نشر بتاريخ: 29/03/2019 ( آخر تحديث: 29/03/2019 الساعة: 13:58 )
الكاتب: عيسى قراقع
الصحفية الإسرائيلية " اوشرات كوتلر" مذيعة الاخبار في القناة 13 الإسرائيلية، صرحت يوم 17/2/2019 على الهواء مباشرة خلال بث القناة: ان الخدمة العسكرية في الضفة الغربية حولت جنود الجيش الإسرائيلي إلى وحوش برية، وان هذا هو ثمن الاحتلال، وقد أدلت الصحفية بهذه الأقوال على اثر قيام خمسة من الجنود الإسرائيليين بالاعتداء الوحشي والتنكيل بأسيرين فلسطينيين أب وابنه القاصر بعد اعتقالهم وضربهما وهما معصوبي الاعين ومكبلي الأيدي يوم 13/1/2019 في مدينة رام الله خلال عملية مطاردة وملاحقة الأسير عاصم البرغوثي، وقد أصيب الأب بجروح بليغة وتورمات وكسور ونزيف نقل على أثرها إلى المستشفى.
حكومة الاحتلال المتطرفة اعتبرت أقوال الصحفية الإسرائيلية بمثابة عاصفة أسقطت القناع عن دولة متوحشة جنودها صاروا حيوانات بشرية وطغاة يمارسون الجرائم الإنسانية بحق أبناء الشعب الفلسطيني بدعم وتشجيع المستوى السياسي في إسرائيل.
المذيعة الإسرائيلية جعلت دولة الاحتلال تنظر في المرآة لترى نفسها هذه المرة، بعد ان حاولت التستر على ظاهرة التنكيل والاعتداء التي أصبحت ظاهرة يومية يمارسها جنودها خلال عمليات المداهمة والاعتقال والاستجواب، ويكاد لا يوجد معتقل فلسطيني إلا وتعرض للضرب والتعذيب بأساليب قاسية ومهينة منذ لحظة اعتقاله وخلال التحقيق معه.
نتنياهو ووزرائه هاجموا المذيعة الإسرائيلية التي فضحت دولة الاحتلال التي أصبحت وحش منفلت العقال في الأراضي المحتلة، وقد تحول الاحتلال إلى عنف منظم ومتواصل من القتل والنهب والاضطهاد وانتهاك فظيع لكل القوانين والشرائع الإنسانية والدولية، وان جميع أجهزة دولة الاحتلال متورطة وداعمة لهذا العنف والارهاب الرسمي من وزراء وقضاة ومحققين وأعضاء كنيست وضباط وجنود، وان المجرمين الإسرائيليين ومن يمارسون الاعتداءات لا يحاسبون ولا يقدمون للقضاء، بل ان جهاز القضاء الإسرائيلي أصبح غطاء لطمس الحقائق وتبيض وشرعنة هذه الجرائم والانتهاكات.
الوحوش البرية الإسرائيلية وعلى مدار يومين 24 و25/3/2019 متواصلين اعتدت على أسرى سجن النقب، اقتحمت أقسام وغرف المعتقلين بكل أدوات البطش والقمع، أطلقت الرصاص خلال مداهمات الأسرى فأصيب أكثر من 90 اسيراً، منهم حالتين خطيرتين وحرجتين للأسيرين عدي سالم وإسلام وشاحي، رصاص وقنابل غاز وكلاب متوحشة وهراوات، إذلال الأسرى وشبحهم عراة مقيدين، مصادرة ممتلكاتهم وتخريبها، إغلاق الأقسام وإعلان السجن منطقة عسكرية، أنها حرب وعدوان سافر وخطر على أسرى عزل من قبل وحوش برية يقودهم وزير الأمن الداخلي جلعاد اردان صاحب نظرية إعدام الأسرى وتشديد الخناق على حياتهم وظروفهم الإنسانية والمعيشية.
الوحوش البرية الإسرائيلية ليست فقط خارج السجون وانما هي نفسها التي أطلقت الرصاص من نقطة الصفر على الأسيرين اسعد الشوا وبسام السمودي عم 1988 في سجن النقب، وهي نفسها التي قتلت الأسير محمد الأشقر في سجن النقب عام 2007 بعد ان أحرقت خيام المعتقلين، هذه الوحوش هي التي قتلت 218 أسيرا فلسطينيا منذ عام 1967 ضربا وتعذيبا وإهمالا طبيا، ووجدت في ساحة السجن براري متاحة لاصطياد فرائسها وإشباع غرائزها العنصرية.
الوحوش البرية الإسرائيلية استنفرت الوحش الجائع في أعماقها ومارست عمليات الإعدام والتصفية الميدانية التي أصبحت ظاهرة يومية في كل أرجاء فلسطين، الوحوش تتحرك في الشوارع وعلى الحواجز وعلى الأرصفة، في البيوت والساحات، في ظلمة الليل وفي النهار، وهي التي أعدمت شهيد النخوة احمد مناصرة يوم 20/3/2019 سكان بيت لحم عندما حاول مساعدة الجريح علاء غياظة الذي أصيب برصاص الجنود، لا خطر على الجنود، لا مواجهات، القتل لأجل القتل، إشباع غريزة القتل، التصفية لمجرد الاشتباه، وهي ذات الوحوش التي أعدمت الشابين أمير دراج ويوسف العنقاوي على مدخل قرية كفر نعمة في رام الله يوم 4/3/2019 فحياة الفلسطينيين رخيصة بالنسبة لهؤلاء الوحوش البرية التي لا تعرف سوى إطلاق الرصاص على أي شيء يتحرك أو تجده أمامها، فالمقياس الاسرائيلي حسب الصحفي جدعون ليفي يعتبر الشفقة نحو الطرف الاخر فيه خيانة، ويعتبر التحمس للموت شعورا وطنيا فخورا.
الوحوش البرية تقتحم مخيم الدهيشة كل ليلة، وهي التي قتلت بدم بارد الفتى المسعف ساجد مزهر يوم 27/3/2019، الوحوش لا تخرج من المخيم إلا ووراءها قتيلا او مصابا معاقا نصف حي، منسوب الدم والقتلى والجرحى في مخيم الدهيشة قد طفح والوحوش لم تشبع ولم تغادر المخيم، يستفزها ما كتبه الاولاد على حيطان المخيم: ما اجملنا شهداء وما اقبحنا لاجئين.
الوحوش البرية تقتل وتبتهج بالقتل، تستمتع برؤية الدم وسماع صراخ المعذبين، وقد قال لي احد الأسرى انه رأى جنودا عليهم طبقة فوق طبقة من الظلمة، وسمع أصوات خشنة ووحوش جائعة كثيفة الشعر يمارسون التدمير والتحطيم، وحالة من السعار المخيف تحيط بنا في سجن النقب، هذه الوحوش تعربد في كل مكان، لا زالت تنبح وتعوي في ساحة سجن النقب، فالضحايا ليسوا بشرا بالنسبة لهم، يجب تطبيق كل أنواع التعذيب والتنكيل والقتل والإبادة بحقهم.
الاحتلال حول جنوده إلى وحوش برية، مهنتهم ووظيفتهم تقوم على تنفيذ حكم الموت بالإنسان الفلسطيني، تعذيبه وقتله ومن ثم التمتع بذلك، وهؤلاء الجنود لا يتذكرون أنفسهم أنهم بشرا، بل تبرمجوا ليكونوا سوطا وقنبلة وبندقية، يتحركون كاجهزة الية، مدججين بكل الاسلحة، مقنعين، متوترين، مهووسين من كل نفس يشير الى حياة ادمية.
منظمة بيت سيلم لحقوق الإنسان وجهت نداءا إلى الجنود الإسرائيليين بعدم الانصياع لأوامر قادتهم والكف عن كونهم وحوشا عمياء، وقد تذكرت ما كتبه بشير الحاج علي في كتابه العسف، عندما قال احد الجلادين: ان كل من يعمل معنا يصبح متوحشا مثلنا.