نشر بتاريخ: 06/01/2019 ( آخر تحديث: 06/01/2019 الساعة: 11:35 )
الكاتب: د.هاني العقاد
شهدنا الاسبوع الماضي ولادة تجمع يساري ديموقراطي فلسطيني لخمسة فصائل من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية هي الجبهة الشعبية والديموقراطية والمبادرة الوطنية وحزب الشعب والاتحاد الديموقراطي فدا... وهي اصغر الفصائل الوطنية واقلها وزنا بالمنظمة لتكون جبهة عمل وطني يساري يريد النهوض من الوحدانية والفصائلية ويشكيل قوة لها كلمة في معترك السياسة الوطنية وتاثير فاعل في المشهد السياسي الفلسطيني.
يأتي هذا التجمع والقضية الفلسطينية تمر في احلك الاوقات واكثرها ظلمة على المستوى الداخلي وعلى مستوى الصراع مع دولة احتلال، فالانقسام الفلسطيني عبث بكل مقومات الدولة وبعثر الجهد الوطني واذاب المصلحة العليا للوطن في مصلحة الفصيل وقياداته التي لا تعترف بالاخر ولا ترغب بالمشاركة السياسية على اساس تحقيق المشروع الوطني واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف بل وتقود نفسها مشروع مجهول لا اساس له في الثوابت بل وقد يهدد الثوابت الوطنية ويأتي في وقت تشتد فيه الهجمة الاسرائيلية على الكل الفلسطيني وخاصة في القدس والضفة الغربية بتسريع وتيرة الاستيطان وتقطيع الضفة وضم ناعم لكافة الكتل الاستيطاينة الكبيرة وفرض السيادة الاسرائيلية...
ويأتي في ظل عجز فلسطيني رسمي لمواجهة هذه السياسة التي باتت في مرحلتها الاخير نحو استهداف مشروع حل الدولتين لصالح مشروع صهيوني كبير باستطاعته ان يدمر اي محاولة وطنية للتحرر واقامة الدولة المتواصلة جغرافيا وذات السيادة والحدود المعترف بها... ويأتي هذا التجمع في ظل شبه انهيار في جبهة الدفاع العربي عن قضايانا الفلسطينية والذهاب نحو التطبيع مع دولة الاحتلال ورسم علاقات محرمة دون ان ينتهي الصراع ودون ان تقادم الدولة الفلسطينية فقط لتحقيق الرضا الامريكي عن تلك الدول ولتذهب المبادرة العربية الى سلال نفايات الحكام الذين ارتموا في الحضن الامريكي الصهيوني.
جاء هذا التجمع متأخرا لكنه جاء اخيراً واتمنى ان يكون الهدف من ورائه لهدف اسمى من الهدف الخاص لكل فصيل اي لتحقيق هدف وطني سامي لدعم لتلك الاصوات التي تنادي بضرورة وقف المذبحة الوطنية وقف الانهيار والانزلاق نحو اجندات تبنى على اساس بقاء الانقسام واستمراره وبعث حياة فيه بأي شكل كان واحباط كل محاولة لتجاوز مربع المصالح الحزبية الخاصة باتجاه حماية المشروع الوطني والثوابت من العبث الفلسطيني المدعوم اقليما في المحصلة الاولى وان يكون هذا المحور اول الخطوات باتجاه فرض حالة فلسطينية مشتركة لاقصاء اي تدخل اقليمي او دولي في الصراع لصالح المحتل الاسرائيلي وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية بالطريقة التي تريدها واشنطن وحلفائها في المنطقة.
ليس عيبا ان يعمل هذا التجمع على تقوية نفسه ليشكل جبهة معارضة وفيه للمشروع الوطني وليس جبهة معارضة هدفها تقويض منظمة التحرير ودعم البدائل او القوى الموازية... ولا مانع ان يكون احد اهداف هذا التجمع تجهز قائمة موحدة استعدادا لخوض الانتخابات العامة لان هذا من شأنه ان يحقق تنوع وتنافس وطني فيما بين الكتل الانتخابية يعود بالنفع لصالح المواطن الفلسطيني ويصوب عمل البرلمان بعيدا عن اجندات حزبية خاصة توظف وجودها في المجلس لصالح الحزب ونفوذه في كافة مؤسسات الدولة... وليس عيبا ان يعمل التجمع ضمن سياسة تعبوية وطنية خالصة بهدف استقطاب الطاقات الوطنية والشبابية لصالح الهدف الكبير لهذا التجمع وهو تحقيق وزن نسبي في منظمة التحرير يساهم في تطوير مؤسساتها ويخلق استراتيجة عمل وطني يواجه تحديات المرحلة المرحلة واهمها اسقاط شفقة القرن وهذا من شانه ان يعطي زخم وطني ودولي للمنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني... وقد يدفع هذا التجمع اليساري الى تجمعات اخرى تكون وسط تستقطب فصائل منظمة التحرير الفلسطينية الاخرى وبالتالي نشهد كتل وتجمعات وطنية خالصة في المنظمة والبرلمان وبالتالي تسقط حكومة الحزب الواحد والفصيل الاوحد.
اتمنى ان يكون هدف التجمع الديموقراطي الفلسطيني من احزاب وحركات اليسار انموذحا وطنيا يتحذى به وبالتالي يعمل لاهداف استراتيجية بعيده المدى وليس مجرد اهداف انتخابية لزيادة عدد مقاعد اليسار في كل من هيئات منظمة التحرير والبرلمان الوطني وبالتالي سيطل التجمع عبئا على منظمة التحرير والبرلمان... وقد يفقد تأثيره الوطني باتجاه دعم المشروع التحرري والدولة. لا اعتقد ان يكتب لهذا التجمع النجاح اذا ما عمل على تحقيق اهداف خاصة بالتجمع ليس ابعد من معارضة تواجه اي برامج وطنية وتحررية ولا ينجح اذا ما تخلي عن تحقيق اهداف استراتيجية تصوب مسيرة التحرر وتقوي الاتحاه الوطنية الذي يناضل من اجل المشروع الوطني.... اما اذا دخل هذا التجمع في دائرة التنازع على السلطة وحاول اصطناع مواجهة مع احد من الفصيلين الكبيرين حماس او فتح فان هذا التجمع سرعان ما يتفكك ويبقى مجرد اسم سياسي على ورق.
حتى الان كل ما صدر عن التجمع يبشر بالخير لكن انبه ان يهتم التجمع وقياداته باعتماد اسلوب الحوار والاقناع والتنافس الوطني وتجسيد المعارضة الوفية والعمل المشترك والمسؤل لاجل حل المشكلات والابتعاد عن التجريح والتشهير والتخوين والتكفير الوطني على اعتبار ان من ينتمي لهذا التجمع وطنيا غيورا شريفا ومادونه لا.
ولابد من التحذير بالا يكون وراء هذا التجمع اي طرف اخر غير فلسطيني او حتى فلسطيني لبرنامج يخدم اجندة اقليمية او غير اقليمية وان تكون الفكرة والهدف والمنهج والوسيلة من قلب المعاناة الفلسطينية لوقف حالة الضياع المستمر منذ 12 عاما بسبب ممانعة طرف ما اعادة الارادة الوطنية للجماهير والانصياع للديموقراطية والاحتكام للشعب من جديد.
[email protected]