نشر بتاريخ: 06/05/2019 ( آخر تحديث: 06/05/2019 الساعة: 11:23 )
الكاتب: المحامي سمير دويكات
نبدأ من ربطة العنق التي كان يرتديها جدي كما بقية اجياله ونسائهم الجميلة بتنورتها القصيرة، ووجهها الملائكي، على الرغم من بساطة حياتهم وسلوكهم الجميل المتواضع ومهنهم البسيطة التي كانت ترتبط بالارض وتربية الحيوانات وعيش كريم الا ان حياتهم كانت رائعة، ومن يرجع الى صور مدن نابلس والخليل ورام الله وعكا وحيفا والقدس وجنين في سنوات الثلاثين، كان عليه ان يتوقع ان تكون هذه المدن اجمل مما كانت، لكن بالرجوع الى الصور نجد انها كانت جميلة واليوم تتكدس العمارات والبنايات بغير تصاميم او تنسيق وكانها حجارة متراكمة، وذلك ليس مقتصرا على هذا الامر واللباس وغيره بل الاكثر صدمة هو ما كان على مستوى الفكر، فعندما تزور القاهرة يجذبك جمال البيوت القديمة اكثر بكثير من الجديدة، ويجذبك كتب القانون والفلسفة والادب وغيرها التي تموضعت على رفوف في سنوات الثلاثينات والان لا احد يقرأها سوى باحث يريد ان يتعمق، ليواجه الفشل بعد ذلك ويلقب بالمجنون او مصاب بمرض التوحد او غيره كون ان المجتمع لن يراوده حلمه الجميل في قراءة ادبية او تاريخية او حتى جغرافية لمكان هنا او هناك.
وهذا ليس في تلك السنوات على الرغم من ان الصور كانت يجب ان تكون نحو الافضل بمعنى ان يكون هناك شىء جديد اجمل من السابق للتطور الحديث الذي غطى العقول والمدن والساحات والمدارس الحديثة وغيرها من الامور التي يجب ان تكون حاضرة في العقل والقلب وكل ما رافقها من انتقال نحو الافضل، تلك مثلا سنوات الثمانيات كانت جميلة حتى في مظهر النساء والشباب ولماذا ونحن في قلب الالفية الثانية تراجع الامر الى الوراء؟
فلسطينيا، ومع قدوم السلطة الوطنية (بغض النظر عن الالية والسبب) قدم المال مرافقا وبدأ الامر وكأن الحياة ستكون افضل وافضل بكثير، وفعلا كان هناك حركة قانونية وسياسية نحو نظام ديمقراطي تجسد لاول مرة في اخيتار الشعب لممثليه، وبالتالي اشتم المواطن رائحة الحرية في سير المؤسسات وكنا نطمع ان نكون كما بلدان العالم، لكن بعد ثلاثين عاما، وجدنا انفسنا نصطدم باواب مغلقة من حواجز وبنفس الوقت من ممارسات اجتماعية عمياء، لم ولن يكون فيها سوى طامع او منافق او خداع او كاذب، لتجد المسؤول لديه طموح في منصب من اجل الفشخرة وراتب جيد ومصالح يجمع منها ما يريد، وبقي الاحتلال على حاله بل زاد الاستيطان وزاد البطش وزادت قوته حتى صار يصل الى المقاومين خلال فترة قصيرة جدا على عكس سنوات ما قبل ذلك، ان الامر هنا لا يتسع وهو ليس اجابة بل سؤال لماذا عدنا الى الوراء؟ ومن اعادنا بكل احتراف واجتهاد الى الوراء؟ فحلمنا كان وما يزال في مسؤول يحمل البندقية كي تكون في وقتها ومكانها المناسب يوما كي نعرف اننا لم ولن نعود الى الوراء او اننا ما نزال في نفس المكان.