الثلاثاء: 04/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

وهم الإنفكاك..

نشر بتاريخ: 04/08/2019 ( آخر تحديث: 04/08/2019 الساعة: 11:36 )

الكاتب: رامي مهداوي

حتى لا ندخل في دوامة جديدة تأخذنا الى حيث لا نريد، علينا دراسة خطواتنا خطوة خطوة دون القفز في الهواء ويحدث ما لا يحمد عقباه، التصريحات المختلفة هنا وهناك في موضوع الإنفكاك من الإحتلال لا أجدها جدية حتى أستطيع اقناع عامل فلسطيني داخل الخط الأخضر!!
وهل نحن بحاجة الى انفكاك أم تحرير؟ إنفكاك أم ارتباط؟ وربما نحن بحاجة الى تحرير أولاً ثم ارتباط؟ أو نحن في هذه المرحلة بحاجة الى قلب الطاولة وتغير المعادلة كاملة بتحميل الإحتلال المسؤولية كاملة عن الشعب الخاضع تحت الإحتلال منذ عام 48؛ لهذا عليه أن يتحمل تكليف احتلاله وليس الهروب من التزاماته اتجاه شعبنا.
نحن لا نستطيع الإنفكاك اقتصادياً دون التحرر وتقرير المصير والسيادة الكاملة، لكن نستطيع تقوية وتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد، هذا يتطلب إعادة الاعتبار لقطاعات مختلفة أهمها الزراعة والصناعة والسياحة ودعم ذلك بعدد من الخطط الإستراتيجية والسياسات الهادفة لتحريك عجلة التنمية على سبيل المثال لا الحصر سياسات ضريبية داعمة.
الإنفكاك قبل أن يكون معركة مع الإحتلال يجب أن يكون كفاح مع الذات؛ من أجل تقوية مقومات القطاعات المختلفة وليست فقط الإقتصادية وهناك الكثير مما يمكن عمله لتقويتنا على المستوى الداخلي أولا خصوصاً في ظل حالة الإحباط والهزائم الداخلية الناتجة من عدم وجود برنامج عملي واضح يحقق الأهداف التي نريد بما يضمن اعادة اللحمة والهوية الفلسطينية بعد أن أصبحنا في حالة تيه بسبب تكلُس مكونات النظام السياسي الفلسطيني وأدواته.
ظهور مصطلح الإنفكاك وبالتزامن مع ملامح صفقة القرن الأمريكية يذكرني ذلك بأوهام التنمية التي حاول وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري زراعتها في المنطقة، بعد إعلانه عن خطة تنمية فلسطينية للرباعية الدولية برعاية رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير، حيث تضمنت الخطة التوسع في الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 50%، وخفض معدلات البطالة بنحو الثلثين، وزيادة الأجور بنحو 40% بمجرد توظيف أربعة مليارات دولار أميركية على مدار ثلاث سنوات.
فريق كيري وبلير وقعوا في فخ تناسيهم وعدم رؤية الحقيقة بأننا تحت احتلال!! فتجاهلوا الظروف الاستثمارية المناسبة والملائمة والمتحررة من القيود التي تفرضها إسرائيل، مثل سيطرتها على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية وخاصة الزراعية في مناطق "ج" وما تحتويه من مصادر طبيعية، وكذلك السيادة على المعابر والحدود بالتالي عدم وجودغلاف جمركي ونتبع الغلاف الجمركي الإسرائيلي، والأهم المقصلة التي وضعها المفاوض على عنق الإقتصاد الفلسطيني بإعطاء اتفاق باريس الاقتصادي حق الهيمنة الإسرائيلية الكاملة على الاقتصاد الفلسطيني والتحكم بأنفاسه شهيق وزفير _ استيراد وتصدير!؟
نحن بحاجة الى تفكيك مصطلح الإنفكاك أولاً قبل القيام بأي فعل سيكون له رد فعل عكسي، ثم معرفة أدوات الإنفكاك التي نحتاجها والتي لا نحتاجها، لهذا القضية ليست تشكيل لجنة هنا وفريق عمل هناك، بقدر ما نحن بحاجة على ارادة شعبية للإنعتاق من الاحتلال تبدأ بمقاطعة منتجاته وتنفيذ حملات دولية لمقاطعة منتجات المستوطنات، وخلق بدائل للعُمال العاملين في المستوطنات بإنشاء مشاريع كبيرة برأس مال عربي ودولي، وتجريم ومحاكمة رجال الأعمال الفلسطيينين الذين يستثمرون في المستوطنات، لهذا أقولها وبصوت مرتفع علينا الانفكاك من الإحتلال قبل الانفكاك من اقتصاده.