الجمعة: 07/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

عندما يكون الصمت موقف !!!!!

نشر بتاريخ: 28/10/2018 ( آخر تحديث: 28/10/2018 الساعة: 10:20 )

الكاتب: عوني المشني

لا يختلف احد ان المصالح هي العنصر الحاسم في تحديد سياسات الدول والجماعات، لكن وحتى في ظل المصالح فان هناك جانب اخلاقي وضميري لا يمكن تجاهله او تجاوزه بالكامل. ربما يمكن الصمت في بعض الجوانب، واغماض العين في جوانب اخرى، ولكن عندما تصبح التجاوزات صارخة وتجتاز كل الخطوط الحمر فان الموقف الاخلاقي الضميري يصبح امرا لا يمكن تجاهله او القفز عنه.
في السياسة الفلسطينية الرسمية كان هناك مفهوم عدم التدخل في السياسات العربية على وجه الخصوص حفاظا على مصالح الفلسطينيين المشتتين في بقاع الارض، وللحفاظ على مركزية القضية الفلسطينية كقاسم مشترك وعدم زجها في الصراعات العربية الكثيرة والمعقدة، وكانت تلك السياسة مفهومة ومقبولة رغم انها تصمت احيانا وتغض النظر احيانا عن تجاوزات اخلاقية وضميرية، ولكن قداسة قضيتنا وحاجات شعبنا تفرض علينا ما يوجع الضمير. 
في الآونة الاخيرة لوحظ ان السياسة الفلسطينية الرسمية تجاوزت الصمت وعدم التدخل لتصل لدعم ما يشكل تجاوزات خطيرة لحقوق الانسان واكثر من ذلك أضرار سافر ومتعمد للمصالح القومية وحتى لمصالح شعبنا الفلسطيني، رغم ان صمتنا كان يكفي حفاظا على قضيتنا ومصالح شعبنا، وجدنا الموقف الفلسطيني الرسمي يذهب بعيدا باتجاه دعم تلك السياسات رغم سفورها، ان نقف داعمين للحرب على اليمن، رغم ما يمثل ذلك من ازهاق آلاف الأرواح العربية ومجاعات لشعبنا العربي في اليمن موقف فلسطيني لا تستطيع حتى مصالح شعبنا او عدالة واهمية قضيتنا تبريره، لم يكن المطلوب موقف نقيض لهذا تماما، ربما عدم إعطاء موقف والبقاء في دائرة الحياد يشكل موقفا وان كان موجعا لضمائرنا ولكنه يمكن ان يتفهم على ضوء تبعات إظهار موقف اخر، وان ندعم موقف النظام السعودي في قضية كقضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي ايضا موقف يتنافى مع سياستنا الفلسطينية القائمة على عدم التدخل، ربما كان صمتنا يشكل موقفا مفهوما حماية لشعبنا ولقضيتنا ، وربما اننا لسنا ملزمين بموقف كهذا حيث لا دولة على الإطلاق سمحت لنفسها بإعطاء موقف كهذا رغم حاجة الكثير من الدول للسعودية وارتباطها بمصالح معها .
والان تأتي قضايا التطبيع العربية مع اسرائيل، والتي تشمل زيارات وفرق رياضية ....الخ . هنا اضافة للبعد الاخلاقي فان قضيتنا الوطنية تتضرر بشكل واضح ولا مجال مطلقا للمهادنة على ذلك، وقبل ذلك كان الموقف المريب من تدمير مخيماتنا الفلسطينية في سوريا وبالتحديد مخيم اليرموك ومشاركة كل اطراف الصراع بما فيها النظام في تلك الجريمة البشعة اضافة لقتل واعتقال المئات من أبناء شعبنا الفلسطيني في سوريا، فالصمت يعتبر بشكل او بآخر قبول بالتطبيع العربي قبل اقامة الدولة الفلسطينية، هذا في موضوع التطبيع اما فيما يحصل لشعبنا في سوريا فالصمت هو تضحية بمصالح شعبنا وحياة ابنائه على قاعدة مصالح ضيقة لا تعني شيئا امام حجم الماساة التي ألمت بشعبنا هناك ، لهذا كان الصمت هنا اكثر من مهادنة على حساب شعبنا وقضيتنا. نحن نعلم محدودية إمكانياتنا ولكن ليس هناك محدودية لموقفنا الوطني والاخلاقي والضمير . بالتأكيد نتفهم ضرورات السياسة ولعبة المصالح التي تحكمها ، ونتفهم ايضا المناورات التي تجعل من الصمت مقايضة بمواقف نحتاجها ، ولا نمارس السياسة بمنطق الفروسية ، ولكن هناك خطوط حمراء يعتبر تجاوزها مسالة تخرجنا من دائرة الصمت لنقول كلمتنا بالفم الملآن ودون مقايضة .
لسنا سذجا لدرجة اقحام أنفسنا في دائرة التجاذب العربية والإقليمية ولسنا هواة تسجيل مواقف، فلسطين ستبقى البوصلة وهي المعيار الذي يحدد مواقفنا ، لكن فلسطين قضية انسانية واخلاقية وضميرية اضافة لكونها قضية سياسية ، الانفصام في المواقف على قاعدة المصالح بالطريقة التي تبدو فيها السياسة الفلسطينية الرسمية يساهم في تاكل الموقف الشعبي الداعم والملتزم بالقضية الفلسطينية وهذا ربما ما هو اخطر.