الإثنين: 03/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

الابتعاث التخصصي رافعة الانفكاك عن الاحتلال

نشر بتاريخ: 02/10/2019 ( آخر تحديث: 02/10/2019 الساعة: 10:56 )

الكاتب: د. ياسر عبيدالله


ارهقت التحويلات الطبية كاهل موازنة السلطة الوطنية؛ فحين يتم الحديث عن أكثر من مليار شيكل سنوياً تنفق على التحويلات الى إسرائيل والاردن ودول أخرى، يعني ذلك عدم القدرة على الانفكاك عن المحتل. وفي واقع المشافي الفلسطينية نجد الكثير من التخصصات الدقيقة ومنها تخصص جراحة الاعصاب. وإن التخصص الدقيق في أمراض السرطان؛ اما انها غير متوفرة في مشافي الحكومة او ان العدد الموجود لا يفي لكافة الحالات التي تصل الى تلك المشافي. وفي كلا الحالتين فان هذا التخصص وتخصصات أخرى بحاجة الى إعادة النظر في السياسيات الوطنية ذات العلاقة، وفي مقدمتها قضية ابتعاث أطباء على نفقة الدولة ضمن خطة يمتد زمن إنجازها من 5-10 سنوات يكون بعدها قد استكمل الأطباء تخصصاتهم المختلفة وتمت العودة لخدمة الوطن.
إن تذمر المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي يعطي تصوراً ان التحويلات ليست لكافة شرائح، وان أي من التحويلات الى خارج الوطن تحتاج الى من يدعم الموافقة على التحويلة، إضافة الى البيروقراطية المتشددة التي تعيق الحصول على تلك التحويلات في وقت اللازم الذي يحتاجه المريض؛ الامر الذي يؤدي الى وقوع ضحايا أبرياء قد تصل الى الوفاة في بعضها.
الابتعاث رافعة الانفكاك؛ الابتعاث الذي يتضمن كافة مجالات الحياة: الابتعاث في التخصصات الطبية، التخصصات التكنولوجية، التخصصات الزراعية، التخصصات الصناعية، والأبحاث والدراسات، أي ان يتم الابتعاث وفق خطة وطنية شاملة تنسجم مع طرح فكرة الانفكاك عن الاحتلال، وهذا يتطلب إعادة النظر في القوانين والأنظمة واللوائح في الوزرات التي تعيق عمليات الابتعاث والعمل على تشريع قوانين جديد تحفز الشباب على التخصص.
لمن لا يعرف فأن الطبيب حتى يتمكن من التخصص في أي مجال من مجالات الطب يحتاج من (4-6) سنوات على الأقل، وفي حال رغب الاستكمال في تخصص دقيق يحتاج الى 3-5 سنوات إضافية، وبهذا فأن أي طبيب حتى يتخصص يكون تجاوز عمره الثلاثين عاما؛ الا انه سن ملائم للاستثمار في تخصصه لمدة لا تقل عن ثلاثين عاما وهي فترة زمنية اعتقد انها في حال تم السيطرة على تخصص واحدة واستكمال تأهيل الكادر الطبي المتخصص والبنية التحتية للتخصص فأن السلطة توفر أكثر مما تدفعه على التحويلات في الخارج حاليا ً.
الانفكاك عن الاحتلال لا يعني الانفكاك الاقتصادي وحسب، بل يجب ان يكون انفكاكاً مطلقاً وفي كافة مجالات الحياة: الاقتصادية، البيئة، الزراعية، الصناعية، الصحية. وهذا يحتاج الى وضع خطة تشمل كافة القطاعات بحث يتم استثمار الكوادر المتوفرة وتأهيل كوادر قادرة على قيادة المرحلة القادمة وهي مرحلة الانفكاك عن الاحتلال والاستقلال التام.
إن الانفكاك والابتعاث رئتان لقلب واحد هو الوطن بكافة شرائحه ولكافة المناطق على ارض فلسطين، وإن العبء الذي تتحمله موازنة السلطة بسبب عدم توفر أطباء متخصصين وخبراء في المجالات الأخرى، يمكن التخلص منه وفق خطة وطنية شاملة تضمن سد الثغرات في كافة القطاعات التي تفتقد الى التخصص وفي مقدمتها القطاع الصحي الذي يحمل خزينة الدولة العبء المالي الأكبر، وهو ما يمكن من التحول من الاعتماد على التحويلات الخارجية الى الاستثمار في العقول الشابة، الامر الذي يؤدي الى رفد موازنة السطلة بالدخل الإضافي بدلا من تحملها العبء المالي على تقديم الخدمات.
وتبقى قضية الانفكاك التي تسير برئة واحدة عاجزة تماما عن الانفكاك عن الاحتلال ان بقينا نراوح مكاننا ونعتمد على الاحتلال ودول أخرى في توفير الخدمات للموطن الفلسطيني، وهو ما يستدعي الارادة السياسية المرتبطة بالإرادة الشعبية الوطنية القادرة على الانفكاك والقادرة على وضع خطة شاملة للابتعاث في كافة التخصصات التي تحتاجها عملية التنمية رافعة الانفكاك عن الاحتلال.