نشر بتاريخ: 17/09/2018 ( آخر تحديث: 17/09/2018 الساعة: 12:03 )
الكاتب: د.ناجي صادق شراب
الزمان ليس الزمان وإن كرر نفسه بصورة مختلفة، وفلسطين قبل أكثر من أربعين عاما ليست فلسطين اليوم، وطرح ألأفكار والمبادرات والتصريحات لا يفهم إلا في سياقاته الزمنية والمكانية، وبدأت لا أتفهم اي تصريح وإعلان سياسي لأي مسؤول سياسي فلسطيني بدءا من الرئيس عباس إلا بربطه بالقضية الفلسطينية ومستقبل مشاريع التسوية التي تطرح.....
فقبل اكثر من أربعين عاما طرح الرئيس عرفات على الملك حسين فكرة الكونفدرالية للخروج من مأزق الضغط الأمريكي على منظمة التحرير وإستبعادها من أي مفاوضات، وكان الرد الأردني واضحا وحاسما كما هو اليوم من المبكر الحديث عن الكونفدرالية، واليوم وفي تصريح للرئيس عباس أثار الكثير من الجدل والنقاش وتباين المواقف والأراء ما بين معارض ومنتقد وما بين موقف خجول او صامت، تصريح للرئيس يقول فيه أن الإدارة الأمريكيه طرحت عليه فكرة الكونفدرالية مجددا، واشترط ان تكون إسرائيل طرفا فيها. وهنا أسوق بعض الملاحظات حول هذه الفكرة وابدأ بملاحظة نظرية.
-1-
الفيدرالية والكونفرالية شكلا من أشكال التكامل والإندماج بين الدول، وهي شائعة ولها أمثلة كثيرة، وتفرضها مصالح مشتركة ومحددات داخلية وإقليمية ودولية ورؤى مستقبلية للقيادات السياسية، وكل منها تمثل درجة من درجات التكامل الكونفدراليه أدناها وتفترض شكلا من أشكال التنسيق في مجالات كثيرة بين الفاعلين لها، ولا تفقد اي منهما جنسيتهما ولا سيادتهما ولا شخصيتهما الدولية ولا علاقاتهما الدبلوماسية، اما الشكل الثاني الأكثر إندماجا الفيدرالية وتفقد الدول شخصيتها الدولية، وجنسيتها وعلاقاتها الدبلوماسية ويكون لها دستور اتحادي ومؤسسات إتحادية عليا لها السمو على المحلية، والشكل الثالث الإندماج والإنصهار اي التحول لدولة واحدة بسيطة مركزية، في كل هذه الأشكال الشرط والمحدد ان تكون الأعضاء دولا مستقلة لها سيادتها وحدودها.
-2-العلاقات بين الأردن وفلسطين اكبر من كونها علاقات كونفدرالية، فالتنسيق والتكامل في العلاقات موجود، ولكن الطرح قبل الدولة غير مقبول، لأنه ببساطة يسقط الحق الفلسطيني في الدولة والعاصمة القدس ويجدد فكرة الوطن البديل، لذلك ليس من المصلحة الوطنية المشتركة القبول بالفكرة وتجددها. الموقف الأردني ثابت من قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقيه، لذلك جاء الرد على لسان الملك عبدالله الثاني حاسما وقاطعا مع مين؟ والمقصود هنا اين هي الدولة الفلسطينيه؟
-3-ربط الرئيس عباس بين الإقتراح ومشاركة إسرائيل فيه خروج ورفض غير مباشر للفكرة، لأنه يدرك ويعرف مسبقا أن إسرائيل سترفض فكرة إنضمامها لأي رابطة عربيه فيها ألأغلبيه للعرب والفلسطينيين، وهذا يتنافى مع الحفاظ على هويتها القوميه لكن السؤال ماذا لو قبلت إسرائيل؟ كيف سيكون الرد؟
-4- الرئيس عباس يعرف ويدرك أن الكونفدرلية تحتاج لدول فلسطينية مستقلة، وإنهاء الاحتلال، وهنا الفارق بين طرح الرئيس عرفات وطرح الرئيس عباس، في الحالة الأولى الحديث عن مفاوضات، والآن الحديث عن تسوية نهائية.
-5-ما طرح ليس مجرد تصريح ولا فكرة بل يكمن وراءه مشروع ورؤية كاملة، والفكرة في أساسها إسرائيلية وتبنتها الأدارة الامريكية لتطرح على الرئيس فقط، ولم تتم مناقشتها لا مع الأردن ولا على المستوى الفلسطيني وهنا التحفظ. المشروع المتجدد إسرائيلي ليكودي يتفق ورؤية الليكود الفكرية لا للدولة الفلسطينية ونعم لفكرة الوطن البديل، ومن هنا جاء الرفض السريع من أاأردن، ولها الحق.المسألة لا تحتاج مناورات ألان، بل مواقف وقرارات قاطعة.
-6-لا يجوز الحديث عن اي كونفدرالية ولا فيدرالية قبل الحديث عن إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة. اما الحديث ألان ان تقوم الاردن بما ستقوم به الدولة الفلسطينية، فتتحول المسؤولية الأمنية إلى الأردن، وحماية الحدود للجيش الأردني والمعاهده المعقوده مع إسرائيل هي البديل.
-7-لا حاجة للتفاوض مع الفلسطيينيين، ولا حاجة لمعاهدة سلام معه، ولا حاجة حتى لصفقة القرن التي تكون قد حققت أهدافها بالكونفدرالية، بإستبعاد القدس وتبقى الوصاية الأردنية الدينية، وإستبعاد اللاجئين. وقضايا الحدود، اي تفريغ القضية الفلسطينية عبر الأردن.
-8- الكونفدرالية تعنى منح المواطنة لكل اللاجئين في الأردن، والسلام مع الاردن، وتحويل الفلسطيينيين لمجرد سلطة أقل من دول واكبر من حكم ذاتي بقليل، وتحويل القضية الى قضية حقوق إنسانية.
-9- إستبعاد غزة من هذا التصور لأن الهدف هو الضفة الغربية التي لن تسمح إسرائيل بقيام الدولة الفلسطينية فيها وهي القلب لها، والبديل لذلك الأردن بشرعنة المستوطنات، وشرعنة الإحتلال.
-10-العلاقات بين الأردن وفلسطين أكبر من الكونفدرالية، وأقرب إلى الفيدرالية وذلك مع قيام الدولة الفلسطينية، وبعد ان يتحقق هذا الهدف، قد تطرح مشاريع بها إسرائيل طرفا لأننا وقتها نحتاج أن نفكر خارج الصندوق، وبرؤية مستقبلية متحررة من الأفكار التقليدية، فأقرب الطرق للتعامل مع إسرائيل مشاريع التكامل ولكن بعد قيام الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال.
وأخيرا القضية الفلسطينية والتسوية والسلام لا تقبل التأويل، ويبدو لي أيضا أن هذا مرتبط بفشل خيار حل القضية وفشل إدارتها والذهاب لمرحلة تحويل القضية من قضية فلسطينية وقضية حقوق سياسية لقضية أردنية بحقوق إنسانية. ويبقى موقفي انا مع الفيدرالية بعد مرحلة الدولة، ومع التسيق ألان بين فلسطين والأردن، فتبقى الأردن العمق الإستراتيجي والسكاني للدولة الفلسطينية وشعبها ولا حديث بدون غزه وبحرها. وأخيرا ما كتبته إجابة على السؤال كيف تفكر إسرائيل وأمريكا؟!
[email protected]