الجمعة: 22/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"حل التشريعي والانتخابات" من صلاحيات المركزي والرئيس

نشر بتاريخ: 24/12/2018 ( آخر تحديث: 24/12/2018 الساعة: 12:00 )

الكاتب: د. هاني العقاد

لا اعتقد ان اي نظام سياسي محترم يمكن ان يستمر في ادارة البلاد تحت مسمى نظام ديموقراطي ابعد من الدورة الانتخابية الواحدة التي يقرها الدستور، ولا اعتقد ان اي برلمان وطني يستطيع سن قوانين وفرض رقابة فاعلة على اداء الحكومة ومؤسسات الدولة بمواصفات المجلس التشريعية الحالي ولا اعتقد ان اي برلمان في اي دولة يمكن ان يستمر في اداء مهامة لاكثر من دورة برلمانية الا في حالتنا الفلسطينية فان المجلس التشريعي الفلسطينين انتهت شرعيته منذ العام 2010 ولم يحدث تحديث لممثلي الشعب الفلسطيني وبالتالي صدور حقوق التمثيل لاجيال كفل لها القانوني الاساسي المشاركة في ادارة البلاد. لم يكن التشريعي الفلسطيني يوما من الايام من اجل المواطن الفلسطيني اكثر مما هو من اجل بعض القيادات والاحزاب السياسية. الانقسام احدث تعطيلا مقصودا وغير مبرر للمجلس التشريعي ولم يعد يقوم بمهامه على اكمل وجه بقدر ما يسخر عمله ومهامه لصالح كتلة برلمانية واحدة وبالتالي اصبح البرلمان الفلسطيني اداة في يد الحزب السياسي او الفصيل تصدر الاوامر من رئاسة الحركة له بالانعقاد فينعقد ويستعرض الاجندة التي اعدتها بعض الفصائل المهيمنة على المجلس التشريعي الفلسطيني.
تعطلت الانتخابات التشريعية الفلسطينية بفعل الانقسام واصبح اعضاء المجلس التشريعي محرضين على بقاء الانقسام واستمراره اكثر من دعواهم لانهاء الانقسام وتسخير كل الطاقات لذلك ليبقي التشريعي ويبقوا هم نواب الشعب الخالدين ليس هذا فقط بل ان احد القيادات المحسوبة والوازنة كان لها دور خطير وكبير في ترشيح اعضاء القوائم الانتخابية سواء على مستوى الوطن او مستوى الحزب ليبقى هو الرأس والمحرك لهؤلاء النواب ينفذون اجندته للبقاء على راس مركز القوة في المجلس التشريعي بل وكل مؤسسات السلطة وبالتالي يهيمن على مفاصل القرار الذي يؤسس لانقلاب ناعم على الرئاسة الفلسطينية وازاحة الرئيس لكن الانقسام افشل كل هذا ومكن كافة اعضاء التشريعي من البقاء في المجلس الى الان دون ان يقدموا ما اقسموا عليه امام الجماهير الفلسطينية والرئيس.
بالرغم من هذا كله والتعطيل للمجلس التشريعي وهيمنة بعض الكتل والاعتداء على صلاحيات الرئيس القانونية واصدار البيانات انه لا يمثل الشعب الفلسطيني ويجب محاكمته الا ان قرار المحكمة الدستوية غير دستوري وليس قانوني وهو من اختصاص المجلس المركزي وحده الذي يمكنه حل التشريعي دون حل السلطة لان صلاحيات المحكمة الدستورية حددها القانون في اختصاصات الرقابة على دستورية القوانين وتفسير نصوص القانون الاساسي والفصل في تنازع الاختصاص بين الجهات القضائية والجهات الادارية ذات الاختصاص والبت في الطعن بفقدان الرئيس الاهلية القانونية وهذا يعني ان حل التشريعي ليس من صلاحيتها. لكن يمكنها ان توصي بالانتخابات التشريعية والرئاسية دون الاعلان عن انتخابات برلمانية لان هذا من صلاحيات الرئيس ابو مازن فقط بموجب المادة 34 من قانون الانتخابات او بموجب اتفاق القاهرة 2011. 
ومن هنا فانه ليس من صلاحيات المحكمة الدستوية بالمطلق اعلان حل التشريعي او انهاء ولايته البرلمانية او تحديد موعد للانتخابات التشريعية والرئاسية لان هذا يعتبر اعتداء على صلاحيات الرئيس نفسه لانه الوحيد الذي خوله القانون الاساسي باصدار المراسيم الخاصة باجراء الانتخابات وموعدها. لعل الخطأ الدستوري اليوم ان تقدم المحكمة الدستورية على حل التشريعي لاننا ندرك ان حل التشريعي فقط من صلاحيات المجلس المركزي او الوطني ان امكن انعقاده وعليه فلا يجوز بأي شكل من الاشكال ان يحل المجلس التشريعي بناء على قرار المحكمة الدستورية او اي هيئة قانونية بالسلطة الفلسطينية ولا حتى بمرسوم رئاسي نافذ حتى لو كان معطلا ولم ينعقد منذ دورته الاولي كما جاء في تفسيرات المحكمة الدستورية.
المشهد يقول ان امام الرئيس حلين الاول ان يصدر الرئيس مرسوم رئاسي بموعد نهائي للانتخابات التشريعية والرئاسية دون حل التشريعي سواء انتهى الانقسام ام لم ينتهِ، وتجري الانتخابات في كامل اراضي السلطة الفلسطينية وان امتنعت حماس واعاقت اجراءها في غزة، فإن الانتخابات تجري في الموعد المحدد دون تأجيل، او ان ينعقد المجلس المركزي ويعلن تطبيق كافة القرارات التي اتخذت في الدورة الثلاثين (دورة الدفاع الخان الاحمر والدفاع عن الثوابت الوطنية) ويأتي على راس قراراته التي يجب ان يصوت عليها واهمها حل التشريعي لذات الاسباب التى سردناها مسبقا في بداية هذا المقال وبالتالي دعوة الرئيس لاصدار مرسوم الى انتخابات برلمانية ومجلس دولة باعتباره مجلس الدولة المكلف بهذا وهنا نكون قد حققنا هدفين الاول انتقلنا رسميا من السلطة الى الدولة واصبح لدينا مجلس دولة منتخب وشرعي وكل هذا يأتي تجسيدا لقرارات المجلس الوطني في دورته العادية مايو 2018 "دورة القدس وحماية الشرعية الفلسطينية".  
اليوم سندخل جميعا في نفق انقسامي جديد وهو مدى إلزامية قرار المحكمة الدستورية من عدمه ومدى قانونيته وهذا يعتبر فصل جديد في حالة التشرذم والضياع الفلسطيني يجب ان ينهيها المجلس المركزي الفلسطيني في اقرب وقت ممكن..
وهنا بات مهما ان يصدر الرئيس مرسوماً عاجلاً بالدعوة لانعقاد المجلس المركزي لاخراج الحالة الفلسطينية التي سببها قرار المحكمة الدستورية من حالة تضارب الصلاحيات والمهم ان اجتماع المركزي الجديد يحمي صلاحيات المركزي من الاقتناص من قبل المحكمة الدستورية ويحمي الكيانية الوطنية وبقاء منظمة التحرير الفلسطينية صاحبة الكلمة العليا امام حالة الفوضي التي تسببها الانقسام. 

[email protected]