نشر بتاريخ: 22/12/2018 ( آخر تحديث: 22/12/2018 الساعة: 12:36 )
الكاتب: د.ناجي صادق شراب
اقصد بنهاية الحقبة الفلسطينية نهاية القضية الفلسطينية، ومن ثم بداية مرحلة سياسية جديدة لخارطة جديدة للمنطقة، تكون فيها إسرائيل أحد الفواعل الرئيسة، ويختفي دور فلسطين كأساس للخارطة العربية او المنظومة العربية التي لعبت فيها القضية الفلسطينية مكونها الرئيس، بمعنى ان القضية الفلسطينية شكلت أساس الأمن القومي العربي، والذي هو أساس النظام الإقليمي العربي الذي تجسده الجامعة العربية، ليتم إستبداله بنظام لم تعد فيه القضية تشكل هذا الأمن، ولم تعد فيه إسرائيل الخطر الذي يتهدد الأمن القومي العربي، وبالتالي لا بد من البحث عن معالم خارطة سياسية جديدة، وقد تكون هذه الخارطة هي الغاية والهدف الرئيس لصفقة القرن....
لذلك فلصفقة القرن هدفان الأول تفكيك والتخلص من مكونات القضية الفلسطينية بتسوية ما، والغاية الثانية السعي لرسم خارطة سياسية جديدة إسرائيل أحد فواعلها. وهنا التساؤلات كثيرة: هل فعلا وصلت القضية الفلسطينية إلى نهاياتها؟ ولم تعد فعلا قضية العرب التي كانت تفرض نفسها على أجندات كل سياسات الدول العربية، بل إن أولويات السياسات الداخلية كانت مرهونة بالقضية الفلسطينية؟ وهل فعلا لم تعد القضية الفلسطينية القضية الملهمة للشعوب العربية؟ فأي شهيد فلسطيني كان يحرك الشارع العربي، لتمتد كل المظاهرات العربية رافعة علم فلسطين قبل علم الدول العربية ذاتها؟ الإجابة على هذه التساؤلات تأتي بنعم....
والظواهر على تأكيد نهاية الحقبة الفلسطينية كثيرة وعلى كافة المستويات: فلسطينيا وهذا الأهم الإنقسام السياسي الفلسطيني بين حماس وفتح والذي تجاوز العقد وتخللته الخلافات والحرب الإعلامية، والإعتقالات، والإتهامات المتبادلة، كان سببا كافيا لإماتة القضية الفلسطينية لدى المواطن العربي، وضعف السلطة الفلسطينية، ورهان القرار السياسي الفلسطيني فصائليا وسلطويا ساهم أيضا في تراجع القضية الفلسطينية، وإسرائيليا : إسرائيل تمضي قدما في الإستيطان وقتل حل الدولتين، وإصدار قانون القومية اليهوديه الذي يلغي أي حق للفلسطينيين على ارضهم، والتعامل معهم ككتلة سكانية، وعربيا وهذا المهم أيضا: صحيح ان القضية الفلسطينية ما زالت قضية إهتمام وليس اولوية عربيا، فاليوم كما نرى لم تعد القضية الفلسطينية هي المحدد للأمن العربي، بل إن كل دولة عربيه باتت ترى أمنها من منظور مغاير، وذلك مع بروز تهديدات امنية جديدة كالتهديد الإيراني الذي بات ملموسا وواقعيا، خطر الجماعات ألإسلامية المتشددة، ولم تعد المحرك للمواطن العربي، ولعل ما نقراه عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وعبر الكتابات للكثير من الأقلام في عدد من الصحف العربية يوضح لدينا بدون أدنى شك أن القضية الفلسطينية لم تعد تحرك الشارع العربي، والدليل على صدق ذلك الحروب التي شهدتها غزة، والشهداء الذين يتساقطون، مسيرات العودة وكل الإعتداءات الإسرائيلية ليست كافية للتحريك، بل تحولت أخبار فلسطين واحداثها مجرد خبر عادي على صفحات الصحف، أو في نشرات الأخبار..
ودوليا لم تعد قضية فلسطين القضية الدولية الأولى، فإهتمامات الدول المعنية بالقضية الفلسطينية قد تبدلت، أمريكا وشعارها أمريكا أولا، ودعم وتبني وجهة نظر إسرائيل بالكامل، وقراراتها بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة إليها، وما نلحظه من تحركات بعض الدول في نفس الإتجاه، وروسيا معنية بسوريا وأوكرانيا اكثر من فلسطين، والصين لها رؤيتها الإستراتيجية في شرق أسيا، وتنافسها التجاري مع الولايات المتحدة، وأما الدول الإقليمية كإيران وتركيا فلم تكن القضية الفلسطينية اكثر من وسيلة لتحقيق أهدافهما القومية. ولعلي لا أذهب بعيدا ان التصويت ألأخير على المشروع ألأمريكي لإدانة حماس يظهر هذا التراجع، فعندما نقول 87 دولة أيدت و57 إعترضت و13 إمتنعت ومن بينها دولا كانت مؤيدة تقليديا للقضية الفلسطينية، فهذا مؤشر خطير على المستوى الدولي السلبي، كل هذه الإرهاصات توضح لنا أننا على أبواب نهاية الحقبة الفلسطينية، وبداية مرحلة وحقبة جديدة لكن ثمنها السياسي هو القضية الفلسطينية، وإذا لم نسارع لإنهاء الإنقسام، ووضع الإستراتيجيات التي تعيد للقضية هيبتها ومكانتها، فسنجد انفسنا خارج هذه الخارطة.