الخميس: 06/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

الانتخابات الاسرائيلية... وقصة الشاطر حسن

نشر بتاريخ: 29/03/2019 ( آخر تحديث: 29/03/2019 الساعة: 17:05 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

عندما تختلط السياسة بالعواطف او بالاحرى ان تحكم الثانية الاولى فانها تتحول من فن الممكن الى فن حواديت او خراريف عجائز في ليالي الشتاء التي اشتهرت بالشاطر حسن وابو رجل مسلوخة، حيث كنا ننام ونحن صغار اما بهدوء متقمصين رومانسية الاول او ننام شبه متجمدين من الخوف حتى لا يزورنا الثاني في الحلم.
بهذه المقدمه اود ان اطرق باب الانتخابات الاسرائيلية للمرة الثالثة، اخصصها للفلسطينيين هناك ولكن بتجريد كامل للعواطف وذلك بسبب ادراكنا المشترك  ان اسرائيل كيان صهيوني قام وما زال على قوانين عنصرية، كل همها هو التخلص من كل الفلسطينيين هناك كون ذاكرتهم عصية على النسيان وحتى لا يبقوا شهودا على سرقة الارض وتدمير القرى والمذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية والتي تشكل بمجموعها ما يعرف دوليا بجرائم حرب وجرائم ضد الانسانيه والتي تم اختصارها فلسطينيا بالنكبة.
الا انه وعلى عكس ما يشتهي القائمون على هذا الكيان وبفضل المشيئة الالهية اصبح الفلسطينيون يشكلون 20% من مجموع السكان وهذه نسبة تستوجب القفز على دور الاقلية ان تتساوق سياسيا في مواطنتها ومع كونها تمثل اصحاب المكان او بالاحرى اصحاب الارض، خصوصا وان الاغلبية السكانية هناك هم من اليهود القادمين من كل بقاع الارض الذين جاؤوا طوعا وقسرا لملىء الفراغ البشري الذي خلّفه من اصبحوا ستة ملايين لاجئ فلسطيني هُجِروا قسرا على ايدي العصابات الصهيونية في سنة 1948 حتى يكتسب اليهود زورا صفة الاغلبية على ارض فلسطين.
بالطبع ما ذكرناه ليس سرا وليس بجديد ولكن الجديد الذي يخص الناخب الفلسطيني هو ان مواطنته كما كل حقوقه كانسان اصبحت في مهب الريح بسبب قانون القومية اليهودية العنصري الذي اقره هذا الكنيست الذي نحن بصدده وهو ما يعكس مدى اهمية تغليب فن الممكن والانخراط في العملية الانتخابية من اجل زيادة التمثيل الفسطيني في الكنيست الذي لو تناسب مع النسبة السكانية (24 نائب) فانه سيتناسب طرديا مع تقليل الدمار الذي ستلحقه مثل هذه القرارات العنصرية التي لم يتوقف هذا الكنيست عن تمريرها بحق الفلسطينيين وذلك اضعف الايمان.
هذا القانون العنصري زُرعت بذوره في انتخابات سنة 1996 التي تم فيها انتخاب رئيس الوزراء مباشرة من الشعب وعليه فهي تحمل في ثناياها دروس وعبر انتخابيه لا يجب ان تُنسى.
خصوصا وان قرار ترجيح كفة الفوز كان بيد الناخب الفلسطيني، حيث كان الفارق في الاصوات التي فاز بها النتن ياهو رئيسا لوزراء اسرائيل 29,457 صوت وبالمقابل كان هناك 20,000 ورقه بيضاء تم حشوها بقرار عاطفي في جوف الصناديق من قبل الناخبين الفلسطينيين كعقاب للمرشح الاخر، شيمون بيريز، والتي ادت بالنتيجو اضافة لعدم اكتراث الاخرين في الذهاب للصندوق، ادت لفوز النتن ياهو الذي طعن مسيرة السلام في مقتل بعد ان كانت تسير بخطى ايجابية حثيثة قبل فوزه الذي ادى الى اعادة احتلال وتدمير نواة الدولةالفلسطينية في الضفة وغزة، على ايدي غلاة التطرف الذي يمثلهم المذكور باعلانهم الحرب على المسار الرابيني او الشق الاسرائيلي في اتفاق اوسلو الذي تمكن منه هؤلاء المتطرفين وحولوه الى مجرد اتفاق بين زعماء انتهى بنهايتهم بداية برابين الذي تم اغتياله بطلقات التحريض اليميني المتطرف الذي ما زال يحكم اسرائيل بعنصريه مُشرعَنَه متوجا ذلك بقانون القوميه المذكور.
وللتوضيح اكثر وحتى لا نخرج عن سياق ما نحن بصدده خصوصا وان ما ذكرناه قد يُطرب اذان المتطرفين في اسرائيل، كان شيمون بيريز شخصيه مثيره للجدل بشكل غريب فهو عاشق لذاته واكثر للشهره وقدم لكيانه الصهيوني اكثر من اي سياسي صهيوني اخر حيث جعل من اسرائيل الدوله الاقوى في المنطقه بسبب اسهاماته الكبيره في بناء وتطوير قدراتها النوويه الا انه وبالرغم من كل ذلك لم يكن محبوبا في اسرائيل بدليل انه لم يسبق له وان فاز في اي انتخابات.
بيريز كان على درايه كامله بكم العداء اليميني في اسرائيل للمسار الرابيني الاوسلوي الذي رسمه هو وخططه واقنع فيه رابين لقناعة بيريز الشديده بان اسرائيل كيان شرق اوسطي وليس اوروبي كما يريد لها كل اليهود من ذوي الاصول الخزريه وعليه فقد كان يحلم بشرق اوسط جديد تكون فيه اسرائيل بما تملكه من امكانيات صناعيه وتكنولوجيه كما يقول المثل (أعور بين عميان ) وكان يدرك بان ذلك لن يتم الا من خلال بوابة الدوله الفلسطينيه وعليه كان سيدفع باتفاق اوسلو الى اخر مداه لاقامة هذه الدوله لو انه فاز في الانتخابات المذكوره . لهذا تردد في الدعوه للانتخابات مباشرة بعد اغتيال رابين في نوفمبر 1995 وذلك لسببين الاول انه اراد ان يخلق بيئه تمنع النتن ياهو المنافس له في الانتخابات في حال فوزه من التملص من استحقاقات اوسلو حيث اجل التوقيع على بروتوكول الخليل كَطُعُم لا مهرب من اعتماده بعد الانتخابات والثاني الاستفاده من عامل الزمن ومن اطول مده ممكنه لبقائه في الحكم كرئيس وزراء بالانابه لتنفيذ ما يمكن تنفيذه من استحقاقات لاتفاق اوسلو حيث اتم انسحابات الجيش الاسرائيلي من باقي المدن الفلسطينيه وفي نفس الوقت اراد توظيف كل ممكن من اجل ان يفوز هو في الانتخابات لدرجه انه حاول تقمص الدور الذي لا يتقنه ابدا وهو دور الجنرال الذي كانت نتيجته كارثيه عليه بسبب ارتكاب جيشه لمذبحة قانا في لبنان سنة 96 والتي كانت سببا في اسقاطه للابد كرئيس للوزراء كعقاب على يد الناخب الفلسطيني وبذلك انتهت قصة الشاطر حسن.
الحكمه مما سبق تقول بان الانتخابات البرلمانيه وتحديدا غير القابله للتزوير هي واجب سياسي غير عاطفي وفي نفس الوقت مسؤوليه اخلاقيه على كل من له حق الانتخاب في اي مكان في العالم وخصوصا الناخب الفسطيني في اسرائيل كرد على التحريض غير الاخلاقي المتواصل كالتحريض الذي قام به النتن ياهو ضد الفلسطينيين العرب في الانتخابات السابقه وردا على ما تقوم به الادوات العنصريه في اسرائيل في هذه الانتخابات ولنفس الاسباب من اجل اقصاء النواب العرب عن الكنيست للحد كما اسلفت من تاثيرهم الايجابي على تشريعات الكنيست ومن ثم انعكاسات ذلك الايجاب على الحياه اليوميه للفلسطينيين وعليه وبالاعتذار من المحامي المتميز جواد بولص اود ان استعير ندائه وارسله ثانية لحراس الجذور وحماتها بان لا تتركوا الصندوق وحيدا.