الكاتب: العقيد لؤي ارزيقات
خالد (اسم مستعار) شاب يملك مركبة يعمل عليها ومنها يجمع قوت عياله ويوفر لهم ما يحتاجونه من مأكل ومشرب ومسكن ولباس دون الحاجة لابيه او شقيقه ولا حتى لقريب .. يعمل طول النهار ويسهر الليالي الطوال في تربيتهم وخاصة بناته اللواتي احبهن كثيرا واهتم بتربيتهن ...في احدى الايام خرج في رحلة عمل مع صديقه الذي يتعاطى المخدرات ويتاجر بها دون ان يعلم خالد بذلك وكانت الرحلة طويله امتدت من جنوب البلاد الى شمالها واثناء سيرهم لاحظ خالد بان صديقه يتناول سيجارة غريبة لها تاثير غريب ويصبح في حالة لم يعهده بها سابقا وكلما تناول سيجارة اخرى منها، ينتاب خالد شعور غريب يدفعه تارة للتجاهل واللا مبالاة وعدم الاكتراث لما يصيب صديقه كونه هو من اختار لنفسه ذلك، وتارة اخرى تتملكه افكار الرغبة في التجربة وحب الفضول لديه، ولكنه خائف لنتائجها التي قد تبدو عليه كما تبدو على صديقه ....وبعد تفكير لم يدم طويلا يتغلب على خالد فضوله القاتل الذي سيودي به للهاوية ويطلب منه سيجارة ليجربها فينظر اليه صديقه المفترض ان يكون حريصا عليه بسعادة كبيرة لانه يعلم بان سيجارة الفضول هذه ستجر خالد للتعاطي المستمر ويزداد عدد زبائنه واحد اخر حتى وان كان اعز اصدقائه وبالتالي ترتفع الاموال التي يجمعها، لم يتردد للحظة واحدة في اعطائه اياها، لن ولم ينصحه بعدم الاقتراب من هذا السم القاتل متناسيا تضحيات خالد معه وجمائله عليه. وعند سؤاله ما هذه فقال له انها سيجارة الانبساط والانتعاش لا تترد ...انها سيجارة الفضول الاولى ولكنها ستكون القاتلة ..يسحب منها خالد وعيناه تزغلل وتذهب يُمنة ويُسرى في حالة لم يشعر بها من قبل كادت ان تنهي الرحلة بحادث سير مميت الا انه استقوى قليلا واستجمع قواه الى ان عاد لمنزله وهو تعب وراسه يكاد ينفجر من الالم وتوجه لفراشه فورا ليغرق في نومه على غير عادته ولم ير ابناءه وبناته اللواتي احبهن كثيرا ولم يستيقظ الا بعد خروجهم للمدرسة، وكان اول ما فعله صباحا اتصاله بصديقه لاخباره عما جرى معه وسؤاله عن هذه السيجارة اللعينة وما هو الحل لهذا الصداع القاتل ...طبعا سؤال اسعده كثيرا لان الحل لديه. كيف لا وهو الصديق الوفي الذي يُقنعه بضرورة الحضور له فورا لاخذ سيجارة جديدة مماثله وسيجارة اخرى واخرى حتى اعتاد عليها وادمن على تناولها .. وتمر الايام وهو يتعاطاها دون علمه بان صديقه هو تاجر للمخدرات، انه صديق السوء، انه الصديق الذي لم يُراعي معنى للصداقة انه الصديق الذي سعى لجعله مدمنا بهدف واحد هو بيع مخدراته لجمع المال ... وبعد فترة من الزمن يبلغه بشكل مفاحئ ومقصود بان النوع الذي اعتاد عليه غير موجود ولن يستطيع توفيره في فترة قريبه ..واستمر الامر لعدة ايام وحالة خالد تسوء وجسده لا يتحمل الانقطاع عن هذا السم القاتل ..عدة ايام وهو لا يستطيع التحرك من المنزل يرافقه صداع فظيع وحالة تقيؤ شديدة وجسده يهزل ولا يقوى على فعل شيء ..ما الحل؟ ماذا يفعل؟ .. .لا خيار امامه الا الاتصال بصديق السوء ..ليجيبه ان الحل عنده بنوع ذو طعم جديد ونكهة جديدة يجعله اكثر حيوية ونشاطا ويغير حالته، وبسبب حاجته لتهدئة جسده لم يفكر الا بالتوجه له ويتناول هذا النوع الاشد ضررا وبعدها نوعا اخر واخر الى ان وصل حد الادمان الخطير ولمرحلة تناول فيها الحقن، وهي طريق اللاعودة وطريق الموت اذا لم تتوفر الارادة ...مما غير حاله وحياته ..يعمل ليل نهار لجمع ثمن وجبة المخدرات ولكلفتها الزائدة باع المركبة التي تدر عليه المال وباع اثاث منزله وكل ما يملك وسرق مصاغ زوجته وكل ما طالته يده وبدأ يتسول من اشقائه واصدقائه ومعارفه لكن كم مرة سيعطونه. انه يستمر بتعاطي المخدرات ويهزل جسده وانفضح امره ...ابناؤه اصبحوا متسولين على ابواب الاقارب والمساجد وفي الازقة والشوارع لسد حاجاتهم البسيطة يفطرون على كسرة خبز يابسه ونادرا ما يجدون لبنا او زيتا او شايا يغمسونها فيه ليستطيعون تناوله دون قساوة ..زوجته حاولت الصمود لفترة طويلة متأملة منه التراجع لكنها لم تستطع وتخلت عنه بعد الضرب والاهانه منه ولقساوة الكلمات التي تلقتها من الجيران والاهل والاقاراب لتعود الى اهلها تاركة بيتها الذي احبته وذكرياتها الجميلة فيه وتغمرها حرقة فراقها لابنائها ..اما بناته اللواتي لِتوّهن كُن من افضل بنات حيهن واصبحن يتسولن لقمة العيش ... فيحصلن عليها تارة واخرى يُطردن من امام المنازل علاوة على نظرات صديقاتهن في المدرسة اللواتي ابتعدن عنهن لانهن بنات مدمن على المخدرات ...وخالد لم تنجح كل محاولات الاهل والاصدقاء والاقارب في منعه من تعاطي هذه السموم . و لم تدفعه دموع اطفاله التي ذرفتها عيونهم للتراجع ، بل وكان همه وسط كل هذا وذاك فقط هو الحصول على المخدرات والحقن التي بانت في انحاء جسده الهزيل.