نشر بتاريخ: 07/04/2019 ( آخر تحديث: 07/04/2019 الساعة: 12:00 )
الكاتب: د.سفيان ابو زايدة
اقل من ثمانية واربعين ساعة تبقى على الانتخابات الاسرائيلية، حيث ستفتح صناديق الاقتراع صباح يوم الثلاثاء في ظل تصريحات نارية لنتنياهو استخدمها الفلسطينيون كل بما يخدم مصالحه الحزبية الضيقة على كل ما فيها من خطورة على مستقبل الفسطينيين وقضيتهم الوطنية والتي كان آخرها يوم امس عندما تحدث عن ضم المستوطنات في الضفة الغربية والتفاخر بتعزيز الانقسام وتثبيته بمساعدة سخية من الفلسطينيين انفسهم الذين ما زالوا يتصارعون على الرسن ويتركون الجمل وليمة شهية لليمين المتطرف الذي يعزز من مكانته في المجتمع الاسرائيلي.
ان لم يحدث مفاجآت في اليومين المقبلين، وعلى الارجح لن يحدث، فإن نتنياهو هو الذي ستلقى عليه مهمة تشكيل الحكومة الاسرائيلية القادمة، مستندا على الاحزاب اليمينية المتطرفة التي تتنافس فيما بينها على فرض السيادة الاسرائيلية على الضفة الغربية وضم مناطق جيم التي تشكل ما يزيد عن ٦٠٪ من مجمل المساحة.
كل الاستطلاعات التي اجريت خلال الاسابيع والايام الماضية تشير الى تفوق كتلة اليمين بزعامة نتنياهو على كتلة الوسط و اليسار التي يتزعمها رئيس الاركان السابق بني غانتس الذي هو ايضا لم ينطق بكلمة واحدة تجاه حقوق الفلسطينيين او حل سياسي للصراع على اساس حل الدولتين.
تفوق كتلة اليمين بفارق خمسة الى ستة مقاعد يعني ان رئيس الدولة سيكلف نتنياهو بتشكيل الحكومة حتى وان حصل حزب غانتس لبيد على اصوات اعلى من حزب الليكود، حيث وفق القانون الاسرائيلي التكليف يلقى على عاتق من له فرصه في تشكيل الحكومة وليس على من حصل حزبه على اعلى الاصوات.
اذا حدث خلل ما في موازين القوى الذي يميل لصالح اليمين سيكون من خلال عدم قدرة بعض هذه الاحزاب الصغيرة على تجاوز نسبة الحسم مثل حزب موشي كحلون ذات الاصول الليكودية او حزب ليبرمان وكذلك حزب جسر التي تتزعمه اورلي ليفي ابو كسيس حيث تقف هذه الاحزاب على حافة نسبة الحسم.
لكن حتى لو حدث ذلك، لا يعني ان عدم تجاوز هذه الاحزاب او جزء منها نسبة الحسم يشكل ضمانه لاحزاب الوسط واليسار بالتفوق، حيث هناك احزاب يمينية تعزز من مكانتها على حساب هذه الاحزاب، سيما حزب المستوطن العنصري والفاشي موشيه فيغلن الذي يعتبر مفاجأة هذه الانتخابات.
فيغلن يسخر من اعتدال نفتالي بينت ونتياهو والاحزاب اليمنية الاخرى ويطالب بالاسراع في ضم الضفه الغربية وانهاء دور السلطة.
قوة كل حزب وتأثيرة هي ليست قوة افتراضية او قوة نظرية، بل قوة تحددها نتائج الانتخابات وعدد الاصوات التي حصل عليها هذا الحزب او ذاك والتي تترجم الى مقاعد في الكنيست.
هذه النتاائج قد تجبر الاحزاب الكبرى على التعاون مع بعضها البعض كما حصل في الماضي رغم التصريحات الرافضه لفكرة تشكيل حكومة وحده وطنية خلال حملاتهم الانتخابية. هذا الامر يمكن ان يصبح ضرورة في حال عدم قدرة نتنياهو او بني غانتس على تشكيل حكومة دون الحاجة للطرف الاخر. كلام الانتخابات شيء والواقع الذي تفرضه نتائج هذه الانتخابات هو شيء آخر.
على اية حال، في حال تشكيل حكومة يمينية بزعامة نتنياهو مستندة الى اليمين الجديد بزعامة نفتالي بينت وآيلت شاكيد وموشي فيغلن والبيت اليهودي، هذا يعني ان هذه الحكومة سيكون لها وجهة واحدة وهي الضفة الغربية.
ستكون مهمة هذه الحكومة استغلال وجود ترامب وادارته المتطرفة وتمزق الحالة الفلسطينية وتسجيلهم الانتصارات على بعضهم البعض لحسم الصراع على الضفة من خلال ضم مناطق من الضفة وتطبيق القانون الاسرائيلي عليها وادارة الصراع بذكاء كما قال نتنياهو في كل ما يتعلق بغزة.
ما يثير الاستغراب الذي يصل الى حد الاشفاق على مستوى التفكير والسلوك هو الاعتقاد ان المشكلة الاسرائيلية في غزة وان الخطر هو على غزة، وان الخشية هو من اقامة دولة في غزة وان جزء من صفقة القرن هو منح سيناء لغزة وكأن اسرائيل وامريكا قلقتان على مستقبل غزة ومستقبل الدولة الفلسطينية.
الاهتمام الاسرائيلي الايديولوجي والامني والاستراتيجي هو في الضفة الغربية، حيث ان الصراع اساسه هو على الارض وهم يعتقدون ان هناك فرصة قد لا تتكرر في حسم هذا الصراع.
الانشغال الفلسطيني في شأنهم الداخلي والتركيز في الحديث عن دولة غزة ومنحهم سيناء يساعد في حرف الانظار عن الهدف الحقيقي. سيناء ستبقى مصرية وليس هناك قوة في العالم يمكن ان تجبر مصر على التخلي عن سم واحد من ارض سيناء المخضبة بدماء المصريين والتي ما زال الجيش المصري والشعب المصري يقدم الدماء والارواح الطاهرة من اجل تطهيرها من القوى الظلامية.
ما هو اكيد ان الفلسطينيين في وضعهم الحالي وانقسامهم وتمزقهم وفقدانهم للبوصلة لن يستطيعوا ان يفعلوا الكثير من اجل تعطيل مشروع اليمين الاسرائيلي و لم يعد لديهم الوقت الكثير لمزيد من الجدل والمناكفات.
الطريق واضحة لمن يبحث عن المصلحة الفلسطينية العليا وهي التعالي على الجراح وعدم النظر الى الخلف والذهاب باقصى سرعة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، والذهاب الى انتخابات تشريعية ورئاسية كخطوة ضرورية لتوحيد الصف والجهد الفلسطيني واعادة تفعيل مؤسساته التي تعزز من صموده على هذه الارض وتعيد له احترامه لذاته اولا و في عيون الاخرين ثانيا.