرها لبحرها، برنامج اي فصيل بقية ديمقراطية ونظام كفاية ونمو، برنامج اي فصيل يحقق العدالة الاجتماعية، لكن عمليا الكل في دائرة الازمة وجزء منها او متسبب بها وبنسب متفاوتة، قاسم مشترك اخر هو ان الجميع بلا استثناء ضد اي عملية تغيير جذرية للخارطة السياسية، لماذا ؟؟؟ ببساطة لان الجميع " من ذات الطينة"، القبول والمعارضة وجهين لنظام سياسي فلسطيني متهالك متقادم استنفذ دوره التاريخي دون تحقيق الأهداف، وصل الى النهاية قبل خط النهاية، شاخ قبل أوانه، الجميع يريد ديمقراطية تكرسه، الجميع يريد من الاخرين ان يحرروا، ان يعملوا الصحيح، ان يقاوموا المؤامرة، الجميع يبدأ تنظيراته بـ "يجب على ......." وهنا يجب على كل الشعب الفلسطيني مؤسسات وقوى وفصائل باستثناء صاحب البيان !!!!!، الجميع يطالب بالتغيير رغم انه ضد التغيير، يطالب بتغيير الاخرين وبقاءه هو ذاته على حاله !!! وفِي المحصلة لا شيئ يتغير الا اوضاع الفصائل تزداد رسوخًا وتزداد سوءا وتزداد عجزا وتزداد فشلا. لهذا فان هناك مصلحة للجميع باستمرار الوضع الراهن.
اي كوميديا سوداء تلك التي نعيشها ؟؟؟؟ تتجلى قمة المأساة على شكل كوميدي فاضح !!!! حالة هلوسة فلسطينية جماعية، حتى المثقفين الفلسطينيين تراهم يجلسون في بيوتهم ويكتبون رؤيا نظرية محضة دون مس تعقيدات الواقع، يكتبون طلاسم نظرية ويقدمون و"حجبتهم"! بلغة غير مفهومة ويلقون بها في بحور النسيان عسى ان تؤتي عملها الغيبي. هذا يريد حل السلطة ولا يضع حلول لربع مليون موظف، وذاك يريد حرب تحرير شعبية وهو يدرك ان امتلاك سكين حلاقة بات امرا بالغ الصعوبة وثالث منذ سنوات يناقش هل إسرائيل تابعة لامريكيا ام الحركة الصهيونية هي التي تحكم وتتحكم بامريكيا، اخر ما زال يفتش في الارقام واحيانا يعيد تفسير القران ليجد تاريخ زوال اسرائيل عن الوجود، مثقف اخر ينتظر انتصار دكتاتور عربي على شعبه ليبني تحالف مقاومة يحرر فلسطين ، مثقف اخر "يفتح بالمندل" ليحدد مكان وجود "أعور الدجال" ومتى سيأتي المهدي المنتظر". وذاك يستنطق ماركس ولينين عسى ان ان يجد لديهم اجوبة للأسئلة المعلقة. وهكذا يتواصل حوار الطرشان وقراءة الادعية وعمل سحرة الثقافة بلا جدوى.
حالة تردي تطال القوى السياسية والمثقفين بنفس المستوى، هبوط سياسي غير مسبوق، شعوذه فكرية غير مسبوقة، اغراق في التحليل بمقدمات طويلة ونتائج هزيلة.
السؤال مرة اخرى: لماذا ؟؟؟؟
لان الهزيمة يتيمة، لان العقل الفلسطيني لم يخرج من التفكير النمطي، لان تدوير الفكر وتدوير السياسية لا ينتج رؤى خلاقة ، لان الحلقة المفقودة في الإنجاز ما زالت مفقودة ، الحلقة المفقودة التي تؤسس العلاقة ما بين الممارسة والنظرية ، الفكر والبرنامج ، الاستراتيجي والتكتيكي ، القيادة والقاعدة ، النخب والجمهور ، الخاص والعام ، الدين والسياسة ، الأخلاق والإدارة العلميةمفقودة ، الحلقةزالتي تحفظ التوازن بين كل تلك الجوانب مفقودة في التنظيمات والحركات السياسية ، مفقودة لدى المثقفين ، ومفقودة لدى المؤسسات ، لهذا نجد الانفصام الحاد والواضح بين القناعات والممارسات في مختلف البنى الفلسطينية .
مرة اخرى هل يعني اننا وصلنا الى طريق مغلق تماما ؟؟؟
اعتقد اننا وصلنا الى نهاية الطريق للبنى القائمة والأنماط السائدة وهذه المرحلة هي التي تفتح افقا رحبا للجديد ، سقطت المراهنات على اصلاح ما هو قائم ، سقطت المراهنات على تصويب البرامج والممارسات ، لهذا فان الطريق الوحيد المتاح هو طريق ايجاد الجديد شكلا ومضمونًا ، الجديد بأدواته وبانماط عمله ، والاهم اعادة الاعتبار للمنظومة الاخلاقية الفلسطينية التي تآكلت بفعل سقوط النخب التي قادت او انقادت الى هذا الفشل المجلجل .
الجديد المطلوب يختلف في كل شئ ، يختلف اولا في منظومة القيم التي يستند اليها ، يختلف في الأدوات والبنية وطرائق العمل ومنهج التفكير ، هو سيأتي لا محالة ، تلك هي جدلية الحياة ، وجدلية التطور ، صحيح انه مخاض مؤلم ، ولكنه مخاض يبشر بميلاد عظيم .
هل الجديد هذا مجرد امنيات او اضغاث احلام ؟؟؟
بالتأكيد هو كذلك لمن يجلس متفرجا على تهاوي المشهد ، هو كذلك لمن يعتقد ان مهمته تنحصر في التوصيف وتقديم الأفكار ، لكن التغيير فلسطينيا له ديناميكيته المعهودة والمعروفة والتي لا تتأخر ، عندما اكتملت فصول الهزيمة النكبة عام ١٩٤٨ حصل التغيير الجذري ، سقطت القوى التي كانت مسيطرة وحلت مكانها قوى جديدة ، سقط الحزب العربي وحزب الاستقلال وحكومة عموم فلسطين وجاءت حركة القوميين العرب والبعث والشيوعيون وقادوا المجتمع الفلسطيني . عندما اكتملت الهزيمة النكسة عام ١٩٦٧ اندثرت القوى السائدة وجاءت فصائل منظمة التحرير ، جاءت فتح وتحول القوميين العرب الى فصائل مقاومة ومن قاوم التغيير اندثر ....
الان هل اكتملت فصول الهزيمة الكارثة ؟؟؟
هل ان اوان التغيير بالديناميكية الفلسطينية ؟؟؟؟
في محاولته إقناع أركان الحزب الشيوعي بضرورة تفجير ثورة أكتوبر عام ١٩١٧ قال لينين كلماته التي تعبر عن فهم إبداعي لمتطلبات اللحظة " بالامس مبكّر جدا ، غدا متاخر جدا ، اما الان واما لا للابد "
نعم فلسطينيا ايضا " اما الان او لا للابد "