نشر بتاريخ: 05/05/2019 ( آخر تحديث: 05/05/2019 الساعة: 11:18 )
الكاتب: صادق الخضور
طوبى لسيادة الرئيس محمود عباس حفظه الله المواصل تقديم درس في فنّ الثبات على الثوابت، الماضي قُدما في مسعاه لتضع فلسطين قَدمَا بين مصاف الدول، ففلسطين التي تتماهى ومواقف الكبرياء تطلّ على العالم من جديد واثقة رغم الحصار، والرسالة: أنْ لا انكسار، فالثبات سيد الموقف..قد تغدو الحال صعبة، وقد تشحّ الإمكانيات، وقد يبدو المشهد وكأننا وحدنا، لكن الرسالة واضحة للعيان: لا مساومة على حقوق الشهداء والأسرى، وكذا كان.
يتداول كثير من المحللين مواقف الرئيس محاولين تحليلها من منظور سياسيّ أو اقتصاديّ، والحقيقة أن هذه المواقف حريّ بها أن تخضع للتحليل من زاوية إنسانية بحتة، للرئيس الإنسان، الذي جسدّ ما قاله شاعرنا الكبير إبراهيم طوقان من أن : "الإنسان موقف"، فكيف إذا اقترن هذا الموقف بالكبرياء زمانا ومكانا؛ زمان الفعل الفلسطيني في دوحة فلسطين.
طوبى لك سيادة الرئيس ولا نجامل، فأنت جمل المحامل، وأنت الذي رفضت مقايضة الكبرياء بالمال في وقت آثر فيه البعض أن يجعل مواقفه رهينة صفقة تندرج في إطار صفقة القرن، فطوبى لك وقد صهرت من مواقفك ملحمة تداخل فيها البعدان السياسي والدبلوماسي ليكون الناتج موقفا وطنيا ستخلده مجلدات المؤرخين، وقبل هذا وذاك قلوب الملايين من عايشوا الانتصار للموقف حقيقة واقعة وليس تنظيرا، وبوركت مواقفك التي يسرّت علينا أن نشرح لأطفالنا معنى الكبرياء وتبسيطه باستحضار مواقفك.
طوبى لك، وأنت الذي لم تركن إلى ما تعززه مقولة" الكفُّ لا تناطح المخرز" من خمول، وكأنك تريد لنا جميعا أن نردد ما قاله معين بسيسو ذات يوم:
الصمت موت......فأنت إن نطقت متْ......وأنت إن سكت متْ...........قلها ومُت
فكيف إذا كان الموقف: قلها وابق واثقا، واقفا، شامخا؟.
بعيدا عما تختزنه الكلمات في ذاتها من بلاغة حينا، فإن بلاغة المواقف هي التي تعكس ذاتها حضورا في كل حين، ورغم عديد التحديات التي برزت في الطريق، إلا أن مواقف سيادة الرئيس أبو مازن ظلت شاهدا على حضور السلف في الخلف، فما بين مواقف الرئيس الراحل ياسر عرفات رحمه الله، ومواقف الرئيس محمود عباس خيطٌ ناظمٌ محكومٌ دوماً بتوجيه وجهة القرار حيث الإبقاء على القرار الفلسطيني المستقل.
طوبى لك سيادة الرئيس وقد مهرت حضورك ومواقفك بالانحياز للقدس خيارا غير قابل للتصرف، وإذا كان تركيز الاقتصاديين دوما على العائد من الاستثمار، فقد برهنت أن الاستثمار في المواقف حافل بالعائدات، فبعض المواقف لا تقيّم بمنطق الربح أو الخسارة، لأن المعنى الحقيقي للخسارة المادية قد يكون ربحا قيميا ومعنويا في حال كان الخيار وطنيا بامتياز.
طوبى لك، وامضِ واثقا، قد وصفوك أستاذا في فنّ السياسة، ونحنُ نصفك بأنك أستاذٌ في فنّ القيادة والكياسة، قائد أعاد للمفردة بعضا من تجلياتها، فبعض المعاني تتجدد بتجدّد المواقف، وتتمدد بفعل حرارة الروح وصدق الانتماء، ووحدها المواقف المقترنة بالكبرياء عصيّة على أن تكون عرضة لتبدّل الفصول، فواصلْ موقفك ثباتا، وفقك الله وحماك ورعاك.