الجمعة: 07/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

حل المجلس التشريعي.. ما له وما عليه

نشر بتاريخ: 26/12/2018 ( آخر تحديث: 26/12/2018 الساعة: 16:21 )

الكاتب: بهاء رحال

أبلغ الرئيس محمود عباس قرار المحكمة الدستورية العليا النافذ بحل المجلس التشريعي الذي انتهت دورته منذ سنوات طويلة، وجاء القرار ليعصف من جديد بالحالة الفلسطينية ويزيد من المشاحنات الداخلية، بين مؤيدي القرار والذين اعتبروه خطوة في الإتجاه الصحيح، وبين من عارضه مشككاً في أنه قراراً غير قانوني ولا دستوري، ولست في صدد الحديث عن قانونية القرار فلست رجل قانون، أو دستوريته فهو صادر عن أعلى سلطة قضائية في فلسطين، وبالتالي لا أظن أن المحكمة الدستورية قد تخطئ فيما استندت إليه من مواد قانونية، ولكن الحال بقي ذات الحال، والخلاف القائم لا زال قائماً، لأن الإنقسام هو السبب في هذا الخلاف، وكل الإدعاءات التي سمعناها خلال اليومين الماضيين سببها بالأساس هذا الإنقسام الحاصل. فلو لم يكن هذا الإنقسام واقعاً، لذهبنا إلى صناديق الاقتراع منذ سنوات مضت، ولو لم يكن الإنقسام لشاركنا في العملية الانتخابية لدورتين، ولو لم يكن الإنقسام لكان لدينا مجلساً تشريعياً لا غبار على قانونيته ودستوريته، لكنه الإنقسام البغيض الذي يدخلنا في دهاليز واصطفاف هنا أو هناك.
القرار في مضمونه مهم بل غاية في الأهمية، ولكن تنفيذه أظنه صعب، خاصة وأنه يحتوي على بند إجراء الإنتخابات التشريعية خلال فترة زمنية حددها ب6 أشهر، وهذا في المدى المنظور مستحيل، وحتى إذا جرت في ظل رفض حركة حماس، فهذا يعني أننا مقبلون على إنتخابات تشريعية بدون غزة وبدون القدس التي سيخرجها الاحتلال ولو بالقوة ولن يسمح للمقدسيين المشاركة فيها، وأمام هذا فإن الحال سيتعقد أكثر إلا إذا جرت المصالحة، فما الذي يمنع حركة حماس من الموافقة على إجراء الانتخابات؟ هذا السؤال الذي قد يملك كل واحد منا جواب عليه، ولكن الجواب الأهم هو الذي ستقوله حركة حماس في الأيام القادمة، وهنا لا أقصد ما صدر عن بعض قياداتها من تصريحات خلال الأيام الماضية كردة فعل على القرار المفاجئ، ولكن أقصد ما سيصدر عن قيادة الحركة من موقف رسمي أرجو أن يكون متزناً وعلى قدر المسؤولية.
وهنا ووسط هذه الحالة فعلى حماس أن تتخذ قراراً مسؤولاً وأن تنهي صفحة الإنقسام وليكن صندوق الإنتخاب هو الحكم، وأن لا تبقى تصر على استمرار الحالة الراهنة على حالها، فمن حق الشعب أن يقول كلمته بعد كل هذه السنوات العجاف.
استمرار رفض حركة حماس لإجراء الإنتخابات يضع الكثير من التساؤلات أمامنا، ولا أريد أن أتطرق لها وأن نستبق الأحداث في هذا الظرف الحساس، ولهذا فإن علينا التروي قليلاً، خاصة وأن الفرصة لا تزال قائمة أمام قيادة الحركة، لتتخذ موقفاً يعيد الوحدة الوطنية، وينهي فصل الانقسام الأسود، والظرف مواتي ومناسب، وأرى أن استمرار التعنت والمزيد من الرفض ليس من مصلحة أحد، فهذا هو الوقت لنخرج من جديد من وسط دوائر الانقسام إلى دائرة الوحدة الوطنية التي تجمع الكل الفلسطيني بكل أطيافه وأحزابه، وخاصة في ظل الواقع السياسي المعقد والهجوم الأمريكي المنحاز والمتكامل مع مواقف الاحتلال، وفي ظل تهديدات ترامب باقتراب موعد صفقة القرن، فلنكن موحدين لكي تكون الصفعة في وجه ترامب وصفقته، وعصر الانحدار الذي جاء به إلى أروقة البيت الأبيض.
فلا تدخلوا في تفاصيل القرار، ولا تجعلوه العقدة، بل اجعلوه الحل، الحل الذي سيعيدنا من جديد إلى واقع الوحدة، وحدة الوطن والشعب والهدف، وليكن صندوق الإنتخاب هو الحكم، وهو السيد، وهو البداية الحقيقية لتوافق فلسطيني تام وكامل بين مختلف ألوان الطيف، وبين كل الأحزاب والتنظيمات والفصائل.