نشر بتاريخ: 11/05/2019 ( آخر تحديث: 11/05/2019 الساعة: 15:53 )
الكاتب: السفير حكمت عجوري
مع ان الحديث عن ما يسمى صفقة القرن الاميركيه اصبح مملا ومقرفا الا ان التسريبات الاخيره في الصحافه العبريه وتحديدا صحيفة اسرائيل هيوم التي تربطها علاقت متينه مع مهندسي الصفقه بما فيهم النتن ياهو، تسريبات كانت بدون شك بمباركه من المذكورين كبالون اختبار لرصد ردود افعال جديده على هذه الصفقه المؤامره والتي اعتقد انها جاءت مخيبه لامالهم حيث كانت مستفزه ليس لي فقط وانما لمشاعر كل الفلسطينيين حتى اولئك المغردين خارج السرب الوطني من اتباع من تزوج امي فهو عمي.
طبعا تلك التسريبات لا يمكن ان تكون بدقة ما سيظهر في الاعلان الاخير عن الصفقه ذلك ان كان هناك فعلا صفقه وستظهر وذلك حفظا لماء وجه مهندسي هذه الصفقه ولا اقول حفاظا على مصداقيتها حيث لا مصداقيه لهذه الصفقه البشعه وغير الانسانيه التي تهدف لذبح كرامة شعب فلسطين، شبت (هذه الكرامه) على دماء ابناءه الطاهره التي سالت عبر عقود من النضال والتي هي ممزوجه بعبق ارواح شهداء هذا الشعب الذين ما زالو يرتقوا في كل يوم.
ومع انني ذكرت في موقع اخر وما زلت على قناعه من انه لم يبق هناك صفقه للاعلان عنها سوى التوثيق الدولي لقرارات معتوه البيت الابيض المتعلقه بتهويد القدس والجولان وهذا جل ما كانت تحلم به الحركه الصهيونيه بالرغم من كل ما فيهما من قدسيه وعروبه تجعل منهما عصيتين على البلع والهضم من قبل اي من غير اصحابهما الاصليين من الفلسطينيين والسوريين.
من المعروف ان العلاقات الدوليه بشكل عام هي علاقات مصالح متبادله و تكون مقبوله وطبيعيه طالما بقيت نديه و الاحترام المتبادل اساسها ، الا ان الحال كثيرا ما يتبدل عندما تكون اميركا هي الطرف الاخر في هذه العلاقه حيث تصبح في غالبها تبعيه خصوصا مع هذه الاداره التي يتراسها شخص فاقد للاهليه ويقود سياستها الخارجيه شخص اقر بحديث متلفز من انه مارس الكذب والغش والسرقه عندما كان يدير وكالة المخابرات المركزيه.
الا ان ما يعنينا من كل ذلك هو العلاقة الاميركيه الفلسطينيه التي اخذت في عهد هذه الاداره الترمبيه منحى لا يمكن وصفه بغير العدائي وذلك بسبب جهل وعدم خبرة القائمين على هذه الاداره الذين تفوقوا على كل من سبقوهم بان كشفوا عن مستور الطبيعه الحقيقيه لهذه العلاقة التي ولدت مع المصافحه الشهيره بين الراحلين عرفات ورابين سنة 1993 برعايه الرئيس بيل كلينتون الذي لم يدخر جهدا طيلة ثمان سنوات حكمه في توظيف ذكاءه لصالح اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال بداية بالغاء وثيقة عنصرية الصهيونيه ومرورا بطعن ميثاق منظمة التحرير وافراغه من محتواه في غزه سنة 1996 ثم ختم ولايته بتحميل مسؤولية افشال التفاوض سنة 2000 زورا وبهتانا للراحل عرفات بدليل انه تراجع عن ذلك ولكن بعد مرور عشر سنوات وكان قد ايده بهذا التراجع عن الظلم للراحل عرفات الرئيس الاميركي الاسبق كارتر.
ثم جاءت ادارة الرئيس بوش الابن التي اصدرت حكم الاعدام على الراحل عرفات باعتراف بنيامين بم اليعازر بعد اجتماع له مع ديك تشيني نائب الرئيس بوش، هذا الحكم وكما هو معروف تم تنفيذه اسرائيليا بامر شاروني .
تلى ذلك ادارة الرئيس اوباما ، بدأها بخطاب جامعة القاهره الشهير الذي كان ثمنه جائزة نوبل للسلام بالرغم من ان هذه الاداره شهدت وصمتت على ذبح اسرائيلي علني وعلى يد النتن ياهو للتفاوض كوسيله لتحقيق هذا السلام وانهاء النزاع الاسرائيلي الفلسطيني ، وقد تم هذا الذبح دون ان تفعل هذه الاداره حياله شيئا بل وعلى العكس فقد انعمت على اسرائيل بمساعده سخيه وصلت الى 38 بليون دولار في الوقت الذي ابقت فيه على حجز المساعدات الاميركيه الخجوله للفلسطينيين ثم افرجت عنها ولكن في الساعات الاخيره للوقت الاضافي من عمر هذه الاداره وهو ما اعتبره ترمب قرارا باطلا واعاد الحجز على هذه المساعدات والى يومنا هذا.
ما سبق يؤكد على ان العداء الاميركي للمشروع الوطني الفلسطيني هو عداء اصيل وليس عداءا خاصا باداره ترمب الحاليه ويؤكد ايضا على ان هذا العداء ليس مزاجيا وانما هو مصلحه اميركيه التقت مع مصالح الحركه الصهيونيه للابقاء على حالة عدم الاستقرار في المنطقه وبالتالي استمرار حالة الحرب لخدمة مافيا السلاح التي ما زالت تحكم العالم الذي تقوده اميركا وهو احد الاسباب التي من اجلها تم خلق كيان استعماري عنصري في هذه المنطقه التي تعتبر قلب العالم جغرافيا واحد اهم مصادر ثرواته.
وبالعوده الى ما بداناه وعطفا على كل ما قيل بخصوص المؤامره / صفقة القرن واي كان شكلها النهائي فهي ومن كونها صناعه اميركيه فانها لن تكون لا في صالح الفلسطينيين ولا في صالح مشروعهم الوطني ولن تلبي حتى الحد الادنى من طموحاتهم التي يبدو انها (هذه الطموحات) ما زالت لم تُسَدَد فاتورتها حتى تتحقق كما ان هذه الصفقه وان كانت تبدو انها تخدم المصلحه الانيه لاسرائيل الا انها وبالقطع ستكون وبالا على ساكنيها في المنظور البعيد.
وعليه فان مواجهة هذه الصفقه المؤامره فلسطينيا لا يكمن في الرفض المجرد الذي تحول الى صراخ لا يقابله سوى صداه خصوصا وان هناك شعور يصل الى درجة اليقين بان بعض العرب الذين دخلوا طوعا في خدمة اميركا واصبحوا طوع بنانها هم الذين سيوقعون على صك بيع المشروع الوطني الفلسطيني تحت شعار اطلق عليه صفقة القرن.
وعليه فان المواجهه لهذه الصفقه المؤامره تستدعي القفز الفلسطيني الى دائرة الفعل والخروج من دائرة الانتظار التي اصبحت لا تطاق وذلك باعلان صفقة قرن فلسطينيه ممكنه وتكون وليدة هذا الامر الواقع الذي لا يمكن لاحد ان ينكره او يتنكر له الا وهو نهاية حل الدولتين وخلق بديل ممكن بل وحتمي الا وهو الدوله الواحده ما بين النهر والبحر، دوله ديمقراطيه علمانيه تتسع لكل من يعيش فيها ولكل من هُجِر منها ان اراد ان يعود اليها وليكن اسمها كما اريد لها اميركيا "دولة فلسطين الجديده" وبذلك يكون اصحاب الارض هم من يعلنوا عن صفقة القرن وليس اميركا وذلك لان الفلسطينيين ممثلين بمنظمة التحرير كانوا وما زالوا وسيبقوا الام الحقيقيه للولد (فلسطين التاريخيه) شاء من شاء من الاميركان واتباعهم من العرب ام ابى.
.