الأربعاء: 05/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

اقتطاع مخصصات الأسرى: ما بين التكتيك الأميركي والعقائدي الإسرائيلي

نشر بتاريخ: 03/06/2019 ( آخر تحديث: 03/06/2019 الساعة: 11:03 )

الكاتب: فادي أبو بكر

تعتزم الإدارة الأمريكية عقد ورشة اقتصادية دولية في العاصمة البحرينية المنامة، يومي 25 و26 حزيران/ يونيو القادم، وذلك بهدف "حشد الدعم للاستثمارات الاقتصادية المحتملة" التي يمكن أن يوفرها اتفاق سلام في الشرق الأوسط، بحسب ما أورده بيان البيت الأبيض الصادر بتاريخ 19 أيار/ مايو 2019. وكانت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية قد لفتت إلى أن الهدف الرئيسي من وراء هذه الورشة تحصيل 68 مليار دولار لتمويل (صفقة القرن)، حيث أن هذه المبالغ ستقدم للفلسطينيين ومصر والأردن ولبنان، لإنجاز الصفقة.
تقودنا حفلة جمع الأموال هذه إلى افتراض استنتاجي مفاده أن قضية رواتب الأسرى والشهداء، وما ترتب عليها من هجمة أميركية على السلطة الفلسطينية، لم يكن مرجعهاً عقائدياً كما هو بالنسبة للكيان الإسرائيلي، وإنما هي مجرد حركة تكتيكية هدفها إجبار السلطة الفلسطينية على التضحية والقبول بـ "صفقة القرن"، وهو ما لن تقبله قيادتنا أو شعبنا. من جهةٍ أخرى فإن الهدف الثانوي من هذه الورشة هو إعادة توجيه المساعدات الأميريكية للسلطة الفلسطينية، ولكن بأموال عربية وتحديداً خليجية، وذلك انطلاقاً من حقيقة أن العقلية التجارية وعقلية الصفقات هي التي تحكم عقلية الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
يمكن القول أن الكيان الإسرائيلي التقف هذا التكتيك الأميركي، ورسّخه في عقيدته الصهيونية، بدليل إقرار برلمان الاحتلال الإسرائيلي (الكنيست) قانون خصم رواتب الأسرى الفلسطينيين. ويراهن المُحتل الإسرائيلي على أن عقيدته ستتغلب على التكتيكي الأميركي، لواقع أن "صفقة القرن " بلورها ثلاث يهود أميركيون (صهر ترامب ومستشاره الخاص، جاريد كوشنير، ومبعوث الرئيس الخاص، جيسون غرينبلات، والسفير في "إسرائيل"، ديفيد فريدمان) معروفون بتأييدهم للكيان الإسرائيلي بشكل عام، ولليمين الاستيطاني، والمشروع الصهيوني بشكل خاص.

ما بين التكتيكي الأميركي والعقائدي الإسرائيلي، تبقى القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس "أبو مازن" متشبثة بموقفها الرافض لـ "صفقة القرن"، وملتزمة بواجباتها الوطنية والأخلاقية والمالية تجاه شريحة الأسرى والشهداء، لأنها تعي جيداً أن التخلي عنهم، يعني التخلي عن المشروع الوطني الفلسطيني، والمبادىء التي قامت عليها السلطة الفلسطينية. ولذلك فإن القيادة الفلسطينية آثرت المواجهة على الاستسلام، بالرغم من الضغوطات الهائلة وخذلان البعض "العربي"، متيقنةً أن ثمن الاستسلام أمام القوى المتغطرسة هو أكبر بكثير من الوقوف بوجهها.

يُنتظر مع عقد ورشة "صفقة القرن" في البحرين، أن تنقشع الغيوم أكثر حول ماهية الصفقة وتفاصيلها ومآلاتها، وأكاد أجزم أن الفلسطينيين أكثر المتلهفين لإعلان "صفقة القرن" لإيجابيتها الوحيدة المتمثلة في كشف المستور وإماطة اللثام عن مدعي العروبة والوطنية. ولن يكون بعدها أي هامش لأولئك المتخاذلين المستترين من المناورة، وسيكون يوم أعلان "صفقة القرن" بمثابة الإعلان عن بدء العد التنازلي لسقوطهم وإبادتهم.
تبقى الوحدة الوطنية، وتنويع المداخل والجبهات، السلاح الأقوى في مجابهة المشاريع التصفوية وعلى رأسها "صفقة القرن"، ويبقى السؤال الحاضر: إن لم توحدنا "صفقة القرن" فماذا يوحدنا؟ .. أم لا يرى فيها البعض أنها تهديد وجودي؟!.