نشر بتاريخ: 05/05/2019 ( آخر تحديث: 05/05/2019 الساعة: 11:19 )
الكاتب: فراس ياغي
"كل شيء مُستطاع للمُؤمن" قالها يسوع، فالإيمان هنا مرتبط ليس بالله الواحد الأحد وحده، وإنما بما يملك الإنسان من شجاعة وتصميم وإرادة على تحقيق الحق عملا وقولا...لا يكفي الإيمان دون عَملْ، والسيد المسيح عليه السلام دفع حياته ثمنا لإيمانه الراسخ ولم يتجاوز لحظتها الثلاثة والثلاثين عاما، فهو وإن كان شُبِهه لهم لكنه كان مثلاً وقدوة لا تزال قائمه وستبقى في خضم الصراع المستمر بين الباطل والحق، وبين الخير والشر، وبين الكذب والصدق وبين الخطأ والصواب.
إننا في زمن يسوع، بدونه، لكننا معه، فأقواله لا زالت ماثلة أمامنا، نحن في زمنٍ يُقتلُ فيه الإنسان بإسم الرب، ونحن في زمنٍ تُسلَبُ فيه الحقوق وتُصادر بقرار من "البيت الأبيض"، نحن في الزمن الذي قال عنه يسوع " سيأتي وقت يَظنُّ فيه كل من يقتلكم أنه يُقدم خدمة لله"، ألم تقتل القاعدة وداعش بإسم الله وفي سبيل الله ولا تزال، ألم يُصادر رئيس أمريكا الحقوق بإسم المسيحيه الصيهونيه التي ترى أنها تُعجّل في نزول المسيح وتُقرّب معركة "هرمجدون" المزعومه، فإعترف بالقدس عاصمه موحدة لإسرائيل وإعترف بسيادة إسرائيل على الجولان، وكل هذا في خدمة الله بالأساس، ألم يستطع فكر الأسلمه السياسيه من فرض مفاهيم ك "المهدي"، و "الأعور الدجال" و "الفرقه الناجيه"، وغيرها من المفاهيم المرتبطه في خدمة الله، الإخوان المسلمين يتحدثون بإسم الإله ويعتبرون أنفسهم ظِلّه على الأرض، وما يقولونه فتاوى جازمة غير قابله للنقاش، والغريب أن جُلّ قياداتهم "ماسونيه" أشبعت قاعدتهم ومناصيرهم مفاهيم تكفيريه وفوقيه عنصريه لا ترى إلا "الجماعه".
نعود لفكرة "الإيمان" و "المُستطاع"،لنقول كلمة فيما جرى ويجري في غرب آسيا مهد الحضارات الإنسانيه والرسالات السماويه، الحقوق لا تُسترد بالصراخ ولا بالمناقشات والجدالات، ولا بالتهديد والوعيد، فإن لم يرافقها فعل على الأرض لن تبقى تلك الحقوق إلا مجرد فكرة للبحث والدراسه الأكاديميه، المؤمن بحقه عليه أن يقوم بالمُستطاع لأن كل شيء مُمكن إذا تم تَحريكه، وأول المطلوب للمُستطاع هو دفن الإنقسام، والوحدة الوطنية الواحده على أساس من برامج الحد الأدنى المُمكنه وبدون ذلك ندخل في مفهوم المُحال.
رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" السيد "إسماعيل هنيه" طرح في مؤتمر "متوحدون" مجموعه من الإقتراحات المهمة، هي عبارة عن مقاربات مُتقدّمه يُبنى عليها للفعل السياسي الممكن والموحد وبما يؤدي لفتح القنوات من جديد لعودة ال "جيوسياسي" الفلسطيني لدائرة المركز في مواجهة خُطط خدمة الله المزعومين في "ألبيت الأبيض"، هنا الفعل يكمن بالوحدة الوطنيه وعلى أساس من المشاركه والتساوي وبعيداُ عن الفوقيه وفرض البرامج الحزبيه، خاصة أن برامج الحركات الأساسيه ك "فتح" و "حماس" فشلت في تحقيق الهدف في الدولة والإستقلال، لذلك لا بدّ من مقاربه جديده تؤدي لعمل وفعل موحد.
في جانب آخر، يقوم هؤلاء "السدنه" بمحاصرة دولة إيران إقتصاديا وبما يشمل مفهوم "تصفير النفط"، وهذا جزء من مُخطط يَشمل كل منطقة غرب آسيا، فالمسأله لم تَعد فقط مواجهة النفوذ الإيراني في المشرق العربي واليمن، بل هي سياسة أمريكيه هدفها تمكين المجمعات العسكريه إقتصاديا من خلال الحروب التي يتم إفتعالها بإسم "خِدمة الله"، لوبي الصناعات العسكريه ولوبي المسيحيه الصهيونيه واللوبي الصهيوني وبرنامج عظمة أمريكا للرئيس "ترامب"، إلتقوا على هدف واحد، المجمع العسكري يُريد تصدير السلاح وبيعه، وترامب يريد إعادة عجلة الإقتصاد وتوظيف العمالة الأمريكيه ومحاصرة النفوذ الصيني والروسي، والمسيحيه الصهيونيه تريد معركة "هرمجون" المزعومه، واللوبي الصهيوني يريد الأمان لدولة إسرائيل اليمينيه وزيادة نفوذها لتشمل مجمل غرب آسيا.
النتيجه، جنون فوق جنون، جر المنطقه لحرب كبرى هدفها الأساسي ضرب وتدمير إيران ومن معها، وتصفية القضية الفلسطينيه إلى الأبد.
لكن يبقى السؤال المهم، هل هذه الخطط قابلة للتحقيق؟ وهل النتائج ستكون وفق الخطط؟ أعتقد أن من فَكْرَ ومن خَطْطَ ومن يأخذ القرار يعيش هواجسه وأحلامه ومعتقداته بعيداً عن الواقع الفعلي، فالشعب الفلسطيني لن يرضخ ويرفع الرايه رغم الإستهانه والإستكانه عند البعض في قيادته العاجزه والحالمه، أما المعركة الكبرى فنتائجها دمار على الجميع في المنطقه وعلى أي نفوذ ممكن لأمريكا مستقبلا خاصة بعد حروب "العراق" و "أفغانستان" وغيرها..
فقط وحدها خطط السلام الممكنه والقابله للعيش والإستمرار والتعاون، وأساس ذلك إسترداد الحق وفق الممكن وعلى أساس الشرعيه الدولية بما يشمل التطبيع والتعاون بين الجميع وبعيدا عن ظنون خِدمة الله، لأن الله تعالى أكبر من أن يحتاج لخدماتكم.