الخميس: 06/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

الانتخابات الإسرائيلية: هل من حديث عن السلام؟

نشر بتاريخ: 27/03/2019 ( آخر تحديث: 27/03/2019 الساعة: 16:18 )

الكاتب: د.ناجي صادق شراب

لم يعد سؤال لماذا الانتخابات الإسرائيلية المبكرة قائمة. الآن والإنتخابات على الابواب المهم أن نقرأها جيدا، فالسؤال عن ماهية البيئة السياسية التي تجرى فيها الانتخابات سواء الداخلية او الخارجية؟ وما هي اجندات الأحزاب السياسية المتنافسة؟ وهل للسلام من مكان في هذه الانتخابات؟ هذه الانتخابات تأتي بعد محاولات من نتانياهو لتأجيلها لهذا الوقت حتى يكون بمقدوره الإستعداد والتهرب من تهم الفساد، وضغوطات الإدارة الأمريكيه بشأن صفقة القرن، وفي أعقاب أزمة قانون التجنيد للحريديم وهو السبب المباشر للتبكير بهذه الانتخابات، يدخل نتانياهو هذه الانتخابات بكل قوة لتحقيق طموح شخصي أن يكون اول رئيس وزراء لإسرائيل يحكم منذ 1996، اي يتجاوز فترة حكم بن غريون. ولتحقيق هذا الهدف سيواصل نتانياهو وبكثافة سياسات الإستيطان، والمبالغه في المخاطر الأمنية سواء في الشمال أو الجنوب، وليس مستبعدا لو أدرك نتانياهو ان فرصه قليلة بالفوز ان يذهب لحرب جديدة أقربها وأسهلها له جبهة غزة. يذهب نتانياهو للإنتخابات وليس في أولوياته ولا أجندته موضوع السلام، بل سيتهرب ويتجاهل اي ذكر لحل الدولتين. ولا شك سيستغل إنفتاحه عربيا، وقد تتاح له زيارة جديدة لعاصمة عربية تكون بمثابة ورقة رابحة لدعم موقفه، وانه القادر على تحقيق أمن وإستقرار إسرائيل.
هذه الإنتخابات في الواقع هي منافسة بين الأحزاب والقوى اليمينية، اكثر منها منافسة بين اليمين وقوى اليسار. وسيحكم نتيجة هذه الانتخابات المتوقعة سيطرة وقوة الإتجاهات اليمينية المتشددة والطاغية في إسرائيل ووسط كراهية غير مسبوقة، وسيلقي التصعيد العسكري على جبهة الجنوب من غزة بتداعياته، وخصوصا إذا إستمرت المسيرات قائمة حتى موعد الانتخابات وستستمر...
البيئة السياسية في إسرائيل وخلافا للقاعدة السياسية المعروفة أن سياسة إسرائيل الداخلية تحددها السياسة الخارجية ـ وان السياسة الداخلية إمتداد للسياسة الخارجية، هذه القاعدة أعتقد لن يكون لها تأثير في هذه الانتخابات، وان من سيحدد النتيجة قوة هذا اليمين. والحديث ليس عن فوز اليمين بقدر الحديث عن عدد المقاعد التي يمكن أن يحصل عليها، فالتطلعات ان يتجاوز نسبة الأغلبية البسيطة اي 61 مقعدا، وهذا يتوقف على ما يمكن أن يحصل عليه اليسار او يسار الوسط الذي يمثله الحزب الجدي أزرق أبيض بزعامة غانتس والقائمة العربية المشتركة، وعموما يمكن القول ان البيئة السياسية الداخلية ليست بيئة داعمة للسلام والمفاوضات، لذلك سنجد تغييب لها تماما. ما سيطرح قضايا الإستيطان والقومية ورفض اي تواجد للدولة الفلسطينية، وان أقصى ما يمكن ان يوعد به الفلسطينيون بعضا من الحقوق الإقتصادية.
وتلعب البيئة الإقليمية دورا في دعم الإتجاهات اليمينية، تضخيم المخاطر الإيرانية في سوريا، وتنامي موجة الإرهاب والتشدد، ولعل ما قد يحسم نتيجة هذه الانتخابات زيادة عمليات الطعن، او توقع عملية داخل إسرائيل كما نرى في الاونة الاخيرة ما يجري في الضفة، ولا أتوقع أن تكون هناك ضغوطات خارجية على التأثير في الانتخابات الإسرائيلية، فهناك أولويات وإنشغالات على المستوى الدولي، تقلل من الاهتمام بالإنتخابات ألإسرائيلية، والتي من أبرز مظاهرها التراجع بمسألة السلام، وبداية النظر للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على انه صراع ثنائي. لذلك المتوقع ان تتم هذه الانتخابات في ظل بيئة مريحة لليمين، وتوقعات فوزه. السؤال ما المتوقع بالنسبة لنتانياهو؟ وما إنعكاس ذلك على عملية السلام؟ هذه الانتخابات مباراة سياسية لما يسجل نقاط أكبر على حساب السلام والمفاوضات، وحساب الفلسطينيين... ويذهب قادة الأحزاب المتنافسة بدون إستثناء على التمادي بأن كل منهم الاجدر في تحقيق الامن، والإستيطان، فلا احد يذكر حل الدولتين، ولا التفاوض مع الفلسطيينيين ولا حديث عن صفقة القرن، نتانياهو يتفاخر بما أنجزه من إستيطان وتهويد وقوانين القومية ومباهاته بالدعوة لطرد العرب في داخل إسرائيل إلى الدول العربية الأخرى، وغانتس يتفاخر بسجله الأمني وما قام به من إغتيالات لقادة فلسطينيين، وباقي قادة اليمين يذهبون بعيدا في عنصريتهم وقوميتهم. وهذا يضعنا امام إحتمالين الأول فوز اليمين برئاسة نتانياهو وهو إحتمال كبير، وهو يعني الإستمرار في نفس السياسات السابقة ولا مجال امام الفلسطينيين لأي فرصة للتفاوض، والإحتمال الثاني وهو قد يكون مفاجئة الانتخابات فوز حزب غانتس وتمكينه من تشكيل الحكومة بدعم من القائمة العربية وهنا قد نتصور إحتمال المفاوضات ووقف حجز الأموال الفلسطينية وهذا ما يأمله الفلسطينيون. وتنتظر قراراتهم هذا الإحتمال. والإحتمال الثالث حكومة مشتركة بين الليكود وغانتس وهو إحتمال قائم وهدفه التعامل مع صفقة القرن، وسوف يشكل عقبة أمام الخيارات الفلسطينية، في جميع الأحوال هي انتخابات ليست من أجل السلام بقدر ما هي تثبيت وفرض رؤية الليكود الرافضة للدولة الفلسطينية وحصرها في غزة.ويبقى السؤال كيف سيتعامل الفلسطينون مع نتيجة هذه الانتخابات؟

[email protected]