نشر بتاريخ: 18/10/2019 ( آخر تحديث: 18/10/2019 الساعة: 17:20 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
لبنان بلد مشبع بالطائفية لدرجة لا يمكن إحتمالها . وهي طائفية مفتعلة ويجري تهويلها رغم أنها ليست قدرا على هذا البلد . وفي جميع المجتمعات الإنسانية والعربية يوجد طوائف ومذاهب ومشارب فكرية أشد وأقوى ولكنها لم تقف عائقا أمام بناء المجتمعات وتحريك عجلة الاقتصاد والتنمية المستدامة .
ورغم محاولة قنوات الاعلام " السخيف " تقديم لبنان بإعتباره مجرد منتجع للطرب والأغاني والموضة والضحك فقط ، الا أن وجع المواطن اللبناني صار أكبر من أن يحتمله خزّان الصبر العميق . وعلى هذه الارضية دخل الفساد إلى مفاصل الدولة من بوابات الطائفية لينتج عنها ( دولة فاشلة ) ، ومتخلفة لا تليق بشعب مثقف وقوي وصاحب تجربة مثل شعب لبنان .
أداء الاحزاب السياسية والرموز الوطنية كان أحد أبرز أسباب الفشل القائم . فقد بحثوا عن حلول سهلة وسريعة . وحصلوا عليها وتغاضوا عن خسائر إستراتيجية هائلة مقابل اللهاث وراء الحلول السريعة .
تحويل المجتمع اللبناني الى مجتمع مستهلك ، يذكرنا بتجربة إنهيار اليونان قبل سنوات .. وكانت توصيات البنك الدولي وتوصيات الاتحاد الاوروبي لليونان واضحة ويمكن العودة اليها ، ومنها :
- نظام حكم رشيد .
- التخلص من النزعات الاستهلاكية والتبذير .
- توزيع الثروات لصالح صغار المنتجين .
- ضبط الاحتتكارات وإخضاعها .
قبل أشهر بدأ اللاجئون الفلسطينيون تظاهرات كبيرة وواسعة في لبنان ضد الظلم والفساد الإداري في حكومة ووزارات هذا البلد العربي العزيز . ولكن منظمة التحرير سارعت وأرسلت الوفود لإخماد هذه الانتفاضة دون تقديم أية حلول عادلة .
ولكن هذا التدليس وإخفاء الغضب لم ينطل على المواطنين اللبنانيين الذين أصبحت ظهورهم الى البحر . ومع أزمة الاتصالات والسولولير ، إنفجرت إزمة مطامر النفايات ، وبعدها إنهيار الليرة اللبنانية وسيطرة الدولار المتوحشة على السوق المحلي ، مع غياب حلول وخطط الحكومة وغياب الحكم الرشيد ، جرى فضح وكشف وهن البنية التحتية وقد شاهدنا خلال موسم الشتاء الماضي كيف غرقت بيروت بالمياه .
لا يوجد حلول سهلة ، ولا يوجد حلول ترضي جميع " زعماء " و " وأمراء الطوائف " الذين صاروا أصحاب كارتيلات واحتكارات تقتل اقتصاد البلد . ولا يوجد حلول سريعة . ولا يوجد اتفاق " بوس اللحى " و " كرمال عيونك " .
لبنان ينضم الى قائمة الدول العربية الفاشلة إقتصاديا وإداريا . مثل السودان وليبيا والعراق وفلسطين وغيرها .
ملاحظة قاسية : لم يزعجني ان أرى اللاجئين الفلسطينيين يقفون طوابيرا أمام السفارة الكندية طلبا للهجرة بل شجّعتهم على ذلك . وقلت حينها إن هجرة كندا أخف وطأة وأذى على الفلسطينيين من هجرتهم للدول العربية دون استثناء .
الفلسطيني الذي هاجر الى أمريكا وكندا وامريكا اللاتينية والكاريبي وأوروبا واستراليا حصل عل ى الجنسية والضمان الاجتماعي والصحي ، وحصل على العمل فورا بل وأصبح عضو برلمان ورئيس دولة ورجل أعمال او بروفيسور في أهم جامعات العالم ، وحتى الذين لم يحملوا شهادة الثانوية العامة وهاجروا الى هناك ، واصلوا التحصيل العلمي وحملوا جوازات سفر تلك البلدان ويدخلون الى العواصم العربية الاّن وهم مرفوعي الرأس .
أمّا الفلسطيني الذي كان يحمل شهادة دكتوراة في الفيزياء وهاجر الى الخليج العربي وباقي الدول العربية . فقد خسر حياته ومستقبل أولاده وظلّ فقيرا معدما محبطا ومستغلا من ( الكفيل الذي يستعبده ويحتجز جواز سفره ) ومن أجهزة المخابرات العربية .
حمى الله لبنان .. ويا ليتنا لم نهاجر الى الدول العربية أبدا أبدا .. صفقة خاسرة وصفحة سوداء في تاريخنا .