نشر بتاريخ: 25/01/2019 ( آخر تحديث: 25/01/2019 الساعة: 17:26 )
الكاتب: بهاء رحال
بعد القرار الأخير بحلَّ المجلس التشريعي الفلسطيني، أصبح من الضرورة عقد الانتخابات التشريعية البرلمانية الفلسطينية لسد الفراغ الدستوري الذي نتج عن قرار المحكمة الدستورية والذي جاء بناءً على تجاوز المجلس السابق مدته القانونية وإنتهاء ولايته، وفشل كافة الجهود المبذولة على طريق تحقيق المصالحة الوطنية، لكن القرار وحده يضع عدداً من التساؤلات أهمها، هل يمكن إجراء الانتخابات في ظل الواقع الراهن، خاصة وأن الاحتلال لن يسمح بإجرائها في القدس، كما وأن موقف حركة حماس إذا بقي على حاله فإنه سيمنع من إجرائها أيضاً في غزة، وبالتالي فإن عقد الانتخابات لن يكون بالأمر السهل، وربما لن يكون ممكناً في ظل هذه الحالة المستعصية وسط واقع سياسي معقد وظرف إقليمي حساس وخطير. وهنا يكون السؤال الضروري حول كيفية الخروج من الأزمة؛ والبدائل التي يمكن اللجوء إليها في حال فشل عقد الانتخابات في موعدها المحدد. فهل هناك مسوغات قانونية بديلة؛ أم أن الفراغ البرلماني سيبقى على حاله، وسوف يستمر لسنوات كما هو الحال في القضايا العالقة الأخرى التي تنتظر حلولاً منذ أعوام.
ومن البديهي جداً وسط الحالة السياسية الراهنة أن سلطات الاحتلال سوف تتخذ قرارها وتقوم بمنع اجراء الانتخابات في القدس، وهي العاصمة المحتلة التي تخضع لسياسات القهر والقمع والعنصرية، وهي قلب القضية ونبضها الدائم، وبالتالي فإن حكومة الاحتلال سوف تسعى بكل ما أوتيت من جبروت وقوة لمنع إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية في المدينة المقدسة، وهذا وحده كفيل بوضع المزيد من العراقيل في طريق الوصول إلى برلمان فلسطيني منتخب قادراً على تحمل مسؤولياته الوطنية والدستورية والتشريعية، عِوضاً عن موقف حركة حماس التي تبسط سيطرتها على قطاع غزة، والذي أعلنت عنه في أكثر من مرة أنها لن تسمح بإجراء الانتخابات، وأنها لا تعترف بشرعية المحكمة الدستورية ولا حتى بقراراتها الصادرة، ولا يفوتنا هنا أن المناطق المسماة مناطق (G) في الضفة الغربية أيضاً والتي يسيطر عليها الاحتلال بالكامل قد تتعثر فيها عملية إجراء الانتخابات، فكيف يمكننا الخروج من المأزق، والفراغ البرلماني الذي يمكن أن يساهم في حدوث المزيد من الفجوات ويثقل كاهل المواطن ويزيد من صعوبة الأوضاع. وأمام هذا كله تزداد العراقيل التي تضعها الولايات المتحدة الأمريكية وإدارة دونالد ترامب في وجه القيادة الفلسطينية لكي توافق على صفقة القرن (صفعة القرن) التي تحاول الإدارة الأمريكية تمريرها بشتى السبل والوسائل، مستعينة ببعض الأطراف الإقليمية والدولية.
إن إجراء الانتخابات ضرورة مهمة ليس فقط من باب سد الفراغ الدستوري الحاصل، ولكنها مهمة أيضاً لعودة وحدة الوطن، وإنهاء فصل الانقسام الحاصل، والتوافق الوطني لمواجهة ما تتعرض له القضية الفلسطينية من محاولات لشطبها وتغييبها، وأن صندوق الاقتراع هو الحكم والفيصل، وأن الديمقراطية الفلسطينية يجب أن تكون هي الطريق الوحيد للوحدة ومن ينجح ويحظى بثقة الشعب فله الحق بقيادة المؤسسة التشريعية التي هي الأساس الذي تقوم عليه السلطة الفلسطينية بكل مكوناتها، وبما يضمنه القانون الأساسي وهذا لا خلاف عليه، وإلا فإن الحال سوف يزداد سوءاً وسوف تبقى كرة الاختلاف تتدحرج وتتسع فوه الخلافات والانقسامات أكثر، وهذا يضع القضية برمتها في مكان صعب، ويضعنا كشعب أمام مسؤوليات جسام ولن يرحمنا التاريخ وقتها إذا تهاونا، ولن يفيدنا الندم والبكاء والعويل.