نشر بتاريخ: 09/07/2019 ( آخر تحديث: 09/07/2019 الساعة: 11:08 )
الكاتب: باسل مصطفى
بقول الصحافي الإسرائيلي يوسي يهوشع: في مقدمة مقال له في صحيفة يديعوت أحرنوت، بعد أربعة أشهر من نهاية عملية الجرف الصامد بات واضحا ان الردع الذي تحدثوا عنه كثيرا في القيادة السياسية وفي الجيش الإسرائيلي آخذ في التبدد. من لا يزال يتذكر بأنهم وعدوا بان يكون هنا هدوء لسنوات طويلة بعد جولة القتال الأخيرة، أو الإعلانات عن أن حماس "تلقت ضربة لن تحاول بعدها رفع الرأس، بالضبط مثل حزب الله بعد حرب لبنان الثانية.
هذا مجمل بيت القصيد بأن الحرب لم تنتهي بعد،
على الرغم من مرور خمسة أعوام على حرب 2014، لم تنعم جبهة غزة التي دائما ومنذ نشأة تاريخ الصراع محطة دائمة ومفصلية، في هز وتمزيق الصورة التي رسمها العدو الصهيوني بقياداته السياسية والعسكرية لشعبهم، بان لديهم قوة عسكرية جبارة تهتز لها دول كثيرة، هذه القوة التي يتغنى بها جيش الاحتلال، غزة على صغرها وقلة حيلتها مرغت أنفها على أعتابها مرات ومرات.
غزة ليست كغيرها فهي تشكل عبئ بسبب وجودها الجغرافي المزعج في خاصرة دولة الاحتلال، لم تكف بتنغيص عيش المستوطنين في جوارها بكافة الوسائل، ولم تعدم تلك الوسائل يوما فصواريخها على حجمها الصغير، كانت كفيلة بتحويل حياة المحتلين إلى جحيم.
على الرغم من خمسين يوما صب العدو الصهيوني على المدنيين آلاف الأطنان من الصواريخ المتفجرة، بقيت المقاومة مستمرة في دك المستوطنين في رسالة واضحة مفادها مدنييكم ليسوا ولن يكونوا أحسن حال من أبناء شعبنا، وكانت هذه الصواريخ أيضا تطلقها المقاومة وفق تكتيك أحرج وأربك قادة الاحتلال، وجعل عقيدة الردع التي يتغنى بها العدو حبر وحروف في أسطر مقالات كتابه فقط.
وما عمق ذلك في الشارع الصهيوني مشاهد الحافلات بالمستوطنين وهجرتهم من علاف غزة نحو الوسط والشمال، حيث قال وزير الرفاه الإسرائيلي مئير كوهين خلال زيارته للمنطقة المحيطة بقطاع غزة في ذلك الوقت من الحرب، إنه يستشعر بحالة انكسار لدى السكان اليهود، في ظل استمرار سقوط صواريخ المقاومة لليوم الخمسين.
ولم تقف غزة عند هذا الحد ومفاجأتها الحاضرة، فكانت عملية بحر قاعدة زيكيم صدمة لم يتفق منها الاحتلال حتى اليوم، وأخفي في ذلك الوقت حجم خسائره، لتنكشف بعد ذلك عملية إختراق في وقت لاحق نفذتها المقاومة وبثت فيديو إختراق كاميرات مراقبة داخل القاعدة العسكرية زيكيم، والتي صورت تفاصيل ما حدث وبينت حجم شراسة الفدائي الفلسطيني فواجه أقوى آلة حرب ببندقية فقط.
وفي تصريحات صحافية نقلت عن بني غانتس رئيس أركان جيش الإحتلال السابق في حرب 2014 قال: في أواخر العام نفسه (مقاتلي حماس كانوا يتدربون جيدا، يجب أن نقول الحقيقة عن ذلك، لقد قاتلنا أناساً شجعان، ويتبع قائلا أن تركض وتضع عبوة ناسفة فوق الدبابة، هذا تصرف أناس شجعان).
ناهيك عن عمليات خلف الخطوط كما تسميها المقاومة والتي أجبرت الإحتلال على صياغة تجهيزات دفاعية تحيط بغزة، وكأنه يحاصر نفسه لا غزة، فهي أكبر من أي حصار هو يبني جدار أسفل وأعلى الأرض يحاصر مستوطنيه يظن أنها تحميه، كانت طائرات الاحتلال تدك الشجاعية ورفح بالصواريخ، المقاومين يضربون بأحذيتهم رؤوس جنود نخبتهم في ناحل عوز وغيرها، في صورة لن تبرح عقول الفلسطينيين وهم يرون جنود الإحتلال يصرخون.
فهل انتهت الحرب بعد 50 يوماً، بالطبع لا ...
تداعياتها قائمة وجولات الشعب الفلسطيني مع العدو لم تنتهي، ومسيرات العودة وكسر الحصار التي انطلقت في نهاية شهر مارس/آذار العام الماضي في ذكرى يوم الأرض، هي ضمن مسيرة الشعب الفلسطيني وشكلت هاجسا جديدا للمستوطنين بفعل مقاومة ثوارها الشعبية، وفي رسالة للعالم لن نتخلى عن أرضنا، والمقاومة ليس بالبنادق فقط، فالمقاومة الشعبية حاضرة دائماً، وغزة لن تتخلى عن الثوابت الوطنية. غزة تثبت يوما بعد يوم انها كانت وما زالت في طليعة مشروع تحرير ومُحرم على العدو العبث بأرضها وشعبها، برغم معاناة أهلها بسبب الحصار وانقسام أرهقها ومؤامرات لا تتوقف لكسرها، فالحرب لم تنتهي بعد.