الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

أمريكا أعْلنت الحرب على الفلسطينيين

نشر بتاريخ: 03/09/2018 ( آخر تحديث: 04/09/2018 الساعة: 09:16 )

الكاتب: جدعون ليفي

لم يَعُد بعد الآن مجال للتمويه: أعلنت أمريكا الحرب على الفلسطينيين. دونالد ترامب، بطل عظيم على الضعفاء. أعلن باقتراح واحد من صِهْرِه، جاريد كوشنر، الخبير الوحيد البارز في مجال المنظمات الإنسانيّة بشكل عامّ واللاجئين الفلسطينيين بشكل خاصّ، بالتوقف عن تقديم المعونة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين الأنروا. التعليل الرسمي: الموديل الاقتصادي لوكالة الغوث والعمل "ناقص" و"غير قابل للتعديل".
ترامب وصِهره، حاملا أختام الإدارة السليمة، وجدا أن ألأنروا لا تُدار كما ينبغي. إن ال - 360 مليون دولار التي حوِّلت في السنة الماضية لن تُحَوَّل ثانية. حتى في إسرائيل، السعيدة بكل كارثة تحلّ بالفلسطينيين والمُقْتَنِعة أنها لعبة المجموع صفر، يعتقدون أن كبير أصدقائها عبر كل الأوقات قد بالغ هذه المرّة.
أمريكا الجديدة تشدد على الأمورالصغيرة كما تشدّد على الأمور الخطيرة، ليس فقط بالنسبة للأونروا، إنما أيضا بالنسبة لميزانيّات منظمات الإغاثة الأمريكية الأخرى في الأراضي المحتلّة، مثل USAID، قُلِّصت ميزانيتها ب – 200 مليون دولار. قررت أمريكا أن تضرب الفلسطينيين في جيوبهم. من كل مساعدة تحوّل إلى أنظمة فاسدة، من بين كل الترليونات الطائلة المصروفة على الحروب العبثيّة وعلى القتل الجماعي، المساعدات التي تُعْطى لمخيّم جباليه هي التي لا تُدار كما ينبغي ولذلك يجب إيقافها. الفلسطينيون، مُبْتزّون أبناء مُبْتزّين، لذلك لا يستحقّون المزيد، بسبب هذا النموذج الاقتصادي. يُمْكِن أن يكون هذا مُضحِكا، لو لم يكن مُحْزنا؛ سيدفع ثمن هذه النكتة من أبناء المخيّمات بدءا شتيلا لغاية مُخيّم رفح.
ستحوّل أمريكا إلى إسرائيل خلال العقد القادم 23 مليارد دولار، وإسرائيل من الدولة المستقرّة في العالم، لديها أحد الجيوش القويّة والأكثر تسليحا في العالم، ومن تلك التي تُدار حسب النموذج الاقتصادي السليم. يجب ألا يُقلّص منها دولار واحد. مساعدة إنسانية لدولة مُحْتاجة، لا تصرف سنتا واحدا عى اهداف لا تستحقّ. إسرائيل تستحق هذه المساعدة الهائلة: لأنها تستجيب لكل قرارات المؤسسات الدوليّة، دولة قُدْوة أخلاقيّة تستجيب لكل نصائح الولايات المتحدة الأمريكيّة كالانسحاب من الأراضي المُحتلّة وإنهاء الاحتلال. يجدر بأمريكا أن تموّل كلَّ نزواتها وكلّ حروبها. هذا يضيف كثيرة إلى مكانتها في العالم.
ستصرف هذه الأمريكا خلال هذه السنة 46 مليارد دولار في أفغانستان، على حرب لا نهاية لها. وستبذِّر في العراق 13 مليار دولار هذه السنة، بعد انتهاء إحدى الحروب الأكثر حماقة. حروب؟ كلّفت الحرب في أفغانستان الإدارة الأمريكيّة 753 مليارد دولار، وكلّفت الحرب في العرلق 770 مليارد دولار، هذا حسب مصادر البنتاغون؛ وحسب بحث أجراه معهد واتسون كلّفت 1.7 تريليون دولار. حربان لا لزوم لهما راح ضحيّتهما مئات ألوف القتلى من البشر عبثا، بدون نتائج، لكن الأموال وُظّفت فيهما حسب النموذج الاقتصادي السليم، وهكذا في سوريا وفي اليمن.
فقط وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة لا تُدار كما يجب. زعيمة العالم الحرّ، أكبر مُحرِضة للحروب منذ الحرب العالميّة الثانية، تقلص من الطحين لمخيّم اليرموك ومن الزيت لمخيّم البريج، لإن الفلسطينيين يبالغون بعدد اللاجئين.
تكمن وراء ذلك حقيقة أكبر، كان يمكن للأونروا أن تستأجر خدمات اليعاد شراجا وأن تُدار حسب معايير اسكندنافيّة: لم يكن سيساعدها شيء. أسرائيل أعلنت عليها حربا منذ مدة طويلة، ومن البديهي أن تأتي أمريكا في أعقاب إسرائيل، وذلك من أجل إسقاط قضيّة اللاجئين من جدول الأعمال.
كلّ مَنْ يعرف الواقع في المخيمات يمكنه أن يعرف مدى علاقة مصير سكانها بالأونروا. ربما يكون ثمّة تبذير، من الطبيعي أن يكون طعام مجانيّا. ومن المؤكّد أن ذلك يتطلّب إصلاحا، لكن الأونروا معناها إغاثة إنسانيّة أساسيّة. بدونها لا توجد مدارس، مستوصفات وطعام في المخيّمات.أمريكا مَدينة دَيْنا غير مباشر لهم: لأنها تموّل الاحتلال الاسرائيلي وتدعمه ولم تُحرك إصبعا من أجل حلٍّ عادلٍ لضائقته.
لكن أمريكا الجديدة فقدت حياءها: لا تريد أن أن تتلفّع برداء الوسيط المنطقي، أو تبدو كمَنْ يهتمّ بالضُعفاء بالعالم، أو كمُلتزمة بمسؤولياتها، ونقول لها بلغتها: Shame on you, America إخجلي أيّتها الأمريكا.

هآرتس- ترجمة: أمين خير الدين