السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الجميع ينتظر أفكار محمد إشتية لانقاذ الاقتصاد الوطني

نشر بتاريخ: 19/06/2019 ( آخر تحديث: 15/08/2019 الساعة: 15:36 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

مر 65 يوما على تكليف الخبير الاقتصادي الفلسطيني د. محمد إشتية رئاسة الحكومة الجديدة . وقد رفع الشعب الفلسطيني من سقف توقعاته عند تكليف الدكتور اشتية بإعتباره من الكفاءات الاقتصادية الفلسطينية ومن قادة ورموز حركة فتح وهو من الخلية الأولى لأصحاب القرار .
اقتصاد غزة قائم على الجوع وطلب المعونات .. امّا الاقتصاد الفلسطيني في الضفة فيعتمد بنحو 90% في بقائه على الاقتصاد الإسرائيلي ، إنتاجا وإستهلاكا وإستيرادا وتصديرا . والأهم أن الاحتلال هو المشغّل الاكبر للعمال في فلسطين حيث يشتغل نحو ربع مليون فلسطيني في سوق وورشات عمل ومصانع ومستوطنات الاحتلال ، بينما تقوم السلطة بتشغيل 130 الف موظف فقط وقامت قبل سنوات بالاعلام عن وقف باب التوظيف !!!
وبعيدا عن المناكفة السياسية ، وفيما يتعلق بنظريات الاقتصاد الحديث هناك وجهتا نظر وجهة النظر الاولى تقول ان السلطة اقتصاديا تعتبر حالة مؤقتة لحين الانتقال الى مرحلة الدولة وبالتالي يمكن التغاضي عن أخطاء التكوين الخاطئ فيها لحين اعلان الدولة ، وقاد هذه المرحلة الزعيم عرفات الذي وافق على مضض على اتفاقية باريس باعتبارها تنتهي في العام 1999 . ولكن الامور جرت الى منقلب خطير حي تحوّل اقتصاد اتفاقية باريس الى حياة كاملة ومستمرة . ومضى بها وزير المالية الاسبق د. سلام فياض نحو الاصلاح وصولا لتكليفه بمهمة رئاسة الحكومة فاعلن في العام 2008 الذهاب نحو الدولة وإشتبك كثيرا مع وزراء ماليته حتى وصل الامر لقبول استقالتهم وتوليه هو شخصيا منصب وزير المالية ، ورغم تحفّظ الفصائل على هذه القفزة استمر الوضع على هذا المنوال حتى العام 2014 ولم تسمح امريكا بقيام اقتصاد دولة وقامت اسرائيل بافشال كل مشاريعه الكبيرة كما قامت بتحطيم احلامه الاقتصادية الكبيرة .
في العام 2014 تولى د. رامي الحمد الله رئاسة الحكومة ، ورغم أنه شخصية اكاديمية الا ان الرئاسة تولّت ادارة المالية والاقتصاد من خلال توجيهات محلية ودولية مباشرة .. وقد كان امام د. رامي الحمد الله عدة خيارات منها الخوض فورا في غمار تجرية مقاطعة اسرائيل ودعم منظمة بي دي أس بشكل كامل او مواصلة الامر كما هو بالحد الادنى من الاشتباك مع الاحتلال ، أو اجتراح نظرية اقتصادية جديدة أساسها واضح وفي النهاية يمكن القول ان الدكتور الحمد الله اختار الحفاظ على الوضع كما هو عليه ، فهو اقتصادي محافظ ولا يحب المغامرات الطوباوية .
وجهة النظر الثانية التي قادتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتي أيدها الجميع سرّا ورفضوها علانية قالت حرفيا ( ان ازمة السلطة الاقتصادية والمالية لا يمكن علاجها بنظريات تكنوقراط بعيدا عن نظريات الاقتصاد التاريخية ، وان السلطة ستبقى خلّاقة ازماتها الى يوم الدين . وأنه لا يمكن خداع المواطنين بان لدينا اقتصاد حر ومستقل لان اتفاقية باريس قيّدت الاقتصاد الفلسطيني وجعلته مجرد وكيل لبضائع الاحتلال وخادم لمصالح الاحتلال والاحتلال سيمنع تطوّره ويبقيه في حالة خدماتية تعاني من الفقر والانهيارات .
والحقيقة أن الجميع أهمل تحذيرات الجبهة الشعبية ( وانا شخصيا لم أعط هذا الكلام سوى الحد الأدنى من الاهتمام الاعلامي ) .. وصدّقنا دعايات البنوك والشركات الاحتكارية التي تشتري بضائع من الاحتلال وتبيعنا اياها بضعف السعر وأغمضنا عيوننا لأننا نريد أن نحلم ونصدّق ان لدينا اقتصاد حر . نريد ان نحلم بدولة وبحرية اقتصادية فتحوّل الفشل الى مداعية طائشة عاطفية لا قيمة رقمية لها . وربما أفترض حسن النية هنا عند كل وزارة قامت بتضخيم الأرقام ونشرنا ان لدينا ملايين السياح ولدينا ملايين الملايين من الصادرات ولدينا علم ولدينا بطيخ وطني وسجاير وطنية لدرجة أننا في السنوات الماضية اعتبرنا السجائر الاسرائيلية والامريكية سجائر وطنية لانها مسجلة جمركيا ، واعتبرنا سجائر يعبد وتبغ الفلاحين من أعداء الوطن !!!
وقد وصلنا الى ما وصلنا اليه الان .. ولم يعد يجدي اللوم نفعا . ولم يعد لنا قدرة على المناكفة . وقد سيطر الإحتلال على الاقتصاد الفلسطيني وعلى قوت يومنا ، وقد سرق الاحتلال اموال السلطة واحتجزها ، وقد قطعت الولايات المتحدة دعمها على الشعب الفلسطيني .
نقف اليوم وجها لوجه مع الدكتور محمد إشتية ونسأله النصح والوضوح : ماذا نفعل ؟ ما العمل ؟ وماذا تريدنا ان نعمل ؟
أي نظرية اقتصادية تريدنا ان نتبعها ؟
وما هو الهدف وما هي الأدوات ؟
وهل السلطة ستعيد فتح باب التوظيف للخريجين والموظفين كحق اساسي من حقوقهم .. أم أن السلطة هي التي تحتاج دوما لمساعدة الفقراء؟