الثلاثاء: 04/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

رحلتي..

نشر بتاريخ: 05/08/2019 ( آخر تحديث: 05/08/2019 الساعة: 15:14 )

الكاتب: خالد جميل مسمار

في بداية التسعينيات وعندما كنت مسؤولا للاعلام الفلسطيني في الأردن.. اتصل بي المرحوم غسان كمال (أبو فراس) سكرتير الرئيس الرمز أبو عمار قائلا بان الرئيس يريد ان يكلمك وكنت يومها في البيت.. قال الأخ أبو عمار رحمه الله: اريدك ان تتصل بالمهندس ليث شبيلات لمساعدتك في وقف الدم الذي يسيل في غزة، حيث ان اتباع حماس في جامعة الأزهر يستعملون السيوف والجنازير ضد شباب فتح في الجامعة، والمعروف ان الجامعة الاسلامية وجامعة الأزهر متلاصقتان، وكان الأخ أبو عمار قد اعطى جزءا من أرض الأزهر للإخوان كي ينشئوا جامعتهم الاسلامية.
يبدو ان الأخ أبو عمار كان يعتقد ان المهندس ليث شبيلات على صلة وثيقة بالاخوان المسملين في عمان، وفعلا اتصلت بالمهندس ليث شبيلات فأخبرني انه على عكس ما يعتقد أبو عمار حيث انهم لن يقبلوه محكّما، ماذا أفعل؟ .. اتصلت بصديقي الشيخ عبد المنعم أبو زنط وزميلي في مدينة البعوث الاسلامية التي تتبع جامعة الأزهر الشريف في القاهرة حيث كنت أسكن واياه في نفس العمارة وفوجئت من كلامه ان علاقته بقيادة الاخوان في عمان وقيادة حماس في الأردن تشوبها بعض الشوائب!!
فنصحني بالاتصال بالشيخ برجس الحديد (أبو نضال) شيخ الاصلاح البارز في الأردن، وبالفعل بلغت الشيخ برجس تحيات الأخ أبو عمار وأخبرته نيتنا وقف الدم الذي يسيل في غزة.. تشجع الرجل وقال: أبشر سأتصل بك بعد الاتصال بقيادة الأخوان في عمان، وكنت اخبرته ان الأخ أبو عمار قرر تشكيل وفد من حركة فتح برئاسة الأخ أبو اسامة محمد وعضويتي والأخ غازي الحسيني وثلاثتنا كنا اعضاء في المجلس الثوري لحركة فتح المقيمين في عمان.
وطلب مني المرحوم الشيخ عبد المنعم أبو زنط ان أخبر الشيخ برجس الحديد برغبته ان يكون موجودا ضمن الوفد الاخواني للمشاركة في اصلاح ذات البين.
وبالفعل اتصل بي الشيخ أبو نضال وأخبرني انه سيكون في الموعد المحدد الذي اتفق فيه مع الاخوان في مقرهم الكائن قرب المستشفى الاسلامي وانه سيُحضِر معه اثنين ايضا أحدهما كان وزيرا سابقا في الحكومة الأردنية وهو من آل الحديد والثاني رجل اصلاح وعسكري سابق من آل الغبين، علمت انه شارك في معركة الكرامة الخالدة في العام 1968م.
تفاءلت خيرا.. والتقينا في الموعد المحدد نحن كوفد فتح ووفد الشيخ برجس، لكن لم نجد أحدا في استقبالنا.. فتوجهت لمكتب المرحوم الشيخ عبد المنعم أبو زنط، واتضح لنا انه لا يعلم شيئا ولم يخبروه ليكون ضمن وفدهم.
اتضح بعد قليل انهم كانوا مجتمعين في غرفة مغلقة دون مشاركة الشيخ أبو زنط.
بعد السلام.. توجهنا الى غرفة من غرف المبنى واذا بفريقهم يتعدى عدده الخمسة عشر فردا وعلى رأسهم المرشد العام للاخوان في الأردن المرحوم الشيخ عبد الرحمن خليفة، بالاضافة الى الناطق الرسمي باسم حماس المقيم في الأردن المهندس ابراهيم غوشة وعدد من قيادات الاخوان منهم المرحوم زياد أبو غنيمة وآخرون، وانضم اليهم الشيخ أبو زنط، ولكن على مضض منهم كما لاحظت! حيث لم يعطوه أية فرصة لمداخلة منه في هذا المجال.
تحدث الشيخ برجس حديث الوطني الغيور وحديث الأخوّة كذلك الشيخ الغبين الذي أبدى ضرورة التلاحم والوحدة في مواجهة عدو يتربص بنا جميعا.
من جانبنا.. تحدث الأخ أبو اسامة محمد بكلام أخوي هادئ وعرف بوفدنا وهنا التفت اليّ المرحوم عبد الرحمن خليفة متسائلا: ماذا يكون لي جميل مسمار وكان أحد كبار موظفي المساحة في الأردن وخدم في عدة وزارات ومسح جميع اراضي الأردن وفلسطين وحتى الحدود اللبنانية..
تفاءلت خيرا بمعرفته بوالدي.. وقلت في نفسي هذا مدخل حسن لانهاء المشكلة.. ولكني فوجئت اثناء النقاش بانحيازه الكامل الى جانب حماس ويبدو ان تفاؤلي لم يكن في موضعه!
تحدث المهندس ابراهيم غوشة ولكنه للأسف كان يصبّ الزيت على النار وارتفع صوته وشكك في وفدنا اننا بلا صلاحيات وهاجم الأخ أبو عمار وكأن بينهما ثأر! .. فاضطررت لرفع صوتي ايضا واننا هنا ليس من ضعف ونستطيع ردّ الصاع صاعين!
تدخل الشيخ برجس والشيخ الغبين لتهدئة الوضع واتفقنا على اصدار بيان مشترك لانهاء سفك الدم في غزة.
بعد أيام أقيم حفل عشاء في مقر الاخوان المسلمين كعربون صلح وصداقة حضره العديد من الشخصيات الاعتبارية والحزبية في الأردن.
وأرسلتُ تفاصيل ما جرى في تقرير الى قائدنا الرمز الراحل أبو عمار حيث أثنى على مجهوداتنا كوفد فتحاوي مكون من ثلاثة افراد مقابل وفد إخواني كبير بعد ان وصلته انباء مغلوطة عن اجتماعنا كان قد عنّفنا بسببها قبل ان يعرف التفاصيل!
علمتُ فيما بعد ان اللقاءات استمرت بين فتح وحماس في الأردن من خلال الأخ عباس زكي من طرفنا وعضو قيادة حماس في الأردن محمد نزال.
وما زالنا حتى الآن ومنذ التسعينيات "مكانك راوح" بعد الانقلاب الدموي الذي قامت به حماس في غزة في العام 2007!