بعد 9 شهور على حكومة إشتية .. الأمل بالإنتعاش الاقتصادي
نشر بتاريخ: 09/12/2019 ( آخر تحديث: 09/12/2019 الساعة: 15:08 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
قبل تسعة شهور بالضبط جرى تكليف خبير الاقتصاد الفلسطيني د. محمد إشتية برئاسة الحكومة الحالية . ورغم أن تكليف الرئاسة له تضمن أربعة أهداف عامة ، الا أن الجمهور الفلسطيني في جميع اماكن تواجده وضع اهدافا خاصة به ورفع سقف التوقعات منه باتجاه الاقتصاد والخروج من حالة التردد والخوف من الاستثمار .
الأهداف التي وردت في كتاب التكليف كانت ( اعادة غزة لحضن الشرعية بكل الوسائل والامكانيات المتاحة - اتخاذ الاجراءات اللازمة لاجراء الانتخابات التشريعية - الدعم المالي والمعنوي لعوائل الشهداء والاسرى والجرحى - تعزيز صمود الشعب في وجه الاحتلال ) .. ولكن الأهداف التي رسمتها جماهير غزة والضفة وجماهير فلسطين في الخارج وهي ( الحكم الرشيد ومكافحة المحسوبية - العدالة الاجتماعية والاقتصادية - الحريات - النماء الاقتصادي ) .
رئيس الوزراء يعرف تماما ، كما يعرف باقي وزراء حكومته بان الأهداف التي رسمها الشعب هي الأدق والأصدق والأهم والأكثر ضرورة .. ولأن الدكتور إشتية لا ينقصه الأدوات لمعرفة مزاج الجمهور وإتجاهات المجتمع فانه يدرك تماما ضرورة مسابقة الأيام لخلق توازن ما بين الأهداف الرسمية السياسية ، وبين الاهداف الشعبية ألأكثر وضوحا وأسهل تنفيذا .
بفضل الوزير حسين الشيخ جرى التخلّص من أزمة الرواتب التي علقنا بها ، وجرى الخروج من دائرة المقاصة التي كادت تحنق الخزينة .. وننتظر الخطط الاقتصادية التي يمكن للجمهور ورب الاسرة والموظف وخريج الجامعة والعامل وصاحب السوق ان يلمسها .
الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال كان شعارا موفقا وحظي بإجماع شعبي ورسمي ، ولكن تنفيذ الخطط البديلة في ظل هذه الظروف يعتبر تحديا ملحميا للدكتور إشتية . لان عليه توثيق الصلات بالاقتصاد العالمي والعربي والبنوك العالمية حتى لا تتحوّل خطة الانفكاك الى قفص نسجن به أنفسنا .
يسجّل للدكتور اشتية ولحكومته الجرأة على اتخاذ القرار ، وبانتظار اّليات مستحدثة لتجنب العقوبات الامريكية والاسرائيلية وانقاذ الاقتصاد الوطني من حالة الارتهان الكامل للاحتلال, لذلك تحاول الحكومة الان الاستعاضة عن السوق الاسرائيلي بالسوق الخارجي. وهي خطوة ذكية ولكن المخاطر فيها عالية.
استنادا لما نشر مؤخرا ( يعمل في السوق المحلية الفلسطينية 16 مصرفاً محلياً ووافداً، تعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة، منها 7 مصارف محلية، منها مصرفين إسلاميين (البنك الإسلامي الفلسطيني، والبنك الإسلامي العربي) وخمسة مصارف تجارية، و 9 مصارف وافدة، منها 7 بنوك أردنية، وبنك بريطاني وبنك مصري) .
(وبلغت ودائع العملاء لدى فروع البنوك في محافظة بيت لحم، نحو 677.8 مليون دولار أمريكي، فيما بلغت الودائع في بيت جالا قرابة 19.4 مليون دولار أمريكي، وفق أرقام سلطة النقد الفلسطينية ) .
هذه الارقام لا تكفي .. ولا تعكس صورة حقيقية عن السوق الفلسطيني ، وانما تعكس صورة واحدة عن حالة الادخار لدى طبقة الأغنياء داخل الارض المحتلة من دون القدس .. هناك رجال اعمال فلسطينيين أصحاب مليارات ، ولا تظهر ارقام سلطة النقد أين هي اموالهم وفي أية بنوك ! هل هي في بنوك اسرائيلية في القدس ؟ ام بنوك عربية ؟ أم بنوك اجنبية ؟
الرأسمال الفلسطيني في الخارج " انتهازي وبلا مشاعر " . ويخاف من الاستثمار في الارض المحتلة ، وغالبا يتذرع بحجة ( فساد السلطة ) ليحمي استمثاراته في الخارج ويبقيها بعيدة . واذا كان الامر كذلك فان السلطة غير موجودة في قطاع غزة . لماذا لا يذهبون للاستثمار في قطاع غزة التي لا يوجد بها فساد سلطة !!
جميع رؤساء الوزراء في فلسطين اخطأوا التقدير . ووقعوا في الفخ . واعتقدوا ان محاولاتهم استقطاب رؤوس اموال الأغنياء من الخارج للاستثمار في الارض المحتلة سوف تنجح . والعكس هو الصحيح . لان من اراد القدوم والاستثمار في فلسطين قد نجح وربح كثيرا ، ولكنهم لا يريدون ويتذرّعون كيفما أرادوا .
هم الذين يحتاجون الى السلطة دائما وفي كل شئ, وهم الذين يستثمرون في كل شئ اذا ضمنوا الارباح .
نصيحة للحكومة ان تقوم بالاعتناء برجال الاعمال في داخل فلسطين ، وأن تخفّف الأعباء عن المصانع الصغيرة والمتوسطة لأنها هي الاقتصاد الحقيقي للسلطة وللمجتمع الفلسطيني .
وبعد تسعة شهور حان الوقت للحكومة ان تترجم رؤيتها الى خطوات عملية ، بعيدا عن الارقام الخيالية ، وبعيدا عن وهم مليارات الخارج .
فلو ارادوا ان يستثمروا في فلسطين . لن يحتاجوا الى اغراء والى ذرائع .