الإثنين: 03/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

حجب المواقع الالكترونية.. تسجيل هدف ذاتي في فريق الوطنية الفلسطينية

نشر بتاريخ: 23/10/2019 ( آخر تحديث: 23/10/2019 الساعة: 16:52 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

قمع الرأي أو الفكرة أو قتلهما، أثبت فشله في كل مكان في العالم حتى في الجزء الديكتاتوري منه، وذلك لان قتل الفكرة أو الرأي لا يفنيهما وانما يفرخ افكار واراء عادة ما تكون اكثر ضررا على القاتل، وذلك كون فعل القتل في هذه الحاله يفسر على انه اعتراف القاتل بالهزيمة.
في المجتمعات المتحضره يتم محاربة الافكار الهدامه ان جاز لنا هذا التعبير باطلاق العنان لافكار اخرى اكثر صوابيه و واكثر شفافيه واكثر واقعيه من اجل الوصول الى عقول المستهدفين واقناعهم بصوابية هذه الافكار وبالتالي تفرض الافكار الصائبه نفسها ومن ثم يتم تحصينها وحمايتها من قبل هؤلاء المستهدفين والذين هم عادة ما يكونون عامة القوم الذين هم كثيرا ما يصدقون كل ما يدغدغ عواطفهم فيما ما يُكال لمن يعتقدون انه سبب بلائهم.
وهذه في نظري واحده من مهام المفكرين والنخب الوطنيه الغيوره على الوطن كونها القادرة على الفرز والتمييز ما بين الغث والسمين فيما تتناقله الاخبار والمواقع التي اصبح عددها اكثر من عدد القراء.
ما حدى بي للخوض في هذه المقدمه هو القرار الذي اصدرته محكمة صلح رام الله بحجب 59 موقع الكتروني في فلسطين بناء على طلب من النائب العام وهو الامر الذي ارى انه يتعارض مع قناعة اعلى سلطه منتخبه في فلسطين في ما يتعلق باحترام حرية الراي وهو سيادة الرئيس الذي ادخل ايضا دولة فلسطيين في اتفاقيات دوليه تهدف لحماية حقوق الانسان واساسها احترام الراي والراي الاخر، الرئيس الذي عُرف عنه ايضا احترامه لما يلتزم به سواء اكان وعدا شفويا ام اتفاقا مكتوبا وهذا ما خلق فارقا اخلاقيا كبيرا بينه وبين عدوه الحقيقي والوحيد الا وهو الاحتلال الصهيوني والقائمين عليه وتحديدا النتن ياهو الذي خر مؤخرا صريعا بسبب افلاسه الاخلاقي وامتهانه لصناعة الكذب.وعليه نقول بان القرار المذكور جاء بمثابة تسجيل هدف ذاتي في فريق الوطنيه الفلسطينيه التي يجسدها سيادة الرئيس.
وفي نفس السياق ارى ان قرار اي محكمه وحتى يكون عادلا لا بد وان يستمع للطرفين وللشهود وانا في حالتي اوظف مقالي ليس طرفا وانما شاهدا على حادثة الحجب للمواقع المذكوره وعليه فلن اكون في موقع اصدار حكم الا انني كشاهد لن استطيع ان اكون محايدا في شهادتي كذلك وذلك لكوني من المدافعين الشرسين عن احترام الراي والراي الاخر كما كنت شرسا في الراي ضد مشروع استمرار حالة الامر الواقع اوالستاتس كو التي يفرضها علينا عدونا الاساس والاول الا وهو الاحتلال كونه المستفيد الاكبر من استمرار هذا المشروع مما يؤكد على ضرورة ان لا يكون لاي وطني فلسطيني او نخبوي اي تناقض مع اي كان سوى هذا الاحتلال وطبعا وكلائه من الفاسدين.
حجب 59 موقع احدهما مكرر يعني 58 موقع لاسباب من الواضح انها سياسيه كون هذه المواقع وبالقطع ليست اباحيه او ارهابيه وبالرغم من اني قاريء مثابر ومتابع اقر بانني كما الكثيرين غيري لا ادخل الى اي من هذه المواقع كوني اكتفي بقراءة المكتوب من عنوانه، عدى موقع واحد ادخله والسبب في ذلك هو حب الاختلاف في الراي لاني استمد من الاختلاف في الراي مع الاخرين طاقه تمكني من البحث ودون كلل عن الحقيقه لعلي بذلك اشعل شمعه في طريق من فقدو البصيره سواء من من البسطاء الذين عادة ما يجدون في هكذا مواقع ملاذا بوهم انهم يجدون فيها ضالتهم من اجل تخدير الامهم وعذاباتهم التي يعتقدون ان من تشتمه هذه المواقع هو المسبب لهذه العذابات، دون ادراك من ان اصحاب هذه المواقع هم من الذين باعو ضمائرهم مقابل اطماع شخصيه سياسيه وماليه خدمة لحهات غير وطنيه من الفقراء الذين لا يملكون سوى المال، اضافة الى ان البعض الاخر يمتهنون الكذب والافتراء لجذب اكبر عدد من الداخلين على هذه المواقع لكسب الاعلانات مدفوعة الثمن.
ما سبق يعيد لي الذاكره بحادثه رويتها بهدف التندر ولكنها ذات قيمه في سياق ما نحن بصدده وهي ان شخصا مر بي وهو في طريقه الى المطار لقضاء اسبوعين مع عائلته وكان بيده كتاب وطلب مني ان اقرأه ان اردت ولكن ان احفظه له امانه لغاية ان يعود والكتاب كان اسمه ايات شيطانيه للكاتب الايراني المعارض سلمان رشدي ولم اكن في حينه كنت قد سمعت بهذا الاسم . ولكن ومن باب الفضول قلبت في الكتاب لعدة دقائق ووجدته ينضح سخافة فرميته في درج المكتب الى ان عاد صاحبي واسترد امانته ولم يمض سوى يومين بعد ذلك حتى اصبح الكتاب حديث الاعلام البريطاني حيث كنت وذلك بسبب اصدار فتوى من الراحل الخميني باهدار دم الكاتب . عدت لصاحبي ورجوته ان يسلفني الكتاب ولكنه رفض عقابا لي بعد ان تركه عندي لمدة اسبوعين .طبعا ما زلت اقر بسخافة ما ورد في الكتاب المذكور واياته الشيطانيه الذي لسنا بصدد تشريحه ولكن بصدد ما حاز عليه الكاتب والكتاب من شهره جعلت منه مليونيرا وصاحب هيبه لا يتحرك الابحراسات على حساب الدوله والسبب كل ذلك الفتوى الخاطئه التي اصدرها الخميني رحمه الله والتي لولاها لما سمع اي كان لا في الكاتب ولا في الكتاب.
اعتقد ان ما سبق سرده يؤكد على ان المواقع التي تم حجبها سيكون مصيرها او البعض منها تماما كمصير الكتاب المذكور ومؤلفه من حيث الشهره التي لم تكن معظم هذه المواقع تحلم بها علما بانها لو تركت دون ذكر لكان مصير الكثير منها كورق الخريف اضافة الى ان قرار الحجب هذا سينعكس سلبا على الصوره الحضاريه المتقدمه التي اصبحت فلسطيين تفرض فيها نفسها على خارطة العالم في مجال احترام الراي والراي الاخر كمعول اساسي من معاول بناء الديمقراطيه في دولة فلسطين التي ننشدها.
الاحترام الكبير الذي اكنه للقضاء الفلسطيني يشجعني على القول بان قرار حجب المواقع لا بد اونه قد خفض من سقف توقعات المستهدفين من قبل المواقع المذكوره. وذلك لان المستهدفين بحاجه لمعرفة فيما اذا كان ما تنشره هذه المواقع حقيقة ام كذب ومحاسبتها او مكافئتها من قبل قضائنا المستقل والعادل لا ان يُحكم عليها بالموت وخصوصا في ملف الفساد الذي يعتبر شئنا ام ابينا وجه اخر للاحتلال كون الفساد هو السوس الذي ينخر في عظم مشروعنا الوطني.