نشر بتاريخ: 17/09/2018 ( آخر تحديث: 17/09/2018 الساعة: 20:01 )
الكاتب: السفير حكمت عجوري
قرار ترامب باغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وبالرغم من كل تداعياته السلبية الا انه يعتبر بمثابة استقلال حقيقي للقرار الوطني الفلسطيني من هيمنة الادارة الاميركية التي فُرضت عليه منذ اليوم الذي فُتحت فيه ابواب البيت الابيض لصاحب القرار الفلسطيني وتحديدا في الثالث عشر من هذا الشهر في سنة 1993 تبعها بعد اشهر فتح المكتب المذكور ولكن بشروط كون المنظمة في حينه كانت وما زالت الى يومنا هذا توصم بالارهاب من قبل الكونغرس الاميركي الذي تحكمه المعايير الصهيونية.
ذلك بالرغم من كل التنازلات التي قدمتها المنظمة باعترافها بحق اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في الوجود على 78% من ارض فلسطين التاريخية وباستجابة المنظمة لبقية طلبات الادارة الاميركية في حينه قولا وفعلا اضافة الى قرار سلخ الميثاق الوطني في اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني بحضور الرئيس الاميركي الاسبق كلينتون في عام 1996 في غزة.
مما يؤكد على ان قرار الاغلاق المذكور يفسر طبيعة القرار المجحف في ابقاء منظمة التحرير مدرجة على قائمة الارهاب وذلك لكون الارهاب في المعيار الاميركي المحكوم صهيونيا هو مجرد صفة سياسة ولا تمت للارهاب كفعل بصلة بدليل ما فعلته اميركا في العراق وافغانستان وبقية دول العرب التي نكبها الله بفوضى اميركا الخلاقة التي اطلق عليها جزافا الربيع العربي هذه الممارسات التي ترقي لجرائم حرب تتوجت مؤخرا في التهديد العلني من قبل شيطان البيت الابيض ومجرم الحرب جون بولتن لمحكمة الجنايات الدولية وقضاتها بالرغم من انها اي المحكمة انبثقت عن ميثاق روما وتكتسب مصداقيتها من دعم منظمة الامم المتحدة وعضوية 123 دوله فيها. اما علاقة الحليف الاسرائيلي بالارهاب فحدث ولا حرج وهي لم تعد بحاجة الى دليل كون جرائمها اصبحت موثقة لدى محكمة الجنايات وهو ما يفسر دوافع بولتن في تهديد المحكمة وفي نفس الوقت يؤكد على ان الابقاء على صفة الارهاب لاصقة على منظمة التحرير هو مجرد عهر سياسي اميركي بمباركة صهيونية خصوصا بعد ان اعترف بها العالم بما فيه اسرائيل واميركا ممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني من ارهاب اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال وعلى عين كل التجار من عرب واجانب بما فيهم تاجر العقارات ترمب الذي بلغ به وبزمرته الاستهتار بمصائر الشعوب لدرجة انهم يعتبرون الاحتلال الصهيوني لفلسطين دفاعا عن النفس بينما مقاومته ارهاب.
اعتقدنا في وقت سابق ان ادارة ترمب اعلنت الحرب على الشعب الفلسطيني فقط بتصفية قضيته من خلال تحديها للقانون الدولي لصالح حليفتها اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال وذلك باعترافها بالقدس عاصمة لاسرائيل ووقف المساعدات لمستشفيات القدس الشرقية وتجفيف مصادر الحياة للاونروا التي انشأت بتفويض اممي منذ مايو 1950 لرعاية شؤون ضحايا قيام اسرائيل (اللاجئين الفلسطينيين) وكان ذلك بدعم قوي من اميركا في حينه لضمان عودة هؤلاء الضحايا الى بيوتهم بضمان تطبيق اسرائيل لقرار حق العوده رقم 194 .
الا ان هذا الاعتقاد فقد بريقه بتهديد جون بولتن انف الذكر لمحكمة الجنايات الدولية وقضاتها وكل من يساعدهما وذلك بفرض عقوبات عليهم ومحاكمتهم في المحاكم الاميركية ان هم تجرأوا على محاكمة مجرمي الحرب في اسرائيل او اميركا الامر الذي يُظهر ان ترمب وزمرته اعادوا اميركا الى زمن رعاة البقر ولكنهم في هذه المرة بصدد حرب تطهير للقيم التي قامت عليها الحضارة الانسانية واساسها حقوق الانسان وهو ما يعني ان هذه الزمرة ممثلة بجون بولتن باعلانها الحرب على محكمة الجنايات وقضاتها هو اعلان حرب على القيم الانسانية بشكل عام الامر الذي يستدعي ضرورة وقوف المجتمع الدولي بما فيه الشعب الاميركي وليس فقط الدول الاعضاء في محكمة الجنايات بوجه هذا المعتوه ترمب حماية للقانون الدولي والدولي الانساني بصفة خاصة والحضارة الانسانية بصفة عامة.
وفي سياق متصل اصبح واضحا كالشمس ان اسرائيل بصفتها كيان عنصري وصلت الى ذروة ابتزازها للادارة الحالية في اميركا بزعامة ترمب وذلك لقناعة حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل بعدم امكانية عودة ظاهرة ترمب الى سدة الحكم هناك وذلك دون اي اعتبار من قبل المتطرفين في اسرائيل لكل هذا الدمار الذي يتسببون فيه للمجتمع الاميركي اخلاقيا وقيميا وهو الذي سينقلب في يوم قادم لا محالة ضدهم بسبب هذا الابتزاز الذي سيدفعون ثمنه بعد ان يُحال ترمب الى مزبلة التاريخ.
ان ما تمر به اميركا تحت قيادة ترمب الفاقد للاهليه هي مرحله مؤقته وستنتهي اما بطرده من البيت الابيض قريبا بحسب توقعات الاعلام الاميركي او بعدم اعادة انتخابه في سنة 2020 وهذا ليس كلاما عاطفيا خصوصا وان ترمب وباعتراف السواد الاعظم في اميركا وبقية شعوب الارض في انه حاله شاذه وغير مسبوقه بسوئها في تاريخ الرئاسات الاميركيه بالمقارنه مع رؤساء كان لهم الفضل في ان تحوز اميركا على احترام العديد من شعوب العالم من خلال ولائهم لقيم انسانيه تشاركت فيها اميركا مع هذه الشعوب.
الرئيس ويلسون ذهب لمؤتمر فرساي بعد الحرب العالميه الاولى من اجل حماية حق تقرير المصير للشعوب الصغيره وقد كان الحال نفسه بالنسبه للكونغرس الاميركي الذي ارسل بعثة استطلاع للحقائق الى فلسطين في عامي 1918 -1919 وعادت بتقرير يوصي بعدم تطبيق وعد بلفور كون تطبيقه سيكون مدمرا للسكان الاصليين.
الرئيس ترومان رفض في سنة 1948 الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل والرئيس ايزنهاور اوقف العدوان الثلاثي على مصر في سنة 1956 وطالب اسرائيل بالانسحاب الفوري من سيناء.
هذه بعض من النقاط المضيئه في مراحل مختلفه من التاريخ الاميركي على مدار القرن الماضي ستبقى محفوره في الذاكره ولا يمكن لجهل ترامب ان يغطي على هذه الاضاءات فهي وبحسب سنة الحياة ستسود وستمحوا كل اثر لحقبة حكم ترمب بكل ما تسببت فيه من تشويه للشعب الاميركي ومن ضرر للشعوب الاخرى وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني فالرئيس ترمب قياسا مع اسلافه هو بضاعه فاسده لا تليق ابدا باميركا صاحبة المساهمات الكبيره والمثمنه في ما وصلت اليه البشريه من تقدم وازدهار .