نشر بتاريخ: 02/08/2019 ( آخر تحديث: 02/08/2019 الساعة: 12:47 )
الكاتب: ماجد سعيد
اذكر اثناء عملي مع احدى المحطات التلفزيونية العربية خلال السنوات الماضية انني اتصلت برئيس التحرير مقترحا عليه ان نعد تقريرا مصورا حول عملية هدم نفذها جيش الاحتلال لاحد منازل الفلسطينيين في القدس بحجة عدم الترخيص، لكنني تفاجأت وقتها من رد رئيس التحرير الذي برر الهدم بانه يأتي ضمن تنظيم البناء في المدينة، دون ان يعلم ان إسرائيل لا تمنح الفلسطينيين تراخيص للبناء في المدينة المقدسة مثلما تمنعها على الفلسطينيين في المناطق المصنفة "ج" حسب اتفاق أوسلو لدفعهم الى الرحيل عن ارضهم.
اليوم يمكن ان ابرر لرئيس التحرير ولو جزئيا في عدم فهمه للمعادلة القائمة هنا، فإسرائيل التي تصور عمليات الهدم بانها في اطار القانون، تمكنت مجددا خلال اليومين الماضيين من توجيه اهتمام العالم الى ما ادعت به زورا بانها قررت السماح للفلسطينيين ببناء 700 وحدة سكنية في المناطق "ج" بالضفة الغربية التي تسيطر عليها بشكل كامل، لتظهر بمظهر العدل والإنسانية.
فنحن شهدنا إعلانات متكررة من إسرائيل لبناء الاف الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة الغربية ولم يكن ذاك الاهتمام الإعلامي مثلما لمسنا وشاهدنا كيف تلقفت مختلف وسائل الاعلام العربية والعالمية خبر سماح إسرائيل للفلسطينيين بالبناء، خاصة وانها أخرجت الخبر بشكل يوحي بان الحكومة تبنت القرار رغم معارضة اليمين الشديدة وانها هي من ستبني هذه المنازل للفلسطينيين.
توجيه اهتمام العالم يعكس قوة الاعلام الإسرائيلي والاستراتيجية التي تعمل بها إسرائيل بهدف إيصال ما تصبوا اليه من فكرة ان الضفة الغربية ارض متنازع عليها وليست فلسطينية كما تقول الحقيقة والشرائع الدولية، مثلما يعكس أيضا ضعفنا في الترويج لروايتنا خاصة في ظل تراجع التعاطف والدعم العربي والعالمي لقضيتنا.
اسرائيل واكبت سياستها بخطاب اعلامي متغير فتمكنت من هزيمة روايتنا في كثير من المحافل وتمكنت معها من تغيير النظرة اليها سواء العربية او العالمية اما نحن فبقي خطابنا ثابتا وهنا اذكر ان صحفيا صديقا كان يجري المقابلة مع مسؤولين لدينا ويطرح عليهم جملة من الاسئلة فيستخدم اجابة واحدة منها في تقريره لذلك اليوم ثم يعود للمقابلة ربما بعد اشهر اذا ما تعسر عليه ايجاد من يقابله فياخذ من هذه المقابلة مقطعا او اجابة اخرى ويضعها في تقريره الجديد وكانت تصلح بالفعل فالمسؤول بقي مسؤولا، وهو يخلد في بلادنا الا اذا عارض او حاول الخروج عن عصا الطاعة، والتصريحات والمواقف بقيت ثابتة حتى وان اوغلت اسرائيل في عدوانها على الشعب والقضية وهو ايضا ما اثبته زميل اخر قبل ايام عندما نشر على صفحته في الفيسبوك تصريحات لمسؤولين ظلوا يكررونها على مدى خمس سنوات بالكلمة والحرف.
علينا صياغة رؤية جديدة لخطابنا كي نتمكن من إعادة الاعتبار لحضورنا في العالم، ولا اقصد هنا المواقف وقول اللا لواشنطن بما تحمل من أهمية، وانما تجاوز فكرة تعاطف الشعوب تلقائيا مع قضيتنا الى العمل على كشف الخداع الإسرائيلي ليس بالتصريحات الرنانة وانما بوقائع وادلة دامغة، وثانيا بناء تحالفات جديدة يمكن لها ان تؤثر في المعادلة القائمة على اظهار ان إسرائيل المنقذ للعرب من البعبع الايراني.