الثلاثاء: 19/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حل التشريعي والانتخابات: القضية الفلسطينية خارج الموسم

نشر بتاريخ: 06/01/2019 ( آخر تحديث: 06/01/2019 الساعة: 19:14 )

الكاتب: تحسين يقين

الحكمة هي ما نسعى إليها، بحس من المسؤولية كما ينبغي..
وهكذا خفت الأصوات وردود الفعل..
لربما تطابقت آراء الشعب الفلسطينيي تجاه الانتخابات كأسلوب لتجديد المرجعيات، وهم بالرغم انه يرونها خطوة تأخرت 10 سنوات إلا أن أبناءه وبناته يودون لو ارتبطت بالمصالحة والاتفاق على هذه الخطوة، خصوصا أنها في ظل الواقع الإشكالي في قطاع غزة، فإنه ليس هناك ضمان لاجرائها فعلا.
ردود الأفعال بالنسبة لطرفي النزاع (فتح وحماس)تباينت ما بين التأييد والرفض المطلقين، فيما لم تأت النخب بالجديد، ولم يلحظ شعور المحللين والمعلقين بالمفاجأة، يظهر ذلك من اللغة المستخدمة، باستثناء تطرف بعض الأقلام المرتبطة بطرفي النزاع.
في الوقت الذي رفض اليمين الفلسطيني (حماس) لمقترحات اليمن الوسط (فتح) إلا أن "اليسار الفلسطيني راح يتضامن ويتحالف تحت مسمى التجمع الوطني الديمقراطي لضمان بضع مقاعد ليضمن ماء الوجه بضمان الحصول على بضعة مقاعد.
لقد جاء قرار الرئيس محمود عباس بالاستجابة لقرار المحكمة الدسورية العليا بإجراء الانتخابات التنشريعية في مدة أقصاها 6 أشهر، بالتزامن مع عيد الميلاد المجيد، ورأس السنة الميلادية، والتي يحتفل الفلسطينيون فيه بمناسبة ثانية، هي انطلاقة الثورة الفلسطينية في عام 1965، التي تصادف هذا العام السنة ال54، والتي كسرت في ذلك الحين جليد حالة تقرير المصير للشعب الفلسطيني، حيث يعدّ الرئيس أبو مازن وهو أحد القادة التاريخيين والمؤسسين لحركة التحرر الفلسطيني "فتح".
كذلك جاء في سياق التحديات الاقتصادية والاجتماعية، حيث ما زال قانون الضمان الاجتماعي يشكل أيضا تحديا خاصا للحكومة الفلسطينية، إضافة للتحديات العامة التي نعاني منها جميعا.
ومع دخول الفلسطينيين جدل الحديث حول الانتخابات التشريعية والذي سيقود للحديث عن الانتخابات الرئاسية، بالإضافة لجدل المصالحة من جهة، وجدل تعثر المفاوضات مع الطرف الإسرائيلي، الذي يدخل هوة الآخر حالة انتخابات مبكرة للبرلمان الإسرائيلي (الكنسيت)، ومع تزامن الدخول فيما يسمى في فلسطين "بالمربعنية" الشتوية، تصبح القضية الفلسطينية خارج هذا الموسم، وصولا لموسم الصيف القادم، والذي ليس هناك ما يضمن أن تكون خارجه أيضا، في ظل تأجيل "صفقة القرن" الأمريكية،والتي بالرغم من توقعات الفلسطينيين السلبية إلا أنها تحمل حسنة تحريك القضية الفلسطينية.
هذه هي القراءة العادية والطبيعية، لكن لو فكرنا خارج لغة المطلق: (مع أو ضد) فهل يمكننا فعلا الإتيان بجديد بعيدا عن الرأي القانوني الذي مهما كان قانونيا الا انه غير مقدس، حيث أن الف باء الديمقراطية ان الشعب هو مصدر السلطات، وهو الوصي على نفسه فيما يرى من مصالح وطنية عليا؟
في حالتنا الفلسطينية تحت الاحتلال، فإن أية خطون سياسية يجب أن تعني أول ما تعني: تقصير عمر الاحتلال وتقوية بقائنا هنا على أرضنا.
الاحتلال هو المشكلة الكبرى للفلسطينيين، أما مسألة الديمقراطية، فإن هذه القيمة لا يستطيع فريق أن يدعي صفتها، في سياق مجتمع عربي يعاني من تأصيل السلوك الديمقراطي. ولعل ما يتكرر هنا من نزاع سياسي معاصر يقودنا لتأمل حالة النخب الفلسطينية من القدم والتي ما انفكت تتنافس وتنازع على القيادة، وفقا لكتاب دكتور سميح حمودة "نُخب القدس التاريخية: الثورة وعكسها" الصادر حديثا، والذي رأى "أن النخبة الفلسطينية والمقدسية اتسمت"بالانقسام" على المستويين الفكري والسياسي، وذلك عائد إلى الاختلاف في التنشئة الثقافية والتعليمية لأعضائها، والارتباطات الاقتصادية والسياسية بالحكومات والقوى العربية، بالإضافة "لافتقارها لشخصية مركزية تجمع حولها أغلبية أعضاء هذه النخبة".
فإذا كانت قبل عام 1948، الهوية العائلية والانتماء العشائري هما عنصري الاختلاف فإن الاختلاف صار يأخذ بعدا فئويا، وإن كان في باطنه يعكس علاقات القوة، والانتفاع من الأوضاع القائمة.
من جهة أخرى، فثمة قراءة أخرى لفلسطينيين آخرين هم فلسطينيو عام 1948، الذين يتهيأون للانتخابات المقبلة في إسرائيل؛ ففي الوقت الذي أصبحت الصورة غائمة أمام فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما يخص الخلاص من الاحتلال وإنجاز المصالحة الوطنية، فإنها أكثر وضوحا لدى أشقائهم في فلسطين المحتلة عام 1948، حيث تركز القيادات في الداخل المحتل على
تغيير التوازنات ومع تمرير قوانين مجحفة بحق العرب والقضية وفقا لرئيس القائمة المشتركة في الكنيست النائب ايمن عودة". الداعي بأن يلقي المواطنون الفلسطينيون بققلهم لدعم القائمة استجابة للحاجة الوطنية"، ولا شك ان حديث عودة يعكس الوعي على قدرات الفلسطينيين الذين يشكلون 18% من السكان.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فيأمل ان يكون الائتلاف نواة التحالف المقبل، حيث أن له هدفين معا: استمرار احتلال الضفة الغربية، وتمرير قوانين عنصرية ضد فلسطينيي عام 1948.
الخلاصة: الأمور السياسية منظومة معا، فإذا سرنا باتجاه الانتخابات الآن، يصبح لقرار المحكمة الموقرة، أهمية قصوى، وسيكون للاستجابة السياسية له معان سامية، تتجلى في عقد الانتخابات التي هي حق للمواطنين.
لذلك لنمض فعلا باتجاه الانتخابات في الضفة وغزة، ولنقبل التحدي، ولتقبل النتائج، ولنكسر فعلا الطريق على أية خطوات لا يكون هدفها الفعلي خلاصنا الوطني.
إن لم نفعل ذلك، وفي ظل أية محاذير او اشتراطات لإنجاز الانتخابات كاستحقاق ديمقراطي أكثر منه استجابة لقرار المحكمة الدستورية العليا، فإن علينا إعادة النظر في قراراتنا، خصوصا أن وجود جسم تمثيلي لشعبنا هنا بشكل خاص يعني الكثير فلسطينيا وعربيا ودوليا؛ فالمجلس التشريعي، والذي هو أصلا في جوهرة يشكل برلمانا وطنيا، يكسر الكثير من الخطط الإسرائيلية، وهو بوجوده ضمن المجلس الوطني يزيده قوة، كونه يحوي التعددية السياسية أيضا (نواب حركة حماس).
غير ذلك، من تفكير عميق حول قيادة شعبنا، فإن شعبنا وأطره، خصوصا منظمة التحرير، قادرة حتى اللحظة على الاختيار، بدون الحاجة لا لإبقاء أو المجلس أو حله.
هدفنا إنهاء الاحتلال، وتمتين بقائنا الجميل، ولن يكون هناك خلاف فعلي على ذلك، وسيظل خلاصنا هنا خلاصا جمعيا لا فرديا.
ما بين أمل الفلسطينيين بتجديد المرجعيات السياسية، وبين خشية المزيد من التشظي، فإننا أمام المزيد من الانتظار الطويل عشية الدخول في "شتوية" باردة. والخشية هو تكرار جعل قضيتنا خارج المواسم.

[email protected]