الإثنين: 01/07/2024 بتوقيت القدس الشريف

غرفة عمليات مشتركة لانجاز المصالحة؟؟

نشر بتاريخ: 22/11/2018 ( آخر تحديث: 22/11/2018 الساعة: 12:30 )

الكاتب: وليد الهودلي

تميزت ابداعات المقاومة في العدوان الاخير بعدة اشياء وازنة كان لها أثر كبير في ساحة المواجهة، خاصة ونحن نتحدث عن حرب غير متكافئة في الامكانات والقدرات فلا بد من الاقل قوة مادية ان يخرج من مكنوناته ما يفاجىء به عدوه وأن يضرب نقاط قوته مواضع ضعف عدوه، وقد كان من أهم هذه الاشياء غرفة العمليات المشتركة حيث التفكير الجماعي في قرارات حساسة وخطيرة تمتزج فيها الابعاد العسكرية والسياسية وابعاد الحرب المادية والنفسية وتقديرات القوة المادية والمعنوية للذات والعدو، وكانت القرارات الحكيمة والحازمة في تقدير حجم المعركة القائم على الحفاظ على قوة الردع وتوازن الرعب وفي نفس الوقت تجنيب القطاع لحرب الشاملة لا يريدها أحد، وقد تزيد الناس ارهاقا على ما هم فيه من بؤس وضنك نتيجة الحصار والحروب التدميرية السابقة.
هذه المشاركة الجماعية في قرارات الحرب والسلام كان لها الاثر الكبير في السير بالمواجهة على افضل الطرق الممكنة كما راينا ، وكان هذا ايضا الرد على كل من يحاول الاستفراد بحماس والضغط عليها من أجل السير بالامور على منحى مختلف ، الرد هو ان القرار جماعي ولا بد من الرجوع الى أصحاب هذا القرار ومن يملكون صلاحية القرار ، وهذا هو سر الفرق الشاسع بين الدول الديمقراطية والديكتاتورية اذ يصعب في الاولى الضغط على هذه الدول لان هناك اطر جماعية لاتخاذ القرار لا يمكن تجاوزها ، بينما يسهل في الثانية الضغط على الزعيم الملهم صاحب القرار الاعلى والاوحد ، ثم ان هذه الغرفة المشتركة تجعل من قرارها قرارا للجميع الكل ينتمي اليه ويدافع عنه ويتحمل كامل المسئولية المترتبة عليه ، لقد كانت هذه الغرفة علامة نجاح بامتياز في ادارة المواجهة .
وهذا ايضا ينطبق على مسيرات العودة وسبل اتخاذ القرارات الخاصة بها وهذا هو سر من أسرار نجاحها ، ولنا ايضا في القيادة الوطنية الموحدة لانتفاضة الحجارة عام 1987 التي تشكلت لقيادة فعالياتها ،خير مثال ، تشكلت من الفصائل الوطنية والاسلامية وقادت الانتفاضة بفعالية عالية ، وما جرى من مفاوضات سرية في اوسلو التفّ على رقبة هذه القيادة الوطنية الموحدة والتفّ ايضا على رقبة الوفد الفلسطيني العلني بقيادة الدكتور حيدر عبد الشافي ، وكان للمفاوضين في هذا الاسلوب السري ان يضغط عليهم وأن تنتزع منهم اشياء ما كان لها ان تتم لو كان لها مرجعية جماعية أو غرفة عمليات مشتركة .
هذا المثال الناجح في صناعة القرار الفلسطيني وقيادة المواجهة في أصعب الظروف وأشدها حلكة يدعونا للبناء عليه ، ولنا ان نتساءل : لم لا تتشكل غرفة عمليات مشتركة من شخصيات معروفة برجاحة العقل والحكمة السياسية ، ليفرز كل فصيل حكيمه اضافة الى شخصيات مستقلة ومعروفة بروحها الوطنية وتاريخها الاصلاحي والمعرفي والخبرة الواسعة ولتتشكل غرفة عمليات مشتركة لطي صفحة الانقسام واعادة الوحدة الفلسطينية من جديد . اعلم ان الحديث عن انهاء الانقسام اصبح ممجوجا وضربا من الخيال عند البعض كما الحديث عن الوحدة العربية .. لكننا عندما نرى النجاح الفلسطيني يتجلى بأبهى صوره ، وعندما نرى ان الفلسطيني قادر على تجسيد الوحدة وقادر على التفكير الجماعي وقادر على صناعة القرار الموحد ( كما رأينا في غرفة العمليات المشتركة ) فاننا نتفاءل من جديد وندعو الى الاستفادة من هذه التجربة التي اثبتت جدارتها وأثبتت اننا قادرون على السير في القضية بالاتجاه الصحيح .