الإثنين: 03/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

‏رأفة بالمقدسيين

نشر بتاريخ: 27/09/2019 ( آخر تحديث: 27/09/2019 الساعة: 17:24 )

الكاتب: داوود كتاب

مشكورة الحكومة الأردنية لما عملته بالسماح للمقدسين أن يجددوا جوازات سفرهم في القدس الأمر الذي وفر عليهم صعوبة وتكاليف ومعاناة الوصول إلى عمان وانتظار تجديد الجوازات في العاصمة الأردنية. أيضاً مشكورة حكومة محمد اشتية للقائها نشطاءحملة الكرامة الذين نجحوا في إجبار الاحتلال إبقاء جسر الملك حسين مفتوحاً علىمدار 24 ساعة.لكن رغم تلك الإنجازات المميزة لا يزال هناك العديد من العقبات تواجهالفلسطينيين بشكل عام والمقدسيين بشكل خاص فيما يتعلق بالتنقل عبر الجسور المؤديةالى الأردن والعودة لوطنهم. وبما أن موضوع التسهيلات قد خرج إلى الرأي العام وأصبحيتناوله  المسؤولون في كلا الطرفين، فمنالضروري أن يتم مأسسة ذلك من خلال وضع لجنة أردنية فلسطينية مشتركة لمعالجة كافة الأمورالمتعلقة بالسفر والتنقل بين فلسطين والأردن.فرغم التحسن الملموس في إجراءات السفر بشكل عام  إلا أنه لا يزال هناك العديد من العقبات بعضها منالاحتلال، لكن بعضها الآخر يمكن معالجته من خلال التفاهم الودي بين الطرفينالفلسطيني والأردني.فعلى سبيل المثال إن موضوع فتح الجسور على مدار 24 ساعة ليست صحيحة100%. 

فهناك العديد من الشروط الإسرائيلية لذلك. فمثلا لا يشمل الأمر أيام الجمعةوالسبت (وهي المفضلة للمسافرين) ولا يشمل الأعياد اليهودية علما أن سلطة المطاراتوالمعابر الإسرائيلية الأخرى لا تقلص ساعاتها أيام الجمعة والسبت والأعياداليهودية. كما وعلمنا مؤخراً أن الجانب الإسرائيلي يسمح لسكان الضفة الغربية الاستفادةمن فتح الجسر لخمسة أيام في الأسبوع على مدار الساعة ولا يسمح للمقدسيين الاستفادةمن تلك الميزات. الجانب الأردني الذي يرفض دائما التمييز بين المقدسي وغير المقدسيأصبح الآن ينفذ منع السفر إلى الجانب الآخر. 

برأيي، من الضروري إعلام المسافر أنفتح الجسر 24 ساعة لا يطبق على المقدسيين في الجانب الإسرائيلي، لكن قيام السلطات الأردنيةبمنع المقدسيين السفر بعد الساعة 9 مساءاً يخرج من مسار التحذير ويدخل في مسار تنفيذسياسة تفرق بين الفلسطينيين. من الضروري أن يرفض الجانب الأردني أن يكون طرفا فيهذا التمييز مع أهمية أن يقوم بوضع إعلان بذلك لا أكثر.في هذا المضمار لا بد من إعادة النقاش في التقييدات الأردنية على جسرالشيخ حسين وجسر الملك حسين فيما يتعلق بدخول المقدسيين حاملي جوازات السفر الأردنية.فليس واضحاً سبب إصرار وتشدد الأردن في إجبار المقدسيين السفر فقط عبر جسر الملكحسين في حين أن الطرف الآخر لا يمانع أن يسافر المقدسي إلى الأردن عبر أي معبر منالمعابر الأرضية. وعمليا تسمح الأردن أن يصل المقدسي من مطار اللد، فلماذا تمنعهمن السفر عبر جسر الشيخ حسين وهو معبر دولي مثله مثل المطار؟ ومن الغريب في الأمر أنفلسطينيي ال 48 حاملي جوازات السفر الإسرائيلية يسمح لهم بالتنقل عبر جسر الشيخ حسين بسياراتهم في حين تمنع الأردن (وليس إسرائيل) أن يستخدم المقدسي نفس المعبر بسيارته؟فلو تم السماح للمقدسي عبور الأردن بسيارته لعزز ذلك وخدم السياحة الأردنية.
هناك من يقول أن قرار الأردن بمنع المقدسيين من استخدام جسر الشيخ حسين جاء بسبب طلب من أحد المسؤولين الفلسطينيين الأمر الذي لطالما نفاه الجانبالفلسطيني كان آخره موقف رئيس الوزراء الفلسطيني.
وفي نفس المضمار لا بد من توقف الأردن عن إجبار المقدسيين استخدام التصريح المكلِف جدا لكل سفره والذي تسري صلاحيته  لثلاث سنوات فقط في حين يمكن للمقدسي الخروج منالجانب الإسرائيلي بوثيقة السفر "اللاسيه باسيه" الصالحة لمدة خمس سنواتوالتي يذكر فيها أن حاملها له جواز سفر أردني. فالإصرار على التصريح يرفد الخزينة الإسرائيليةحوالي 20 ألف دينار يومياً وذلك من تكلفة تصاريح المقدسيين دون أن يكون لذلك ضرورة.فما العبرة من السماح للمقدسي السفر بوثيقة اللاسيه باسيه من مطار اللد الى مطارالملكة علياء ومنعه من استخدام نفس الوثيقة عبر المعابر الأرضية.إضافة الى ذلك لا يزال هناك العديد من الأمور التي تستوجب المراجعة.
فمثلا سعر الراكب بباصات الجت من الجانب الأردني إلى الطرف الآخر مرتفعة جداً حيثيدفع الراكب الواحد 4 دنانير لمسافة 3 كيلومتر فقط  دينارين لكل حقيبة. في حين أن القادم من فلسطينيقطع نفس المسافة ويدفع نصف المبلغ علماً أن مستوى المعيشة في فلسطين أعلى منه في الأردن.كما أن هناك حاجة لتخفيض سعر خدمة الVIP  لنقل الراكب بين الجانبين مقابل50 دولار من سكان الضفة الغربية و 100 دولار من سكان القدس. الأمر الأخير في هذا السياقهو فوضى السفر من الجسر الأردني إلى أي مدينة أردنية حيث هناك غياب لتسعيرة معقولةوعدم التزام تاكسي الجسر بالتسعيرة المعلنة مما يسمح لتدخل كبير من السيارات الخصوصيةالتي لا تخضع تحت أي إشراف رسمي.
كل هذه الأمور تهم الفلسطينيين بشكل عام والمقدسيين بشكل خاص وهيبحاجة إلى متابعة مستمرة من ممثلي الحكومتين الأردنية والفلسطينية. إن موضوع التنقل عبر الجسور أمر مهم سياسياً واقتصادياً وسياحياً ويجب أن يتم الاهتمام به على كافة المستويات وأن يتم التعامل معه بليونة وإنسانية نظرا لما له من تأثيركبير على صمود أهلنا في فلسطين عامة وفي القدس بشكل خاص.