نشر بتاريخ: 05/10/2019 ( آخر تحديث: 05/10/2019 الساعة: 20:09 )
الكاتب: وليد الشيخ
صعدت إمرأة ملفوفة بالبياض ، البياض الذي لأول مرة يبدو حياً ، عنيداً ومقاتلاً ، رافعة صوتها العذب، بإيقاع فقير ، لكنه موجز وذكي . ومع صوتها ، صارت الثورة السودانية أكثر قرباً وأشد أثراً ، وعادت الثورة الى طزاجتها وبرائتها الاولى ، بإعتبارها فعل تحريض إنثوي باسل، يصعد عتبات الحرية العالية.
ينتصر السودان، متذكراً مقاتليه، وممجداً على لسان الكنداكة (عبد الفضيل الماظ ) ، الذي قاد ثورة عسكرية ، من مئة مقاتل ، ضد جيش الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس. كما نتذكر - نحن الآن - عبدالخالق محجوب ورفاقه الذين مضوا مطلع السبعينيات من أجل سودان حر وديمقراطي .
لم ترافق الثورة التي إجتاحت شوارع مدن وبلدات السودان، بيانات من مثقفين عرب أو أحزاب ، تدعم وتآزر . إكتفى الجميع (الغالبية على الأقل)، بمتابعة الخبر الذي يجيء في المرتبة الثانية أو الثالثة في نشرات أخبار الفضائيات العربية.
فيما كان السودان، البلد العظيم بشعبه، يحفر على صخر التاريخ الصلد، إنتصارات متتالية، ودروساً في الوعي السياسي ، وفي معنى المثابرة ، والثقة بأن الشعب صاحب السلطات وسيدها.
كل يوم منذ الثورة السودانية ، أتذكر الرفيق يحيي ، الذي جاورني في موسكو ، وهو يردد أشعاراً تتنبأ بالثورة ، وأغنيات تمجد الشعب ، وإيمان مطلق بأن ثمة إنتصار "تاريخي" سيأتي ، وأن السودان والشعوب العربية كلها ، ستذهب تحت راية واحدة نحو المستقبل المضيئ، كما كان يحب أن يقول ، وكان يراها راية حمراء.
كنت أنظر الى أخبار السودان على شاشة التلفزيون علني المحه في احدى المظاهرات ، وحين عجزت ، صرت أراه في وجوه السودانيين كلهم الذي يتظاهرون في الشارع.
يحق الآن أيضاً ، للبنى حسين ، التي إنتصرت على الجلادين، الذين طاردوا "بنطلوناً باعتباره تهديداً قومياً . يحق للفتاتين الصغيرتين ( 16) عاما و (18 ) عاما أن ترفعا شارة النصر في وجه محكمة ولاية الجزيرة الظالمة التي أمرت بجلدهما بسبب "البنطلون" أيضاً، ونفذ الحكم المخزي في الشارع .
إن أي نظام يخاف من " بنطلون " بنت صغيرة لا يمكن له أن يعيش.