الجمعة: 07/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

رسالة إسرائيل الى السنوار

نشر بتاريخ: 07/10/2018 ( آخر تحديث: 07/10/2018 الساعة: 14:00 )

الكاتب: د. علي الاعور

العلاقات الدولية بين الدول تحكمها عنصري القوة والمصالح، وكلا من الدول تستخدم اساليب متعددة اما بالقوة العسكرية واما بالعقوبات الاقتصادية أحيانا واما بالرسائل المباشرة او غير المباشرة من خلال عمل عسكري او سياسي واحيانا أخرى تكون رسائل دبلوماسية. ولكن إسرائيل كانت ومازالت تبعث برسائلها الى الفصائل الفلسطينية برسائل واضحة وقوية وكانت اخرها تلك الرسالة التي أرسلتها من خلال الصحفية الإيطالية التي اجرت اللقاء مع السنوار احد قادة حماس وهو من ضباط الصف الأول في قيادة حماس.
القضية لا تتعلق بالصحافة ولا تتعلق بالمهنية الصحفية ولا تتعلق باعتذار الصحفية او نقل صحيفة يديعوت احرنوت المقابلة ونشرها سواء من خلال النص الأصلي او من خلال تحريفها فهي في النهاية جلست مع السنوار في مكتبة وجها لوجه وهذا يعني الكثير ويعني ان إسرائيل ارسلن رسالتها بوضوح وبقوة الى السنوار.
صحيفة يديعوت احرنوت من الصحف الإسرائيلية الواسعة الانتشار في إسرائيل ولها شعبية كبيرة واختيارها لنشر هذا اللقاء الصحفي لتصل الرسالة الى المجتمع الإسرائيلي أولا ومن ثم الى حركة حماس ثانيا او الاثنين معا في نفس الوقت ولكن المهم ان الرسالة سوف تصل بنفس المضمون وبنفس الهدف ولكن استقبالها سوف يختلف من طرف الى اخر.
إسرائيل ليست بحاجة الى معرفة ما يصرح به السنوار فهي تعرف الكثير عن حركة حماس وفلسفتها واستراتيجيتها وكانت اخرها تلك الوثيقة التي نشرتها حماس وأعلنت انها تسعى الى إقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران وهذا يعني ان حماس اعترفت بشكل مباشر او غير مباشر بدولة إسرائيل ، فالامر يتعلق بمفاوضات التهدئة والمظاهرات على السياج الحدودي اليومية وبالتالي ارادت إسرائيل ان ترسل رسالة واضحة الى السنوار.
قبل اربع سنوات عندما كنت طالبا في برنامج الدكتوراة في قسم الدراسات الشرق الأوسط في الجامعة العبرية وكنت في نقاش حول القضية الفلسطينية مع الطلاب اليهود في برنامج الدكتوراة في قسم الدراسات الشرق الأوسط وقف البرفوسور " هليل كوهين " وقال بالحرف الواحد " يا علي إسرائيل تعرف عن الفلسطينيين اكثر مما يعرفون عن انفسهم" فقلت له بالحرف الواحد " ولكن إسرائيل لا تعرف كيف يفكر الفلسطينيون" وهذا يعني ان هناك رسالة اقوى من تصريح صحفي يدلي به السنوار واعتقد ان حماس فهمت الرسالة بامتياز.
رجال السياسة والسياسيين يعرفون ويفهمون رسالة إسرائيل الى السنوار، ولكن الصحفيين يعتقدون ان الحوار والاستفزاز الفلسطيني من اللقاء والكشف عنه لاحقا في صحيفة يديعوت احرنوت، يعتقدون ان الامر يتعلق بالصحافة والعمل الصحفي ولكن لا الومهم لانهم يعتقدون ان فوز صحفية إيطالية باجراء هذا الحوار الهام مع السنوار هو الجائزة الكبرى ولكن الجائزة الكبرى هي رسالة إسرائيل الى السنوار باعتباره القيادي القوي داخل حركة حماس و يقود مفاوضات التهدئة مع إسرائيل.
من هنا ....فلا تهتموا بالبيانات الصحفية كثيرا ، فالعمل الصحفي هو نقل الاخبار واجراء حوارات صحفية خاصة مع قيادات مؤثرة في العلاقات الإقليمية او العلاقات الدولية ...ولا تهتموا بتبرير الصحفيين في غزة كما قال الصواف قبل يومين " المسألة تتعلق فقط بالعمل الصحفي والمهنية الصحفية التي يتحلى بها الصحفي في مهنته .
اعتقد ان هذه الرسالة قد وصلت حركة حماس وقد ايقنت مفهومها وانني أؤكد لكم بان هذه الرسالة سوف يكون لها نتائج عاجلة في مفاوضات التهدئة وفي المظاهرات على السياج الأمني لان الرسالة كانت قوية ومباشرة ولن تستهين بها حماس وسوف تفكر بها جيدا وخصوصا السنوار القيادي في حركة حماس.
وأخيرا ... هناك من يسأل في نهاية المقالة : ما هي الرسالة التي أرسلتها إسرائيل الى حماس؟ سأقول له ان الرسالة واضحة ولا يفهمها الا رجال السياسة ومن يعمل بالسياسة ومن يتتبع تاريخ العلاقات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية منذ السبعينات والثمانينات من القرن الماضي يعرف تلك الرسالة ... اما الصحفيين فلهم شان اخر بالصحافة.