|
وعي الشباب بين المناهج وثورة الانترنت
نشر بتاريخ: 18/12/2019 ( آخر تحديث: 18/12/2019 الساعة: 12:24 )
الكاتب: ياسر عبيدالله
يشهد العالم ثورة في عالم الانترنت والتكنولوجيا في كافة المجالات التربوية، والاقتصادية، والسياحية، والاجتماعية، والصناعية، والطبية والزراعية. إلا ان قطاع الاتصالات وأساليب الاتصال والتواصل هي الأكثر تسارعا من بين كافة المجالات الأخرى، فلم تعد الحواجز بين الدول وبين الافراد موجودة، ولم تعد اللغة عائقا امام التواصل فقد وفرت التكنولوجيا في مجالات التواصل كل ما يحتاجه الفرد في كل مكان وزمان، الامر الذي استدعى الوقوف امام المناهج التعليمية التي شهدت تطورا وتعديلات كثيرة خلال السنوات الماضية؛ ولا يزال الامر الآن يستدعي المزيد من الفحص والمعالجة في سبيل مواكبة التطورات الحاصلة في مجالات الاتصال والتواصل.
فعلى الصعيد الفلسطيني شهدت المناهج الفلسطينية تحديثا شمل كافة المواد: اللغة العربية واللغة الإنجليزية، والرياضيات والتكنولوجيا والتربية الدينية وكافة الموضوعات الأخرى، وقد أصبحت هذه المناهج تحاكي التطورات الحديثة والتكنولوجيا وفي كافة المجالات؛ الا ان المراجعة الدقيقة، تبين أن مجال الاتصالات والتواصل والامن السيبراني ما زالت بحاجة الى المزيد من التعديلات والاضافات كي نرتقي بالوعي المجتمعي ليكون قادرا على حماية نفسه من الاختراق والتأثيرات الخارجية، التي تحدثها ثورة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. وللحقيقة فلقد وجد في المنهاج الجديد موضوعات تستحق ان يقدم التقدير والشكر لكل من ساهم في تطويرها؛ فحين نجد الطفل في سنة الثامنة يدرس موضوعا تحت اسم " الباحثات الصغيرات " موضحا فيه آليات البحث بما فيها الشبكة العنكبوتية " استخدام محرك “google” ، فإننا نرفع القبعة احتراما وتقديرا لهؤلاء الجنود المجهولين في الوطن، وحين نجد موضوعا آخر يحاكي معاناة الاسرى في السجون الفلسطينية بطريقة تنمي الحس الوطني والانتماء لدى الأطفال، لا نستطيع إلا ان نقول لهؤلاء الجنود التربويين الا كلمة واحدة " ابدعتم " . يبقى ان نسلط الضوء على أهمية الوعي الأمني لدى الطلبة في المدراس والجامعات، ولا يقصد بالوعي الأمني (العمل الاستخباري او العمل الشرطي)، بل المقصود هنا هو الوعي الأمني بقضايا مجتمعية تهم الأبناء في المدارس والجامعات؛ أي انه وفي ظل تنامي استخدام الشباب الفلسطيني لمواقع التواصل الاجتماعي فإن أعداء الوطن يتربصون بهم عبر تلك الشبكة العنكبوتية ويستخدمون كافة الوسائل والسبل لخلق فوضى الوعي لديهم وتشتيت أفكارهم وتشويهها ، فالامن التربوي يعني مراقبة المناهج المدرسية والمساقات الجامعية بما يضمن الحماية الأمنية والتربوية وان لا تترك للاجتهاد ، والامن التربوي يعني " التعلم والتعليم " وليس التعليم فقط ، فلا يعقل ان يصل الشاب الى المرحلة الجامعية دون وعي بمخاطر استخدام الشبكة العنكبوتية، ولا يعقل ان يجلس على مقاعد الدارسة في الجامعات وهو يعتقد ان "الخليل هي اخر مدن جنوب فلسطين"، ولا يعقل ان يغيب عن ذهنه ان فلسطين محتلة، وان القدس في خطر، وان المستوطنات ابتلعت الأرض الفلسطينية، ولا يعقل ان يبقى ابناؤنا في الجامعات والمدراس مجرد تلاميذ على مقاعد الدراسة ؛ فهؤلاء هم عصب الامة ومستقبل التحرر والتحرير . لهذا فإن المسؤولية الجمعية تقع على مؤسسات التنشئة الاجتماعية: المدارس والجامعات ومؤسسات الاعلام والأندية الثقافية والرياضية والبلديات واللجان الشعبية في المخيمات ومؤسسات المجتمع المدني؛ أي ان المطلوب هو ان توحد الجهود لخلق حالة من وعي الشباب من التضليل الذي يمارس على الأبناء عبر الشبكة العنكبوتية والفضائيات. وهذا الوعي بحاجة الى إعادة النظر في العملية التعليمية بإرجاعها الى مربع التربية قبل التعليم، ومربع القيم والاخلاق قبل التقدير والعلامات، وبحاجة ان تخصص المدراس والجامعات ما نسبته (20%) من العملية التعليمية للوعي بالقضايا الوطنية والوعي بالمخاطر والتحديات التي تعصف بالقضية الوطنية وتهدد النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي. في النهاية العقل البشري يعني الفكر والتفكير والتفكر، والانترنت تعني الابداع والتميز والامن والتفوق، وبين العقل والانترنت كلمة تحديد مستقبل الشباب الفلسطيني والشباب العربي، كلمة لا يجوز ان تغيب عن اذهان التربويين والأكاديميين فهم من يحمل الأمانة في حماية الأجيال من الضياع، وهي كلمة واحدة: " الاستخدام". الاستخدام الإيجابي للعقل البشري يوازي الاستخدام الإيجابي للإنترنت، وكلاهما يشكل مصدر الوعي الشبابي، ويشكل صمام امان لضمان أجيال من الشباب قادرة على مواجهة التحديات والمخاطر، وقادرة على افشال مخططات الاحتلال الهادفة الى خلق أجيال غير واعية، وأجيال مضللة، وأجيال متصارعة، وأجيال منعزلة عن ذاتها بعيدة عن قيمها الوطنية واخلاقها الثورية. فالاستخدام الإيجابي للعقل وللإنترنت يعني تعزيز الهوية الوطنية، ويعني تحصين البيت الفلسطيني واغلاق الأبواب على الاحتلال، ويعني أجيال قادرة على الصمود والمقاومة بكافة الوسائل، بما فيها المقاومة السيبرانية على مواقع التواصل الاجتماعي. |