نشر بتاريخ: 26/12/2018 ( آخر تحديث: 26/12/2018 الساعة: 16:26 )
الكاتب: د. ياسر عبد الله
توطئة...
خلال السنوات العشر الأخيرة وبعد الانقسام الداخلي الفلسطيني، وبعد اعلان فشل المفاوضات وسقوط أوسلو أصبح الشباب الفلسطيني يعاني من تضخم في أعداد الخريجين العاطلين عن العمل الامر الذي ساهم في تشكل طبقة اجتماعية من الخريجين العاطلين عن العمل تجاوزت نسبتهم بالمتوسط 40% من خريجي الجامعات وفي بعض التخصصات وفي مقدمتها قطاع التعليم تجاوزت النسبة 70% والقانون 50% وبعض المهن الطبية 30%، وللأسف كل عام تتدحرج كرة الثلج حتى اصبح من الصعب على أي حكومة تحملها، فأعداد الخريجين العاطلين عن العمل تجاوزت (250) الف خريج في الضفة وغزة وبهذا فإن أولئك الخريجون شكلوا طبقة جديدة في المجتمع اطلق عليها اسم " الطبقة البركانية".
التفاوت الطبقي...
في المقابل وفي ظل معاناة الخريجين نجد أن هناك معالم الثراء ومعالم البرجوازية المسرطنة في المجتمع الفلسطيني وتشكل طبقة مكونة من: الأثرياء الجدد، وقد أصبح حجم هذه الطبقة يأخذ في تزايد داخل المجتمع، افرادها لهم كل الامتيازات والوظائف السيادية والمرموقة، بغض النظر عن تحقيق العدالة في توظيفهم، وهؤلاء شكلوا طبقة اجتماعية بعيدة عن واقع الشعب الفلسطيني، طبقة نسبة البطالة في قطاع التعليم عندهم 0% لان ابناءهم بالأساس لا يتقدمون لمثل هذه الوظائف، ونسبة البطالة في باقي التخصصات 0%؛ فهم من يملك القرار وهم من يعينوا أبناءهم في تلك الوظائف وعدد منهم يتم توظيفهم وهم على مقاعد الدراسة في الجامعات، واخرون يحصلون على منح خارج البلد وفيما بعد يلتحقون بوظائفهم سواء في الخارج او في داخل الوطن دون ان يتم الإعلان عن تلك الوظائف عبر ديوان الموظفين.
الصراع الطبقي..
بين تشكل الطبقتين (البركانية، والبرجوازية) في داخل المجتمع، يأتي الصراع الطبقي المبني على مصالح افراد تلك الطبقتين؛ الطبقة البرجوازية والتي تتوسع في داخل المجتمع وتسعى للحفاظ على ما وصلت اليه، وتسعى الى توريث ما وصلت اليه من مكانة ونفوذ الى أبناء تلك الطبقة التي تتوغل في المجتمع كما هو السرطان، وفي المقابل نجد الطبقة البركانية تعاني من وجع البطالة والجوع والفقر وغياب أدنى معايير العدالة الاجتماعية فهم من يعاني من البطالة ومن تهدم بيوتهم ومن يعتقلون ويستشهدون ويقدمون كل شيء لأجل الوطن؛ الامر الذي ولد حقداً طبقياً يحمله افراد الطبقة البركانية؛ فهم على وعي بما يدور حولهم وعلى معرفة بتفاوت الطبقي وغياب العدالة والمساوة في الحقوق بين افراد الطبقتين.
الحراك المطلبي ...
الصراع الناجم عن تفاوت الوضع الاقتصادي والمكانة بين افراد الطبقتين في غياب العدالة الاجتماعية ينبئ بحراك مطلبي كبير يضم كافة شرائح المجتمع الفلسطيني بعيداً عن الشريحة البرجوازية المتقوقعة على ذاته وان كانت تلك "التحركات المطلبية" لم ترتق الى درجة الثورة الأخلاقية – ثورة الحقوق المدنية الانسانية – الا انها تسير في هذا الاتجاه ؛ لان الفجوة تتوسع يوماً بعد يوم بين تلك الطبقتين، وفي ظل استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت فضائح المحسوبية تنتشر يومياً على تلك المواقع؛ وللأسف فإن ما يحدث من هبات جماهيرية بين الحين والآخر واعتداءات جيش الاحتلال على الأرض والانسان دائما ينقذ الواقع المتدهور من حالة الانفجار الكبير المرتقب.
الثورة الأخلاقية ...
للعلم فان "الطبقة البركانية" تضم افراد من طرفي الانقسام وتقف على ارض الضفة وغزة وكذلك هي الطبقة البرجوازية المسرطنة تضم افرادا من المنتفعين من طرفي الانقسام وبين تلك الطبقتين تأتي الفرصة الى التنبؤ بثورة أخلاقية – ثورة الحقوق الإنسانية والعدالة الاجتماعية- ؛ان الصراع في شقيّ الانقسام يخدم مخطط الاحتلال في الجانب الأمني وخلق حالة من الفوضى؛ فمن لا يجد لقمة العيش ومن تغيب عنه رؤيا المستقبل وحلم كل شاب بأسرة وبيت اعتقد ان موقعه في قلب ذاك الحراك الضخم المرتقب، ولن يكون مهماً لديه لصالح من او من يحركه او من ينتفع من هذا الحراك المرتقب فهو وصل الى مرحلة الحقد الطبقي في ظل غياب أدنى معايير العدالة الاجتماعية؛ وذلك مؤشرا على ان الثورة الأخلاقية – المطلبية – قد اقتربت في شقي الوطن .
تهديدات صفقة القرن..
بعيداً عن تهديدات وتحديات صفقة القرن فإن الشباب يعاني من تضخم في اعداد الخريجين العاطلين عن العمل، وبعيداً عن قانون القومية ما زالت العدالة الاجتماعية غائبة عن واقع المجتمع الفلسطيني، بعيداً عن قانون ترحيل أهالي الشهداء ما زال الشعب يعاني ازمة ثقة مع القيادة في شقي الوطن، بعيداً عن نقل السفارة ما زالت مسيرات فتح في غزة تواجه بالقمع من حكومة حماس، ومسيرات حماس في الضفة تمنع في الضفة الغربية.
حل المجلس التشريعي...
وبعيداً.. حل المجلس التشريعي والاعلان عن انتخابات قادمة فإن من يحسم الانتخابات هم أبناء الطبقة البركانية الخريجين العاطلين واسرهم وابائهم وامهاتهم؛ ان القهر يولد الحقد، واي طرف في الضفة يخوض الانتخابات سوف يُجلد من هؤلاء، وكذلك في غزة، فكلا الطرفين فشل في حل مشكلة البطالة في صفوف خريجي الجامعات؛ ولن يكون مستهجن ان نسبة التصويت قد لا تتجاوز 50% في أحسن الأحوال إن حصلت تلك الانتخابات. فهناك من سيقاطع الانتخابات والأسباب كثير ليس فقط هؤلاء المقهورين من الخريجين بل هناك فئات أخرى في المجتمع ترفض الواقع والحزبية السلبية في شقي الوطن؛ حتماً سيكون للمستقلين والتكنوقراط الحظ الاوفر في أي انتخابات قادمة.
الوحدة الوطنية... تحت مظلة منظمة التحرير.
وبعيداً عن صفقة القرن وحل المجلس التشريعي أصبحت الوحدة الوطنية بين شقي الوطني تحت مظلة منظمة التحرير الحل الوحيد لإعادة ثقة المواطن بالقيادة الفلسطينية سوء في الضفة أو غزة، وكذلك بين المواطن وقيادة الأحزاب والحركات السياسية الفلسطينية؛ فحجم التحديات والتهديدات التي تتعرض لها القيادة الفلسطينية يلزم الجميع الوقوف الى جانبها تحت مظلة الشعب الفلسطينية منظمة التحرير الفلسطينية.