نشر بتاريخ: 30/05/2019 ( آخر تحديث: 30/05/2019 الساعة: 12:14 )
الكاتب: عوني المشني
توطئة للسؤال بسؤال ، هل فعلا يهتم الجمهور الفلسطيني بالانتخابات الاسرائيلية ؟؟!!! ليس لدي احصائيات او حتى استطلاعات ، لكن لدي مشاهدات ، على المستوى الرسمي الفلسطيني بات واضحا هذا الاهتمام واحيانا هناك ما هو اكثر من الاهتمام ، ينتظرون نتائج الانتخابات ليعدوا رسم سياساتهم ، على مستوى المثقفين ايضا هناك اهتمام يبدوا واضحا في الكتابات والنقاشات واحيانا الندوات والمحاضرات ، في الأواسط الشعبية ربما يهتمون بهذه الانتخابات اقل قليلا ، ولكن يهتمون بكل شئون السياسة اقل قليلا ، وظروف الحياة المضطربة والمتغيرة تجعل لديهم اهتمامات من نوع اخر ، لكنهم على اقل تقدير يهتمون بالانتخابات الاسرائيلية اكثر من اهتمامهم باجتماعات المجلس الوطني مثلا ، فليس لديهم انتخابات سياسية خاصة بهم منذ اكثر من دزينة من السنوات تقريبا
السؤال لماذا هذا الاهتمام ؟؟؟!!!
ربما لانهم يعلمون ان نتائج تلك الانتخابات تترك تأثيرا على قضيتهم الوطنية اكثر من اي حدث اخر ، ربما لانهم يَرَوْن في قواهم السياسية فاقدة اي تاثير في الحدث السياسي فيعلقون اوهاما على نتائج الانتخابات الاسرائيلية ، وربما لانهم يحسدون عدوهم على ديمقراطية لا يمتلكونها ، وربما ان هذه الاسباب مجتمعة هي التي تقف خلف هذا الاهتمام وبنسب متفاوتة من قطاع فلسطيني لآخر .
وحتى لو جاء من يقول هذا الكلام مبالغ فيه !!! فله الحق في ذلك ، ففي كل شيئ يبالغ الفلسطينيين ، يبالغون في التعويل عللى نتائج الانتخابات بترك تاثير على المجريات السياسية على الارض ، ويبالغون في الاحباط من قواتهم السياسية ، ويبالغون في انقسامهم ، ويبالغون في تقييم الاثار السلبية لهذا الانقسام ، يبالغون في توصيف انتصاراتهم وهزائمهم وحكمتهم وتهورهم وتنازلاتهم وتشددهم ورفضهم وقبولهم وتفائلهم وتشاؤمهم . فالمبالغة هنا تعويض علن نقص حينا وعن قصور حينا اخرى ، والمبالغة احدى الحيل على الواقع المؤلم الذي يعيشونه وان لم تقنع تلك المبالغة الاخرين فانها نقنعهم بصيرورتهم .
احد أصدقائي قال لي ذات مرة ، نرى عاهاتنا وأخطائنا عندما ننظر اليهم !!! لم استطع الاستنتاج ان نظرتنا اليهم تعلمنا شيئا ، انتهى حديث صديقي .
هل هي " عقدة الخواجا " الذي يفهم دائما ويعرف ما يريد دائما ويخطط " لألف عام الى الامام " رغم انهم فاسدون كما نحن ، هم يتخبطوا كثيرا واكثر مما نحن ، هم واهمون الى حد " الهبل " واكثر مما نحن ، هم قصيروا النظر اكثر مما نحن . لكنها مركب نقص يشعر به الطرف الضعيف دوما ويعوضها بمبالغات لا جدوى منها .
ما يثير ليس الاهتمام فحسب ، بل المبالغة في الاهتمام الى حد الشعور باننا نقرر في انتخاباتهم ، ربما صحيح اننا نقرر بمعنى ان هناك مباراة بين احزابهم على إظهار العداء والهمجية من شعبنا ، لكن ان مقرر كاداة فعل فتلك هي الوهم بعينه ، صحيح ان الفلسطينيين في الداخل لهم تاثير ما وربما يتصاعد هذا التأثير في مستقبل الايام ولكن عندما يتعلق الامر بقضايا " الدولة " الاستراتيجية فهم خارج القرار وخارج التأثير ، وعندما يتعلق الامر بجوهر الفكرة الصهيونية القائمة على الاحتلال والتوسع والاستيطان فهم ضحايا مثلنا تماما .
ليست هي دعوة لعدم الاهتمام ، فما يجري عندهم ينعكس بالتأكيد علينا ، ولكنها دعوة لجعل الاهتمام بالقدر الموضوعي وبدون مبالغة ، وهي دعوة لرؤية الحقيقة المرة وهي اننا ما دمنا نفقد القدرة على صناعة الحدث واحداث التراكم فلن ينفعنا المتغيرات لديهم ، بل ان صناعتنا للحدث واحداث التراكم هي ما سيترك تأثيرا حقيقيا على انتخاباتهم