السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

فلسطين ونظرية الفوضى القانونية

نشر بتاريخ: 24/12/2018 ( آخر تحديث: 24/12/2018 الساعة: 12:09 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

لا شك ان قضية فلسطين عادلة تماما من حيث الحق الفلسطيني وقوته والمفردات والاحكام التي تؤيده في القانون الدولي، واول هذه الحقوق هو تقرير المصير فوق ارضه فلسطين وبالتالي يتبعه كافة الحقوق فوق الارض من سلطات وقوانين وغيرها من حقوق راسخة لا تلغيها او تعارضها اي سلطة او اية ارادة، وهي مسألة قد قوض العمل الدولي كله لاجلها عند عدم تنفيذها منذ عشرات السنوات بالزام اسرائيل ان ترضخ للقانون الدولي.
وعلى الصعيد الداخلي وفي ظل وجود فلسطين تحت الاحتلال فان الاحكام القانونية اوجدت نظام معين لكل مسألة لمعالجته دون احداث فراغ قانوني، سواء في الاحتلال المباشر او في ظل الحكم الذاتي، ففلسطين ومنذ نشأت السلطة اتخذت خطوات قانونية عملية نحو تجسيد دولة فلسطين بمؤسسات قانونية ودستورية يشهد لها الجميع وخاصة الانتخابات والتي بفعل الانقسام لم تتكرر سوى عقد الثانية مرة واحدة الفان وستة، ذلك ان التدخلات الكبيرة التي طرأت واتت بها ظروف الواقع المأساوي ادت الى حدوث فراغ قانوني كان يجب سده وفق قواعد الدستور، لكن تلك القواعيد كانت موجودة لحل الموضوع في فترة زمنية لا تتجاوز في اسوا الظروف 60 يوما لاجراء اي انتخابات، ولكن الامر طال بالنسبة لمجالس منظمة التحرير حتى وصل الامر الى ثلاثين عاما مع وجود الامكانية لاجراء انتخابات، وفي كلا مجلسي التشريعي على الدورتين تجاوز العشر سنوات وان اسباب عدم تجديدها كان لاسباب لا تتعلق باسباب طارئة، والسبب وهو الانقسام كان يمكن تجاوزه في الانتخابات.
عقب سنة 2002 وحتى 2005 جرت مجموعة من الاصلاحات تمثلت باقرار القانون الاساسي وبداية رسم الخريطة الواضحة لفلسطين، تمثلت في عقد الانتخابات بعدها وتجديد الشرعيات ولكن نتيجة الانتخابات لم تعجب البعض هنا وهناك فنشأ صراع على السلطة ادى الى حالة الانقسام بعد سنة فقط وقد ادت الحالة الى تراجع كل مقومات الوضع الفلسطيني، ومن وقتها اصبحت الشرعيات غير قادرة على تجسيد مهامها في الحياة القانونية والسياسة والاجتماعية وغيرها من مرافق الحياة، فنشأ تنظيم سياسي هنا واخر هناك وبدا الطرفان يحكمان وفق رؤيتهما بعيدا عن صحيح القانون، وبدأ كل طرف يمسك بنص القانون لصالحه ويطبقه كما يشاء، لدرجة عقد جلسات مجلس تشريعي دون اليات قانونية، واصبح وضعنا يرثى له، فنشأت هنا نظرية الفوضى القانونية.
الوضع القائم لا يمكن تسميته بوضع سليم من ناحية تطبيق القانون ولكن يمكن ان نطلق عليه وضع فيه فوضى قانونية غير مستندة لصحيح القانون، وخاصة ان سلطات الدولة فيها مشكلة انتهاء الولاية، وتجاوز احكام القانون واهمال قرارات المحاكم وغيرها من الامور التي يجب ان تراعى في احكام القانون.
فمثلا، قرار المحكمة الدستورية التفسيري اخيرا حول حل المجلس التشريعي وبعيدا عن المسائل المرافقة لتشكيل المحكمة ومدى اتفاقها مع القانون، هل يحق لها ذلك وهل هناك مجلس تشريعي ليتم حله؟ واقعيا وقانونيا لا يوجد مجلس تشريعي ليتم حله وانما هو منتهي منذ سنة 2010، بانتهاء الاربع سنوات وان المواد التي قالت بان المجلس يبقى حتى وجود مجلس جديد وبعد حلف اليمين هي مسألة لا تتجاوز فقط ثلاثة شهور في اسوأ الظروف عند انتهاء الاربع سنوات وبالتالي في كل الظروف هو منتهي الصلاحية بحكم القانون منذ تاريخ 24 نيسان 2010، واي تفسير خارج هذا يكون بحكم الفوضى القانونية، وان اي ممارسات للمجلس عقب هذا التاريخ ليست مقبولة، وهي مسألة منطبقة على منصب الرئيس والمجالس المحلية ومجالس منظمة التحرير وغيرها وهي مسألة لا تجدد من اي احد فالميت لا يمكن بعث الروح فيه متى انتهى اجله.
كما ان اللعب على تشكيل مجلس وطني وبعدها مركزي وتعيين جميع مناصب في المؤسسات في الدولة يبقى في اطار نظرية الفوضى القانونية التي اسست لمرحلة لا يمكن اصلاحها الا في اطار الرجوع الى سلطات الشعب وهناك قوانين تندرج تحت هذا المسمى فعشرة سنوات واكثر رتبت كم هائل من القوانين والتي يحتاج فيها المجلس التشريعي القادم الى سنوات واكثر من دورة لمراجعتها وحال ابطالها ستكون كارثة لان ما بني على باطل فهو باطل وهنا لا تستقيم نظرية الموظف الفعلي بتاتا، وخاصة انه موظف لا يتفق وضعه ومبدا النزاهة والشفافية او الكفاءة.
اخيرا، اننا لا يجب ان نلوم من يدلو بدلوه عبر وسائل التواصل الاجتماعي في ظل هذا الوضع، ولكن هناك بعض ممن يعتبرون اساتذة في القانون واخطأوا في تطبيق القانون ستكون الملامة عليهم، لان القانون لا يمكن الا ان يكون معالج وصاحب حل وليس ان يكون مشكلة او يفاقم من مشكلة، سيصعب حلها، وهنا اتوجه لاصحاب الراي القانون المتزن الذي ليس لديهم تغليب لمصالحهم ان يسعوا جميعا من اجل وضع ضوابط لمعالجة المسالة من اصلها بالرجوع الى الشعب وسلطته.