السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

يسقط الرأي العام

نشر بتاريخ: 06/09/2019 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:11 )

الكاتب: وليد الشيخ


يظن كثيرون أنهم ، باختياراتهم الشخصية وقناعاتهم ، يشكلون آرائهم ومواقفهم تجاه قضايا مختلفة .
في الحقيقة ، لا يعدو الأمر على أن يكون لحاقاً برأي أريد له أن يكون عاماً ، صياغته تمت إما في مكاتب مغلقة ، أو من على منابر ، أو من رأس عشيرة، إعتقد أن إرتداء النظارات كفيل بجعله مثقفاً .
كيف يمكن لمجتمعات قائمة في جوهرها على التمييز ( بين الريف والمدينة والمخيم ، وبين الأغنياء والفقراء ، بين الرجال والنساء ، بين أصحاب السلطة والمعارضين، تمييزا أفقياً وعمودياً ) ، كيف يمكن لمثل تلك المجتمعات، أن تشكل رأيا عاماً تجاه قضية واحدة ؟
يشبه الأمر أيضاً، الموقف مما يسمى "بالحياء العام" ، وكأن الناس تقف على مسطر ة أخلاقية واحدة .
في الحقيقة، نحن كجماعة ، نعيش في مرحلة ما قبل نشوء الدولة، مرحلة العشائر ، والعشائر ( وهذا يحتاج الى تدقيق) ، على ما يبدو من العشرة ، من عاشرناه وعرفناه فهو منا ، ومن لم نعاشره ولم نعرفه فهو غريب عنا ، والواجب يقتضي الحذر منه ، والتوجس بكل ما يجيء به .
أظن أن في صياغة الرأي العام ، ما يعني أيضاً ، إمتلاك مرجعية قيمية واحدة، تقيس عليها الجماعة موقفها من السلوكيات ، وعليه تشكل رأيا ، بالسلب أو الايجاب .
هذا محض وهم ، ولازمة في خطاب أصحاب السلطة في العالم العربي ، الذي يؤكد دائماً – هذا الخطاب - أن ثمة مرجعيات معرفية وقيمية واحدة، ناظمة للعلاقات الاجتماعية ، وتشكل حجر اساس ترتكز عليها تلك المجتمعات.
إن مثل هذا الخطاب ، هو بالذات من قيد العالم العربي ، وساقه نحو كارثة التبعية والفراغ المعرفي ، والجهل الذي إستبد بالحياة العربية، وأخذ رداءا مقدساً، وصار طبيعياً، وتجد من ينظرون له ، ويعلون من شأنه، فيترسخ كحقيقة غير قابلة للرد.
هنا اتحدث فقط عن الرأي العام المتحرك، المتداول، وليس عن الرأي الساكن ، الذي ينمو في الهامش، ويمتد في الشوارع الخلفية، ويظهر على شكل إما ثورات نحو المستقبل، أو تيارات متطرفة تود لو تسحبنا دفعة واحدة لنعيد النظر في دوران الكرة الأرضية.
لا يمكن أن يتشكل رأي عام ، الا للإفراد الذين يستطيعون بداية، ويملكون رأيا خاصاً، غير ذلك ، يكون الرأي الذي يسمى عاماً، محض وهم ، وما هو الا قرار من صاحب سلطة ، يستخدم سطوته ليقود الناس نحو حظائر الطاعة .