الثلاثاء: 04/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

الكراهية والوطنية والوطن

نشر بتاريخ: 03/08/2019 ( آخر تحديث: 03/08/2019 الساعة: 12:20 )

الكاتب: عبد الناصر عطا الأعرج

لم يعد لدينا خيار لكي نقاوم الاحتقان الماثل في أوطاننا، سوى أن نقاوم نشر ثقافة الكراهية، تحت أي ذريعة، الكراهية المزيّفة باسم الدين... باسم الوطن... باسم التنظيم ... باسم القبيلة، فيما مضى وفيما هو كائن الآن وفيما سيأتي، فالوطن للجميع والكل قدم وضحى وناضل في وطني، فمن لم يسشهد له إبنا أوأبا أو قريبا، فقد اعتقل أو اعتقل اقرب الناس عليه، ومن لم يضح بروحه فقد ثبت في وطنه وقدم بجهده ما يستطيع لخدمة بلدة ووطنه باستثناء الجواسيس والذي قتل منهم من قتل وهرب منهم من هرب وسيحاسب الله الذي لم يعاقبوا في الدنيا يوم لقاءه .
وكما قال الرئيس الشهيد ياسر عرفات (أن الثورة ليست بندقية ثائر فحسب، بل هي معول فلاح ومشرط طبيب وقلم كاتب وريشة فنان ....)، لذلك كلنا شركاء في الوطن وبدون مزيادات على بعضنا.
أوقفوا هذا التراشق بإسم الوطن والوطنية والدين، واوقفوا من توزيع شهادات الوطنية أو حجبها، وقاوموا زارعي الكراهية قبل أن يُثمر زرعهم بُغضاً...!
جميلٌ أن تحب الشعوب أوطانها، لكن الأجمل أن تحب الشعوب بعضها، وقبيحٌ أن تكره الشعوب بعضها، لكن الأقبح أن تكره الشعوب أوطانها.
لا أتحدث اليوم عن بلدٍ بعينه، ولكن ربما عن ظاهرة عربية موجودة في عمق المجتمع العربي، لكنها تطفو وتظهر على السطح بشكل أكثر وضوحاً في زمن التوترات السياسية والفصائلية. تلك هي التحسس من النقد حين يأتينا من طرف آخر في حين نسمح لأنفسنا ممارسة جلد الذات بمنتهى القبول... بل والمتعة أحياناً، وكما قال الشاعر احمد شوقي
وللأوطان في دم كل حرٌ ... يد سلفت ودين مستحقُ .
الوطنية لا تباع ولا تشترى، نعم الوطنية هي انتماء واعتزاز بالوطن وقابلية للبذل والتضحية، من أجل استقلالة ورقيه.
ان الوطنية...ليست شعارات رنانة..ليست خيانة للأمانة...ليست مجاملات جبانة..
الوطنية...هي أن يعتصر قلبك ألما من كل سلبية في بلدك..وان يعتصر قلبك أملا أن هذه السلبيات تتحول إلى إيجابيات...وينتهي الفساد وتتساوى الحقوق والواجبات ويتحقق العدل والعدالة .
الوطنية...هي ان تتمنى الحياة الكريمة ليس لك ولأسرتك فقط، ولكن لكل فرد من أفراد بلدك بلا استثناء..
الوطنية...هي حرقة في القلب...وحركة في الجوارح ...واشتعال في العقل...من أجل النهوض بكل ذرة تراب في الوطن.
الوطنية..هي تحالف بين الحكومة والمواطنين والتجار والاعلاميين من أجل تحسين الوطن وليس ابقائه على حاله.
إن ترسيخ الوحدة الوطنية أضحى هدفاً مبتغى، وأن توطيد الوعي القائم على الشعور العقلي والمباشر يجب أن يفعل من جميع القوى والمجاميع والأحزاب والتنظيمات، ومن على المنابر ودور العلم وكراسي المناسبات، وليس حب الوطن والتغني بالوطنية سلما للبعض للوصول لنيل المناصب وتقلد المراتب والحصول على الشهرة والأوسمة والمكاسب، وتقسيم الناس إلى وطنيين وغير وطنيين .
أعتقد انني أصبحت على يقين تام، من أن البعض ممن يدعون بالوطنية بصورة متكررة .. يدعونها جزافا ..وتجنيا على الوطنية ..فالبعض صار يدعى وطنيا .. لأنه ظهر في صورة وهو يصافح رجل وطنيا حقيقيا ..وليس وطنيا مزيفا ....فليس كل من ينتمي إلى هذا الوطن وطنيا بكل ما تعنيه الكلمة من المعاني السامية ..
وأختم بما قال الشاعر العراقي معروف الرصافي في بيت شعر ينبغي أن يُكتَب بماء من ذهب:
لا يَخدعنَّك هتافُ القومِ بالوطنِ... فالقوم بالسرّ غيرُ القومِ بالعلنِ .