نشر بتاريخ: 16/09/2018 ( آخر تحديث: 16/09/2018 الساعة: 13:20 )
الكاتب: د.هاني العقاد
تستمر ادارة ترامب في سياسة اثارة الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي بكافة انحاء العالم من خلال سياسية امريكية يمينية متطرفة لها علاقة بالكراهية واحتقار الشعوب الأخرى اكثر منها عقلانية وانسانية ومع مرور الوقت تزداد حدة اليمينية التي تتصف بها لهذه الإدارة ليس لكونها توجه من قبل اللوبي اليهودي ولا بسبب تغلغل ساسة اسرائيل داخل اروقة البيت الابيض ولا بسبب الاغلبية اليهودية في طاقم ادارة البيت الابيض بمن فيهم ترامب ذاته بل بسبب ان هذه الادارة ليس لديها جينات سياسية وايدلوجية مختلفة تولد عدم القدرة على السير في الوسط او تناول المسائل والتدخل في النزاعات والصراعات بميزان الحيادية والوسطية الذي يفضي الى نتائج ايجابية في غالب الاحيان عبر توفر حلول في صالح الجميع تنهي حالات الفوضى والنزاعات المسلحة والنزاعات الاقتصادية التي باتت تطفوا على سطع علاقات واشنطن بنظرائها الصناعيين في العالم حسب مصالح الجميع.
ولم تكن تلك الادارة تتصف بهذه الصفات الا لتطرف رجالها وابتعادهم عن الحيادية والعقلانية فاغلبهم تم اختيارهم من صفوف الصقور في الحزب الجمهوري ومن تولوا ملفات في النزاعات بالشرق الاوسط ارتكبت خلالها جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية سواء في العراق او سوريا او ليبيا او افغانستان او حتى في تلك العمليات السرية التي نفذت بعيدا عن القانون ودون ان ترصدها كاميرات الاعلام او تتلقطها التقارير الصحفية.
جون روبرت بولتون ذو 71 عاما عين مستشارا للأمن القومي الامريكي بدلا من اتش ار مكماستر في ادارة ترامب لكونه رجل لا يعرف الحلول السياسية ولا يعترف بالقانون الدولي ويعتبر المعاهدات الدولية ليست قانونا ملزما لواشنطن وما هي سوي ترتيبات سياسية يمكن التحلل منها الا في حال ما كانت هذه المعاهدات تحقق المصلحة الامريكية ولا يعترف بالأمم المتحدة والاستخفاف والاستهزاء بها ولم يخفي حقده عليها عندما قال انه " لو اختفى 10 طوابق من مبنى الامم المتحدة في نيويورك من 88 لما شعرت بذلك ولما تأثر الكون والعالم " ويميل في الغالب لحل الازمات بالنار والقتل والحرب لذا فهو دائم التحريض على الانظمة وتخريبها واسقاطها وصاحب مخططات التدخل في شؤن البلدان الأخرى في اوروبا والعالم العربي وروسيا والصين وايران وبالطبع ليس هناك أي حدود بينه وبين ارتكاب أي جرائم حرب تسهل تنفيذ المهام التي القيت على كاهله , هو الرجل الشيطان كما وصفه غالبية رجالات البيت الابيض , كان له دور قذر واجرامي وارهابي في الحرب على العراق عندما كان نائب وزير الدفاع الامريكي "رامسفيلد" فهو من اعطي الاوامر باستخدام الاسلحة المحرمة دوليا ليلة سقوط مطار بغداد الدولي التي سقط على اثرها الاف القتلى فهي جريمة حرب بامتياز , وهو من اعطي الاوامر بفتح النار على المتظاهرين العراقيين المدنيين في الفلوجة ليلة 24 ابريل 2003 .
وجد الرجل ارضا خصبة من خلال وجوده في ادارة ترامب وتوليه اخطر المناصب في مستشارية الامن القومي الامريكي لتثمر أحقاده ويستمر في تطرفه لتزداد دعواته التحريضية لضرب ايران وتهديد المنطقة بحرب كارثية لا مثيل لها والتغطية على جرائم اسرائيل وحمايتها والدفاع عن مشروعها الاستيطاني التهويدي الكبير وتحريض ادارة ترامب على الاعتراف بضم اسرائيل للجولان السوري المحتل ومعاداة الفلسطينيين وقطع المساعدات عن الأونروا و اصدار التهديدات المباشرة للقيادة الفلسطينية التي رفضت صفقتهم , ولأنه كان من اشد المعارضين لتوقيع معاهدة محكمة الجنايات الدولية فقد لاحت له الفرصة ليوجه تهديد رسمي ومباشر لقضاة محكمة الجنايات الدولية بمقاضاتهم امام القضاء الامريكي وملاحقتهم اذا ما اصدروا احكاما ضد إسرائيليين او أمريكيين على خلفية جرائم الحرب التي ترتكب يوميا في الارض المحتلة ,ويبدوا ان هذا الرجل اليوم وراء مقترح متطرف قد تتخذ فيه الولايات المتحدة خطوات في مجلس الأمن الدولي لتقويض سلطات المحكمة الجنائية باتخاذ واشنطن اجراءات من شانها ان تمنع القضاة من دخول الأراضي الأمريكية وان القضاء الامريكي سيلاحقهم اينما كانوا ,كما ان ادارة البيت الابيض في طريقها لفرض عقوبات على كل الدول التي تمول المحكمة الدولية , مؤكداً ان الولايات المتحدة ستلجأ لكل تلك الاجراءات اذا ما لاحقت المحكمة قضائيا المواطنين الأمريكيين على خلفية ارتكاب جرائم حرب في مناطق التدخل الامريكي العسكري بالعالم, وأكد أن الولايات المتحدة ستتخذ كل الاجراءات اللازمة لحماية مواطنيها من أحكام "الجنائية الدولية"، وقال "الولايات المتحدة ستتخذ أية إجراءات ضرورية لحماية مواطنينا ومواطني حلفائنا ( اسرائيل ) من أحكام هذه المحكمة غير الشرعية"، مضيفا "لن نتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، ولن نقدم لهم أية مساعدة، وبالتأكيد لن ننضم للمحكمة الجنائية الدولية وبالتالي لن توقع ادارة ترامب على نظام روما الاساسي المكون لمحكمة الجنايات الدولية ".
لا ليس ارهابيا فقط وانما مجرم حرب "جون روبرت بولتون" ارتكب جرائم حرب مخططة في العراق وافغانستان وكافة اماكن التوتر بالعالم تكون الولايات المتحدة طرفا من اطراف هذا التوتر واليوم يدعو الى مزيد من هذه الجرائم من خلال مبادئه المتشددة إزاء التعاون مع منظمات المجتمع الدولي لحل النزاعات والتدخل الايجابي في الصراع العربي الاسرائيلي , وبالتالي بات مطلوبا مقاضاة هذا الرجل امام محكة الجنايات لارتكابه جرائم لا تموت بالتقادم وقيادته اتجاه تحريضي لارتكاب مزيدا من الجرائم ,وبات مهما جلبه لقفص الاتهام بسبب اعتدائه على محكمة الجنايات الدولية وتهديده قضاة المحكمة ومحاولة التشويش على عملها وعلى نزاهتها وشفافيتها واستقلالها والتأثير على دورها الريادي في معاقبة كل مجرمي الحرب واولهم قادة اسرائيل الذين لن يفلتوا من العقاب حتي في وجود بولتون وترامب نفسه الذي ستوجه له تهم ارتكاب جرائم حرب ان استمر في سياسته المعادية لتحقيق العدل والسلام والامن والاستقرار في العالم.