نشر بتاريخ: 07/09/2018 ( آخر تحديث: 07/09/2018 الساعة: 19:52 )
الكاتب: لبيب فالح طه
بالنظر إلى القضية الفلسطينية من احدى الزوايا، يبدو أنها تعيش واقعا هو الأصعب منذ ظهور فصول المأساة الفلسطينية منذ أكثر من مئة عام بإنهاء وجود قيادة فلسطينية وحيدة موحدة عبر ديمومة الانقسام، ومحاولة مصادرة ما تبقى للفلسطينيين من أرض لصالح المستعمر ومشاريعه، وشطب قضية اللاجئين والحكم على الشعب الفلسطيني بالشتات الدائم، كل ما يحاك للفلسطينيين الآن من مخططات كبيرة وصغيرة هو تفاصيل تصب في مصلحة هذا الثالوث المتمثل بإغلاق ملفات الأرض والقيادة والشعب الفلسطيني.
المخاطر المذكورة تمثل أخطارا وجودية؛ فشطب قضية اللاجئين -الذين هم لب المأساة الفلسطينية وأحد مظاهرها- ومحاولة الولايات المتحدة إنهاء وجود وكالة غوث اللاجئين، يعني تدمير الشخصية الفلسطينية سكانيا وثقافيا واجتماعيا، تعني فيما تعنيه عبثية النضال الفلسطيني عبر عقود من الزمن كان ولا زال أحد أهدافه إعادة اللاجئين إلى وطنهم الذي طردوا منه عنوة وتحت تهديد الموت والدمار.
والانقسام الفلسطيني هو نكبة أخرى قد لا تقل في ثقلها –برأيي المتواضع-عن نكبة العام 1948، وإلا فكيف يسير مركب في ظرف دقيق وخطير جدا إن كان له أكثر من قيادة واحدة ؟! إن القيادة في الظروف الطبيعية تحتاج إلى مهارات وقدرات استثنائية، فكيف إن كانت الظروف متلاطمة يغشاها الموج من كل مكان؟!
الجزء الثالث من ثالوث الخطر يتمثل في فقدان الشعب الفلسطيني لأرضه وما تحتها وما فوقها من مصادر وثروات ومياه، فكيف تقام دولة دون أرض، وكيف تبنى حضارة وتمارس نشاطات الحياة في العدم؟! لا يوجد شعب في العالم في العصر الحالي تصادر أرضه التي أقام عليها آلاف السنين-وبحسب علمنا- سوى الشعب الفلسطيني صاحب المأساة الطويلة التي لا يلوح في الأفق ما يبشر بنهايتها. عندما نتكلم عن الأرض لا ننسى المعنى الرمزي والثقافي والسياسي والاقتصادي والحضاري لمدينة القدس التي أصيب الاحتلال بسعار تهويدها هي وبقية الأرض الفلسطينية بمشاريع إسكانه التي لا تنتهي، وكأن الاحتلال يواجه انفجارا سكانيا يحاول حل مشكلته بمصادرة وسرقة ارض الشعب الفلسطيني.
نعود للسؤال الذي مثل عنوان المقالة، هل يواجه الفلسطينيون مصير الهنود الحمر؟ سيما وأن إسرائيل ومن يقف وراءها رأوا أن الحل للمأساة الفلسطينية يتمثل في قهر الشعب الفلسطيني وإخضاعه بمختلف الوسائل، ليقبل ما يحيكه له حكام إسرائيل وجنرالاتها ومستشرقيها.
الهنود الحمر-لمن لا يعلم-هم سكان الولايات المتحدة الأصليين، وكان مصيرهم كمصير الشعب الفلسطيني من ناحية قدوم استعمار إحلالي عبر البحار يقوم على استعمار الأرض والتخلص من المواطنين الأصلاء، ليقيم مكانهم وعلى أشلائهم دولة للقادمين الجدد، وحضارة استعمارية استعلائية لا تقيم وزنا لهؤلاء البسطاء المغلوبين على أمرهم الذين يعيشون الآن على هامش الحياة الامريكية.
وكمدخل للإجابة على السؤال العنوان انقل من كتاب دولة فلسطينية للهنود الحمر للدكتور منير العكش جزءا من خطبة الزعيم الهندي الأحمر الثائر تِكومْسِه Tecumseh في أيلول عام 1811 حيث يقول ليس أمامنا سوى أن نقاوم أو ننتظر الإبادة... إذا اتحدنا جميعاً فإننا سنصبح أقوى من (الغزاة) البيض، أما إذا تفرقنا فإننا لن نستطيع مقاومتهم بل إنهم سيهزموننا ويسرقون أوطاننا ونتناثر كأوراق الخريف في الريح العاتية .
لقد تحققت هزيمة الهنود الحمر كما يقول العكش بفعل الروح السلمية في معتقدات ومكونات تلك الشعوب وأسباب أخرى، فهل يستفيد الفلسطينيون من درس الهنود الحمر؟؟
كلام الثائر الهندي لا يحتاج إلى تعليق، وشعب كالشعب الفلسطيني يرفض الفناء والإفناء على مدار ما يزيد على قرن من الزمن جدير بأن لا يلاقي مصير الهنود الحمر، لكن تبقى قضية اختيار الفلسطينيون للوحدة أو التفرق هي المحدد لما سيواجه الفلسطينيين في قادم الأيام.