نشر بتاريخ: 15/12/2018 ( آخر تحديث: 15/12/2018 الساعة: 14:38 )
الكاتب: وليد الهودلي
يقدّم شهداؤنا نموذجا حرا أبيا قويا صارخا، من تحت ركام الاحباط ومن عمق الغابة المتوحشة ومن وسط الحصار المطبق ومن تحت العيون المتربصة والكاميرات الخائنة يتقدمون، يدركون تماما وعورة الطريق وكثرة المتربصين بكل مجسّات المراقبة والمتابعة قديمها وحديثها، يدركون حجم العاملين كما ونوعا على كبت كل من يريد ان يشعل شمعة أو يريد أن يحرك سكون الارواح المحبطة أو يريد أن يعيد للقضية نفسا من أنفاسها الصادقة..
وهم يدركون أيضا أن طريق الجهاد والثورة لم تكن في يوم من الايام محفوفة بالورود، ممهدة ومهيأة وجاهزة لكل من أراد السير وبلوغ المراد، بل بالعكس تماما هي الطريق الصعب طريق ذات الشوكة، كما ميز القران يوم بدر بين من أراد القافلة صيدا سهلا وبين من أراد كسر الشوكة وتحقيق الانتصار على جيش عرمرم.
وتزيد كاميراتنا الفلسطينية الطريق مشقة على ما هي عليه ظروف العمل بالغة التعقيد، أصبحت طرقنا عيونا مزروعة علينا، انتشرت الكاميرات في كل مكان، لتحقق خدمة ما بعدها خدمة للاعداء، فقط ما عليهم الا ان يستخرجوا ما في بطونها من صور مخزنة، يأخذونها لتكتمل عندهم ملامح الصورة المطلوبة، مساعدة مجانية، عن علم أو جهل نخدم أعداءنا ونطعن مجاهدينا ونخون قضيتنا.
نضع بأيدينا كاميرات خائنة ونعلم مسبقا أنها مكشوفة لاعدائنا، وحتى اننا نعلم ان اختراقها والوصول الى ما فيها أمر يستطيعه أعداؤنا لان هذه الكاميرات مشبوكة على النت والنت هم سيّد من يخترقه ويصل الى كل ما فيه.. سابقا كانوا يحققون مع شهود عيان لما حدث إن وجدوا، وعلى الغالب لم يكن هؤلاء يستجيبون للمحقق العدو فلا يخبروا بما شاهدوا، أما اليوم فشاهد العيان هو الكاميرا وهي لا تخفي شيئا مما شاهدت وسجلت بكل صدق وأمانة.
وقد يقول البعض أن فيها منافع لنا ولحفظ ممتلكاتنا ولكن بات من الواضح جدا ان إثمها أكبر من نفعها بكثير، هل لنا ان نتصور أن هذه الكاميرات قد دلت على رجل مقاوم اخترق وتجاوز كل العقبات ليصنع نموذجا ويحيي قضية، هكذا تدل عليه وتساعد في تصفيته، عن أية منافع نتحدث أمام مساعدة الاحتلال في الوصول الى جرائمه ؟