الإثنين: 03/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

مشنقة الاعتقال الاداري... طرفان في هذه المعادلة

نشر بتاريخ: 23/09/2019 ( آخر تحديث: 23/09/2019 الساعة: 10:37 )

الكاتب: وليد الهودلي

الطرف الاول هو الذي يتخذ قرار الاعتقال الاداري ،هذا الذي يرى حياة الفلسطيني أصبحت ألعوبة بيده ، فيعطي صلاحيات كاملة لضابط مخابرات يتصابى ويتسلى ويتذاكى على المعتقل الفلسطيني وكأنه يمسك حشرة أو يسحق بعوضة ، وصل بهم صلفهم وقادتهم عنجهيتهم إلى أن يتلاعبوا بالفلسطيني وأهله ومستقبله ، قطّعوا أواصر حياته ،يلقي عليه مشنقة الاعتقال الاداري بين الحين والاخر ، ليصبح بائسا لا قيمة لحياته الا نذر يسير حينما يقرر هذا اللاعب أن يرخي له الحبل قليلا ليعيد شده من جديد وليلقي به في زنازينهم اللعينة . هذا الطرف لا يرى لحياة الفلسطيني اية قيمة ولا يقيس الزمن بمقياسه الذي يزن عليه أوزان أوقاتهم ، الفلسطيني عنده لا زمن له ، لا قيمة عنده ان يقضي الفلسطيني في اعتقال اداري سنتين او ثلاثة اوخمسة على مجرد ظنّ يتولّد من ثنايا هوسه الامني ، الفلسطيني عنده أقل بكثير من قطة أو كلب اذ من حق هذا عليه اوقاتا للنزهة ولا بد من ان يراعي مشاعره فلا يضايقه في شيء ، الفلسطيني في نظرهم لا يرتقي الى مستوى هذا الحيوان الاليف لانه يعتبر حيوانا أسودا مقيتا لا يستحق الحياة ولا يستحق اية نظرة انسانية أو لحظة رأفة حيوانية . انه مجرد حشرة مؤذية السحق عليها كثير لانه يتجرع الموت دفعة واحدة ويرتاح بينما الفلسطيني لا بد له ان يتجرع الموت كثيرا ولا بد له ان يكون عبرة لغيره فيريه نجوم الظهر كل يوم على مدار سني الاعتقال الاداري ، هو بمثابة لعنة قائمة دائمة تنذر كل من لا يروق لهم وترهب كل من يقترب من اي توجه لا يروق لمزاجهم الاحتلالي العكر .
الطرف الثاني هو الذي تقع على رأسه هذه العصا وتُمارس عليه عملية السحق التي تقربه من الموت الى أقرب نقطة ولكنها لا تتركه يموت وتحافظ على رمق يبقيه على قيد حياة مريرة بئيسة ، هذا الطرف جريمته انه رفض أن ينسجم مع سياسة الاحتلال ، رفض ان يكون أرنبا في مزرعة أرانب ، أراد ان يكون حرّا كما ولدته أمه وكما هو حال البشر ، لم يطلق النار ولم يقاوم بطرق عنيفة ولكنه اشتبك مع ظلمه رافضا ممانعا غير مستجيب لمغنطة الاحتلال واجراءاته الامنية اللئيمة ، لا يريد بطاقة ال vib ولا يريد ان يفطر على " الشمينت " ويتلذذ على "بوظة اشتراوس" ، يرفض سياسته ولا يقتات على بضائعه كلها من الشمينت الى صفعة القرن .
هذه معادلة الاعتقال الاداري اذا : معادلة ساديّة تتالف من : طرف في اعلى درجات الاستكبار يمارس بلطجته على طرف في اعلى درجات الاستضعاف ، الاول يملك كل اسباب القوة والثاني لا يملك الا قلبه وأمعاءه ، ويريد الطرف الثاني ان ينتصر باسترداد حريته وكرامته بينما يريد الطرف الاول أن يستمر في ممارسة غطرسته وعنجهيته .

ووصلت الان الى مرحلة بالغة الخطورة حيث بلغ عدد ايام الاضراب ما يزيد عن الشهرين ، اصبحت تنذر بالخطر الشديد وتدعونا لوقفة جادّة ، الامر جد خطير للغاية واسرانا باتوا على حافة الموت ، المعركة لم تكن ترفا او نزهة من بدايتها إذ من المعروف أن الاسير عندما يقرر قتح معركة من هذا النوع فإنه يضع روحه على كفه ويقرر المخاطرة بها ودخول معركة الموت ، يقرر الاقتراب كثيرا من وضع حدّ لحياته وهو يعلم ذلك وما يدفعه هو نفسه العزيزة الكريمة التي تأبى الضيم وأن تسام سوء العذاب ، يابى أن يكون محل انفاذ لساديّتهم المفرطة ، فتكون المعادلة هي الموت ولا المذلة .