نشر بتاريخ: 02/12/2018 ( آخر تحديث: 02/12/2018 الساعة: 11:21 )
الكاتب: بهاء رحال
تتواصل الهجمة المحمومة التي يشنها الاحتلال في القدس، بشكل غير مسبوق، حين قامت باعتقال متكرر لمحافظ المدينة، وعدد من عناصر الأمن الفلسطيني، الذين يتهمهم الاحتلال بملاحقة السماسرة وبائعي البيوت المقدسية للجماعات الاستيطانية، الأمر الذي جعل الاحتلال يُجن بشكل هستيري، مستهدفاً كل وجود مقدسي في القدس، معلناً عن جملة من الاعتقالات والاجراءات التعسفية والقمعية، ولم يتوقف عند هذا الحد، بل واصل عمليات المنع والقمع لأي مظهر وطني فلسطيني يقام داخل المدينة المقدسة، سواء كان فعل ثقافي، أو فني، أو مسرحي، كما وأنه اتخذ مجموعة من الاجراءات القمعية ضد المؤسسات الوطنية والانسانية والثقافية العاملة في القدس. فما الذي يريده الاحتلال؟ وإلى ماذا يسعى؟
لا يخفى على أحد، أن الاحتلال يحاول تكريس سياسة الأمر الواقع في المدينة المقدسة، ومحو كل أثر فلسطيني أو عربي، مسيحي أو اسلامي، وطمس الهوية الفلسطينية في المدينة المقدسة، وترسيخ واقع جديد من خلال جماعات استيطانية متطرفة تهدف لتهويد المدينة بالكامل، تارة من خلال المصادرة بالقوة، وتارة أخرى من خلال بعض السماسرة ضعاف النفوس، وأعداء الوطن، من العملاء والمرتزقة الذين تسول لهم أنفسهم، بتسهيل امتلاك تلك الجماعات الاستيطانية لبيوت المقدسيين وأراضيهم، خداعاً وتسويفاً وضلالاً. وهنا تظهر جلياً حقيقة تلك الهجمة المسعورة التي لم تتوقف منذ بدأت، وهي تهدف بالأساس لحماية أولئك السماسرة والعملاء، وضمان عدم ملاحقتهم من قبل الأمن الفلسطيني، وعدم المساس بهم بأي طريقة كانت، حتى يواصلوا عملهم المسموم، ورذيلتهم التي يقترفونها دون وازع أخلاقي أو ديني أو وطني، مقابل حفنة من الدولارات، وهذا جعل الاحتلال ينسف كل شيء دفعة واحدة، ويعتقل محافظ القدس، والكل يعرف ما يمثله من اعتبارات، كما ويأتي هذا الاجراء التعسفي ليوجه تهديداً واضحاً ومباشراً للقيادة الفلسطينية برمتها، أن يوقفوا أي فعل منظم لهم في القدس. فمحافظ القدس وشباب الأجهزة الأمنية في القدس وضواحيها لا يمثلون أنفسهم فحسب، بل يمثلون سياسة القيادة الفلسطينية، ويلتزمون بأوامرها وتعليماتها، ولا يخفى على أحد الصراع الدائر في القدس، والدفاع المستميت من قبل المقدسيين، للحفاظ على كل شبر وكل بيت وكل طريق وشارع. الأمر الذي ينبئ أن معركة القدس قد بدأت، أو أنها تقترب من البداية في مواجهة حتمية قادمة لا محالة بين أصحاب الحق التاريخي، والاحتلال الجاثم على صدر المدينة.
إن ما يقوم به الاحتلال هذه الأيام في القدس، هو لوقف ومنع أي فعل فلسطيني منظم، يواجه سياسات التهويد والاستيلاء على بيوت المقدسيين، والحفاظ على طابع المدينة المقدسة، وهم يسعون بكل الطرق لكي يوقفوا ماكينة الفعل الفلسطيني التي بدأت تحاصرهم، وتوقف المزيد من عمليات البيع، وتعلن أن يدها تصل لكل من تسول له نفسه بالخيانة.
إن المطلوب وطنياً أن لا تقف الفصائل الوطنية والإسلامية على الحياد، وأن لا تكتفي ببعض الشعارات الرنانة والبيانات والخطابات، بل عليها أن تضع برنامجاً نضالياً موحداً، جنباً إلى جنب مع رجال الدين والرهبان والقساوسة، إلى جانب المؤسسات والجمعيات والمراكز والهيئات والعشائر والعائلات، وأن يكون كل الفعل الفلسطيني منظماً ومتناسقاً، وفق خطوات متفق عليها لمواجهة الخطر الاستيطاني التهويدي المستعر في القدس.