نشر بتاريخ: 27/06/2019 ( آخر تحديث: 27/06/2019 الساعة: 11:00 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
وقعت حادثة ورشة البحرين مثلما يقع حادث سير بين سيارتين مختلفتين في الإتجاه . وقعت الحادثة وأوقعت خسائر وتركت جرحى على الأرض أولهم أنظمة عربية وأفكار ومراسم حاول أصحابها الحفاظ على سيرتها عشرات السنين .
ورشة البحرين ليست قدرا منزلا على الفلسطينيين والعرب ، ولكنها حادث سير شديد كشف نقاط ضعف جميع الاطراف وأسقط الأقنعة . ومن رفض صفقة القرن قال لماذا وبكل جرأة ، أمّا التيار المهرول مع صفقة القرن فهو تيار خائف لا يجرؤ على البوح بالحقيقة ويكذب وتراه يهرب من كاميرات التصوير مثلما يهرب الجاني . ولو أن هذا الزعيم العربي أو ذاك وافق على صفقة القرن بقناعة لكنّا مضطرين أن نصغي لوجه نظره . ولكن " الموافقون" ساروا مع الصفقة لأنهم مجرد دكتاتوريات مرتعدة تخاف أن ترفع المخابرات الامريكية الحماية عنها ويكون مصيرها مثل مصير الزعماء العرب الذين يقبعون في زنازين بنوها لأبناء اوطانهم .
خسائرنا ..- خسرنا بعض الأنظمة والحكومات التي كانت تكذب علينا وعلى نفسها طوال عشرات السنين وتدّعي أنها معنا وأنها مناصرة للحق ولقضايا الشعوب ، وفي أول إمتحان سقط القناع وإتضح أن هؤلاء يعملون بتوجيهات من عملاء البيت الابيض والمخابرات الاسرائيلية فهي التي تشغلّهم وهي التي تقرر عنهم .
- خسرنا أموالا طائلة من خلال العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاحتلال على الشعب الفلسطيني . خسرنا أموالنا التي يسرقها المستوطنون .
- خسرنا جبهة التحالف العربي وما يسمى ( المبادرة العربية ) التي اتضّح أنها مجرد أكذوبة وستار لعورات الأنظمة الخائفة من السقوط .
- وأكبر خسارة في تاريخ الشعب الفلسطيني المعاصر أننا خسرنا 30 سنة من أعمارنا ونحن نلهث وراء وهم حل الدولتين ووهم إتفاقية اوسلو .. ولن يعتذر لنا احد على ذلك . ونحن لا نحتاج من أحد ان يعتذر على هذه " المصيبة " .
- خسرنا الولايات المتحدة الامريكية والتي صارت تتعامل معنا وكأننا عدو لها . وتستقوي على شعب صغير محاصر وتقطع عنه المعونات وتحاربه في رغيف خبزه .
- خسرنا اليسار الاسرائيلي الذي لم ينبس ببنت شفة وظل مشلولا صامتا ولم يعلن أي موقف من صفقة القرن ، ما يعني أننا لن نعتمد عليه في أية معركة سياسية لحقبة طويلة من الزمن .
- خسرنا دولا كبيرة كانت تعتبر نفسها حامية المشروع الوطني الفلسطيني ، وسرعان ما اتضح أنها " مصاصة دماء "تلهث وراء أي فتات يسقط من موائد اللئام في تل ابيب وواشنطن .
- خسرنا حل الدولتين مرة والى الابد .
- خسرنا فرصة أن نبني دولة عربية فاشلة أخرى ومتخلفة قمعية تربي أجيال جديدة من العبيد على غرار بعض الدول العربية التي توصل الليل بالنهار من اجل خلع أظافر شبابها في الزنازين وتعبد صورة الزعيم أكثر مما تعبد الله .
- خسرنا الأضواء الامامية وضوء خلفي وبعض الواح الزجاج .. ولكن السيارة ستواصل السير على طريق الحرية والحضارة لبناء مجتمع معافى وسليم يشارك في تربية جيل حضاري مثقف جديد .
- كسبنا أنفسنا وحصلنا على فرصة جديدة ، وهذه فرصة نادرة قلما يحصل عليها شعب تحت الاحتلال .