نشر بتاريخ: 04/10/2018 ( آخر تحديث: 04/10/2018 الساعة: 11:22 )
الكاتب: د.ناجي صادق شراب
تتلخص اشكاليات القوة في المنطقة في أكثر من أمر، الأول ان المنطقة العربية من المناطق الأولى في العالم الأكثر إستهدافا لما لها من أهمية إستراتيجية، واهمية إقتصادية فهي منطقة إستهداف خارجي تاريخيا، وقديما كانت العلاقات الدولية وكل تحولات القوة تتمحور حول أوروبا حتى الحرب الثانية، لتنتقل إلى العالم العربي، ورأينا مجالات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي سابقا تتمركز حول المنطقة، فالهدف الإستراتيجي وقتها وما زال للولايات المتحدة السعي لتثبيت إستراتيجية التواجد المباشر في المنطقة وقد تحققت هذه الإستراتيجية، ووقتها الهدف للاتحاد السوفيتي الوصول للمياه الدافئة في الخليج، وهذا الهدف بدأ يتحقق في زمن الرئيس بوتين، فنجحت روسيا في تثبيت وجودها في المنطقة عبر تواجدها وعلاقاتها مع سوريا وإيران وتركيا وقطر، هذا الجانب من الصراع لم يقتصر على هاتين الدولتين، بل إتسع ليشمل القوى الإقليمية الصاعدة، كإيران وتركيا وإسرائيل.
فاليوم التمدد إلإيراني واضح في اليمن وسوريا ولبنان، ومحاولة توظيف الفواعل من غير ذات الدول كحزب الله وحماس والجهاد كوكلاء حرب، وتركيا تسعى لمد نفوذها وتثبيته في شمال لعراق وسوريا ونجحت في الحصول على تواجد عسكري في قطر اي قلب المنطقة ألأكثر إستهدافا وإستراتيجية وهي منطقة الخليج العربي.
ومن مظاهر التحول في القوة لهذه الدول، انها لم تعد تنظر لمجالها الحيوي في إطار كياناتها السيادية او حدودها القومية بل تعدت ما وراء ذلك، والمفارقة قبل ذلك أن إسرائيل كانت الوحيدة التي تعتبر مجالها الحيوي يصل إلى حدود الباكستان، وهو ما يعني التصادم والتنازع والصراع على مناطق النفوذ او مناطق المجال الحيوي وتقاسمها، والمنطقة المستهدفة هي المنطقة العربية، وهذا ما نراه الان في العديد من الدول العربية. والصراع من اجل ان يكون لها نصيب في الخارطة السياسية الجديدة للمنطقة على حساب المصالح الحيوية لدول المنطقة، وهذا هو الجانب الآخر من إشكاليات التحول في القوة، وهو الحيلولة دون إستنهاض قوة الدول المحورية والمؤثرة في المنطقة. وهذا هو الهدف الذي تسعى له الدول ألإقليمية الطامحة للتغلغل في قلب المنطقة ان تعمل على إجهاض وإستنفاذ قوة الدول المحورية والمؤثرة مثل مصر والسعودية والإمارات، إدراكا منها ان أي فرصة لإعادة بناء قوة هذه الدول وإعادة بناء التحالف العربي على أسس ومقاربة أمنية جديدة، تقوم على إحتواء وإبعاد قوة هذه الدول، وهذا ما يفسر لنا محاولات إيران في اليمن وسوريا، ومحاولات تركيا في العراق وسوريا، ومحاولة إشغال الجيش المصرى بالإرهاب في سيناء.
فنجاح محاولات هذه الدول مرهون بإضعاف قوة الدول العربية الرئيسة، والتي عليها يمكن إعادة بناء منظومة القوة العربية، وأهمية هذا الحراك العربي أن المنطقة العربية ستبقى الاكثر في العالم تنافسا وصراعا بين القوى الدولية والإقليمية الصاعدة، والإستراتيجية العربية لمواجهة هذا الحراك هو أولا بالدعوة لعقد قمة أمنية على غرار أوروبا، تخرج منها منظومة عربية بإستراتيجية وآليات واضحة، والإستراتيجية الثانية في حالة تعثر... الأولى التي تبدو إحتمالاتها بعيدة العمل على تشكيل محور امني سياسي عربي من الدول الأكثر تضررا وإستهدافا ثلاثي او رباعي التكوين من مصر والسعوديه والإمارات والأردن، ويمكن لهذا التحالف أن يشكل قوة عربية مشتركة قادرة على ملء فراغ القوة التي تعاني منه المنطقة، وقادر على مواجهة محاولات التغلغل من قبل القوى الأخرى، وقادر على معالجة وحسم كثير من الأزمات العربية، ويمكن أن يشكل نواة قوية لإعادة صياغة المنظومة العربية في ضوء المتغيرات والمعطيات الجديدة في تحولات القوة التي تشهدها المنطقة. والبديل لذلك تفكك المنطقه وإعادة رسم خريطتها السياسية بعيدا عن أن يكون لدولها دورها المباشر. والتحولات في موازين القوى سريعة ومتلاحقة، وتحتاج لحراك وقرار عربي سريع.
[email protected]