نشر بتاريخ: 04/02/2019 ( آخر تحديث: 04/02/2019 الساعة: 12:06 )
الكاتب: د.مصطفى البرغوثي
قرار الحكومة الإسرائيلية طرد المراقبين الدوليين من مدينة الخليل بعد خمسة وعشرين عاما من وقوع مجزرة الحرم الإبراهيمي يحمل دلالات ومعاني خطيرة.
بعثة المراقبين الدوليين أو ما يسمى (TIPH) أنشئت بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي التي إرتكبها الإرهابي الإسرائيلي باروخ جولدشتاين.
وكان إرسال هذه البعثة أقل بكثير مما طالب به الفلسطينيون بطرد المستعمرين المستوطنين من مدينة الخليل وإرسال قوات حماية دولية للأراضي المحتلة، وخاصة الى الخليل، لحماية الفلسطينيين من بطش المستعمرين وجيش الاحتلال الذي يرعاهم ويسلحهم ويحميهم.
وهكذا أستعيض عن قوات الحماية الدولية بمجرد مراقبين من أربع دول أوروبية بالإضافة إلى تركيا ، مهمتهم المراقبة وتقديم التقارير دون أن يستطيعوا حتى حماية أنفسهم من المستوطنين.
التاريخ وحده سيقرر إن كانت الجهات المفاوضة من الجانب الفلسطيني قد فوتت فرصة تاريخية لطرد المستعمرين من مدينة الخليل، في وقت كان العالم فيه مصعوقا من هول جريمة الإرهاب الإسرائيلية التي طالت مائة وخمسين مصليا، إستشهد تسعة وعشرون منهم، وهم راكعون يؤدون الصلاة، وكل ذلك بعد الاحتفالات البهيجة بتوقيع اتفاق أوسلو، وما بشر به من سلام قادم!
البروتوكول الذي جاء بموجبه هؤلاء المراقبون، أصبح ملحقا رسميا من ملاحق إتفاق أوسلو ، وبالتالي صار جزءا منه.
القرار الإسرائيلي بطرد المراقبين الدوليين، يعني أولا إتاحة الفرصة للمستعمرين المستوطنين المعروفين بشراستهم في، للبطش بأهل الخليل دون حسيب أو رقيب، وبالتالي فأنه يمثل تشجيعا للمستوطنين على تصعيد جرائمهم ضد سكان البلدة القديمة في الخليل.
وهو يعني ثانيا تهديد الوجود الفلسطيني والإسلامي في الحرم الإبراهيمي، وحق الفلسطينيين في ممارسة شعائرهم الدينية فيه.
وهو يعني ثالثا، أن إسرائيل ألغت رسميا من جانب واحد إتفاق أوسلو وملحقاته، بعد أن ألغت كل التزاماتها فيه من الناحية العملية، ولم يبق من أوسلو إلا الالتزامات المفروضة على الفلسطينيين.
وقرار طرد المراقبين يعني رابعا، أن إسرائيل تتعمد توجيه إهانة للدول المشاركة في بعثة المراقبين الدوليين وهي النرويج وسويسرا والسويد وايطاليا وتركيا.
وهو قرار يأتي في وقت تتصاعد فيه الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين من قبل المستعمرين المستوطنين ومن قبل جيش الإحتلال، حيث يُقتل الفلسطينيون بدم بارد ودون مبرر، ودون مسائلة، كما جرى للشهداء حمدي النعسان في المغير و لحمدان العارضة في قلب مدينة البيرة و لصالح البرغوثي ، و الطفلة سماح مبارك في القدس ، ولمائة وثمانين شهيدا في مسيرات العودة في قطاع غزة .
وكأن المستوطنين وجنود الاحتلال يمتلكون رخصة مفتوحة لقتل أي فلسطيني او فلسطينية، حيثما يشاؤون، وأينما يشاؤون.
ولم يكن لهذه الوقاحة أن تصل إلى هذا المستوى، لولا الصمت الدولي والتعتيم الإعلامي على جرائم المستعمرين والمحتلين، ولولا قناعة المجرمين بأن جرائمهم ستمر دون محاسبة أو عقاب، ولولا تواطؤ جهاز القضاء الإسرائيلي مع كل هذه الجرائم.
والسؤال هنا، ماذا ستفعل الدول الخمسة التي طُرد مراقبوها وماذا ستفعل الأمم المتحدة إزاء الاستهتار بها؟ وماذا سيفعل رعاة إتفاق أوسلو بعد أن مزقته إسرائيل المرة تلو الأخرى؟
لن تردع هذه الجرائم إلا بمقاومتها، ولن تتوقف هذه الممارسات ما لم يعاقب ويقاطع من يرتكبها، وما من مجرم ارتدع ما لم يعرف أن هناك ثمنا لجرائمه.